تنقسم المعالجات الطبية إلى ثلاثة أقسام؛ الأول: يعالج العلة ويؤدي للشفاء التام لأنه يعالج مسبباتها، الثاني: يحاول السيطرة على تداعيات الخلل الذي يحدثه المرض بوظائف الجسد «الأمراض المزمنة»، والثالث: هو فقط مسكنات للآلام الناتجة عن العلة، هذا المثال الطبي ينسحب على كل مجالات الخبرة الإنسانية الخاصة والعامة بالنسبة للتعامل مع المشاكل السياسية والاجتماعية والقانونية والبيروقراطية، والأسلوب الذي يتم اختياره للمعالجة يحدد ما إذا كانت البلد والمنطقة ستزدهر وتصبح حلم كل إنسان بالعالم أو ستنهار بفوضى الحروب والإرهاب والجرائم والمظالم والعنف الأسري وتعثر المشاريع التنموية والتخلف والفساد والتعصب، فكل المشاكل التي واجهت وتواجه العالم العربي والإسلامي واجهتها كل دول العالم المتقدم لكن الفارق بين العالم المتخلف وبين المتقدم هو أن العالم المتقدم يتبنى أسلوب معالجة أسباب العلة بما يصلحها من قوانين وأنظمة وآليات وسياسات ومناهج تعليم وتثقيف عام، بينما العالم المتخلف الفاشل من كل وجه اختار أسلوب محاولة السيطرة على تداعيات أعراض المرض أو الاكتفاء بالمسكنات فقط وتتمثل بالشعارات والديباجات المخدرة للوعي العام، وهذا من جهة ومن جهة أخرى بالنسبة لأصل وجذر العلة بالثقافة السلبية السائدة التي هي سبب ما نراه من سلبيات بواقعنا العام والانهيار والدمار بالعالم العربي والإسلامي فهو الشيطان الداخلي الذي كان قبل الشيطان «إبليس» والذي تسبب بتردي إبليس وهذا الشيطان هو «غرور الأنا/ غرور النفس/الكِبر/ الايجو-«ego» والذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيمن به أدنى قدر منه (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.. الكبر؛ بطر الحق وغمط الناس). مسلم. «بطر الحق»: التكبر على الإقرار بالحق والحقوق. «غمط الناس»: العنجهية تجاه الآخرين. ويمكن رؤية سبب هذه العقوبة القصوى بالنظر لعواقب الانسياق ولو بأقل قدر وراء «غرور الأنا» متمثلة بفوضى المظالم والانهيار والدمار والتخلف بالعالم العربي والإسلامي فكلها ناتجة عن ثقافة «غرور الأنا» والقوانين والأنظمة التي تسوغها كالتي تمنع أن يكون للمرأة ذمة رسمية كاملة مستقلة كالرجل إرضاء ل«غرور الأنا» الذكوري، و«غرور الأنا» هو مركز الطبيعة البدائية الغرائزية اللاواعية المشتركة مع الحيوانات والتي يمكن رؤيتها بسلوك القرد الذكر المهيمن الذي يدق على صدره بعد تغلبه بالصراع مع ذكر مهيمن آخر واستعباده لجماعته وإناثه بترهيبهم بالعنف، وحسب «د. جونثان جلوفر» -متخصص بدراسة أسباب السلوك الإجرامي وعينه الاتحاد الأوروبي رئيسا لهيئة الأبحاث الأخلاقية- فكل المظالم والجرائم سببها تضخم «غرور الأنا» لدى الجاني مما يجعله يتوهم أن له الحق بالتعدي على حدود وحقوق الآخرين. * كاتبة سعودية [email protected]