اشتهرت قبائل عربية بكرمها وسخائها عبر العصور، ولم تكن أزمنة ضيق ذات اليد تحول بين قبيلة البقوم وبين إكرام ضيفهم، فمنذ قرون عدة أسس «البقميون» قلعةً «شنقل» لتكون رواية يتناقلها الأجيال عن عناية القبيلة بالضيف والطرقي وابن السبيل ممن يعبرون ديار القبيلة، لتكون مضافة، وأقرب إلى قصر ضيافة. وتعود عمارة قلعة «شنقل» الأثرية إلى 3 قرون، وسميت بقلعة «شنقل» لكونها مفتوحة ولا تغلق أبوابها إلا ليلاً، ووظفت القلعة لتكون حصناً يحول دون وصول الأعداء ويحمي الحدود ويذود عن عاصمة القبيلة (تربة) بقوة السلاح، إضافةً إلى إرسال إشارات الإنذارات في حال استشعار خطر ما، وخصصت بعض مجالس القلعة لإلقاء الدروس وتعليم القراءة والكتابة وفصل الخصومات والقضاء بين الناس وحبس لتأديب «المخالفين لسلوم العرب»، ومأوى لإجارة الدخيل وبها مسجد للجمعة والجماعة وفي جزء منها مخزن أسلحة ومستودع للمؤونة، وتؤكد المصادر أن القلعة ملك لقبيلة البدارا، بناها الشيخ راجح بن منفور البدري. ترتفع القلعة على ربوة بواد اللبط شرق وادي تربة بما يزيد على 1166 مترا عن سطح البحر، وبها 30 غرفة مؤسسة على منحدر ضلع «الصُبُر» بالجهة الشمالية الشرقية لحرة البقوم، وتبلغ مساحة القلعة 3160 مترا مربعا ويصل ارتفاع سورها إلى سبعة أمتار، وخلف القلعة حصن صغير يسمى «المربعة» يتكون من دورين، مخصص للمراقبة وإعطاء الإنذارات بإشعال النار في أعلى الحصن في حالة اقتراب عدو أو لإشعار القبائل القريبة من البقوم بوقوع حدث ما، وللقلعة بوابة واحدة من الجهة الشمالية، ونصفها السفلي مبني من الحجر والنصف العلوي من اللبن وسقفها من أعواد الأثل والسعف وجذوع النخل، وحولها وقعت المواجهة مع جيش عبدالله الأول بن الحسين قبيل معركة تربة التاريخية، وما زالت أنقاض القلعة شاهداً تاريخياً برغم جور عوامل التعرية.