ما الشيطان الذي كان قبل الشيطان «إبليس» والذي تسبب بغواية إبليس ولعنه وترديه؟ هذا الشيطان هو «غرور الأنا» أو الكبر، والذي قال النبي أنه من كان فيه أدنى درجة منه حرم من دخول الجنة (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.. الكبر بطر الحق وغمط الناس). رواه مسلم وأحمد والترمذي. ومعنى «بطر الحق»: التكبر على قبول الحق. «غمط الناس»: النظرة الدونية لهم. فخطيئة إبليس التي جعلته يتردى بعد أن كان في عداد الملائكة هي عنصريته أي اعتقاده بأفضليته بالعنصر على من هو ليس من عنصره، ودونية من هو ليس من عنصره، والعنصرية بالعموم هي اعتقاد الإنسان بأفضليته على غيره بعنصره سواء أكان عنصر الذكورة أو اللون أو العرق وغيرها ودونية كل من هو ليس من هذا العنصر، مع أنه لا فضل حقيقي لأي إنسان بعنصره لأنه لم يكتسبه، وللأسف إن التراث كرس المنظور العنصري تجاه المرأة حتى باتت دونية عنصرها من المسلمات وجعل التكبر على حقها هو من امتيازات حق الذكر، وتم اعتبار هذا المنظور العنصري الذي حسب الحديث النبوي يحرم من يحمله من الجنة هو منظور الدين الصحيح ومن يحاول تصحيحه هو متغرب ويريد أفساد فضيلة المسلمين وتدمير مجتمعاتهم! لدرجة قتل طالبان للفتيات في باكستان وأفغانستان لذهابهن للمدرسة باعتبار أن إبقاء المرأة في مكانة دونية بإبقائها جاهلة واجب ليبقى المنظور التراثي صحيحا!. ويكفي أن القرآن ذكر أن هناك معيارا واحدا فقط للتفاضل بين الجنسين وهو ليس بالعنصر إنما بالاكتساب وهو «التقوى» والتقوى هو: الوعي الفكري والنفسي الجوهري الروحي المكرس.. (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).