وأنا أتابع ما وصلت إليه مبادرة «انثيال» التطوعية بالتعاون مع منصة «إكليل» التي أنجز القائمون عليها ما وعدوا به قبل عام من بداية هذه الفكرة التي كانت حلم المبدعين الشباب، وأصحاب الهمّ الكتابي السردي، شعرت بأنّ الزمن تغيّر كثيراً، وأنّ أنانية المثقفين التي قرأنا عنها في الكتب، وسمعنا بها في العديد من المواقف والأحداث قد أوشكت على الرحيل! ولكي تكون فكرة هذه المقالة واضحة لمن لم يتابع مراحل هذه الفكرة «انثيال» أو يقرأ عن هذه المبادرة الأدبية التطوعية التي وقف عليها مؤسسها القاص والروائي طاهر الزهراني، والتي تقوم فكرتها على العناية بالكتابة الإبداعية، عن طريق الدفع بمن يملك أدوات السرد للكتابة من الشباب، دون الخوض في التنظير الذي يثقل العملية الإبداعية، من أجل الوصول إلى لحظة «انثيال» السرد التي يسعى لها كل من لديه شغف بالكتابة، تقوم هذه المبادرة بمساعدة الأديب على تشكيل عمله السردي، ومن ثم تقييمه، وتحريره، ونشره. وتهدف هذه المبادرة إلى الكشف عن أقلام سردية جديدة، ودفعها لفعل الكتابة بسهولة دون وجل من المبتدى إلى المنتهى. هذه المبادرة لا تكلف المبدع رسوماً مالية، ولكنها تشترط عليه تقديم سيرة ذاتية إبداعية، وأن يقدم نصاً سردياً، وأن تكون لديه فكرة رواية صغيرة «نوفيلا» يعمل عليها أثناء فترة المبادرة، أما المراحل التي تمرّ بها هذه المبادرة فتبدأ باستقبال طلبات القبول، وتقييم المشاركين، والإعلان عن المقبولين، وقراءة المسودات بعد الانتهاء من الكتابة، ثم الإعلان عن المسودات المؤهلة للتحرير، وبعد تحريرها من قبل المشرفين على هذه المبادرة يتمّ الإعلان عن الأعمال المنجزة، ومن ثمّ نشر الأعمال السردية التي تحمل قيمة أدبية، إضافة إلى الترويج لهذه الأعمال المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. أكتب عن هذه المبادرة لأنها أنجزت إلى تاريخ كتابة هذه المقالة طباعة أربعة أعمال سردية، وألفتُ نظر وزارة الثقافة لدينا إلى مثل هذه المبادرة الأدبية التطوعية التي تقدم لها في نسختها الأولى أكثر من (900) مشارك، تم قبول (150) منهم لاستكمالهم الشروط، حيث تمّ تأهيل (30 ) كاتبًا وكاتبة منهم للمشاركة، وقيام هؤلاء الكتّاب خلال الفترة الماضية بالكتابة، وأسفرت هذه الكتابة عن إنجاز (12) عملا سرديا ما بين روايات ومجموعات قصصية، تم تقييمها من قبل محكمين مهتمين بالسرد، وإجازة (5) أعمال روائية منها للنشر، لعلّ وعسى أن تجد مثل هذه الأفكار الخلاقة الدعم والتشجيع والتكريم كذلك لهؤلاء الأدباء المتطوعين الذين أعطوا من وقتهم وجهدهم لهذا العمل الأدبي النبيل دون مقابل.