يشير خبراء العلوم الاجتماعية إلى أن 40% من نشاطك اليومي تتحكم فيه عاداتك، مما يعني أن نصف وقت الإنسان تقريباً يتم التصرف فيه بشكل آلي ومن دون تفكير!! كلنا يتذكر كتاب «العادات السبع» ل«ستيفن كوفي» الذي نشر لأول مرة في عام 1989 ولقى رواجاً هائلاً آنذاك، حيث بيعت منه 15 مليون نسخة وترجم إلى 38 لغة ولايزال يتداوله الناس إلى اليوم، وهو ما يعكس أهمية العادات في حياة الإنسان، وقد فوجئت قبل أيام بأن أحد الأصدقاء يسلمني نسخة مغلفة من هذا الكتاب لتسليمها إلى صديق آخر، وهو ما تم هو الآخر بطريقة آلية، رغم أن الكتاب بنسخته الإلكترونية موجود ومتاح على الجهاز. وخارج إطار هذا الكتاب القديم نسبياً، فقد عرّف بعض خبراء العلوم الإنسانية العادات المؤثرة ب«عادات كيستون» التي تنتج عنها العادات المحورية لحياة إنسانية طبيعية وجيدة، ويضع هؤلاء الخبراء التفكير الإيجابي في مقدمة هذه العادات المحورية، باعتبار أن الأفكار تؤدي إلى المشاعر والمشاعر تتحكم آلياً في السلوكيات، فإن كان تفكيرك إيجابياً قادك إلى ممارسات إيجابية تفضي بالضرورة إلى نمط حياة طبيعية وجيدة. والحقيقة أن ما تسمعه أحياناً في المجالس والمناسبات، وما تقرأه في أدوات التواصل الاجتماعي يشير إلى حيز لا يستهان به من التفكير السلبي المتراكم، وإلقاء اللوم على الآخرين وتبرئه الذات، فيما يختلف أصحاب التفكير الإيجابي من حيث عدم ادعاء الويل والثبور بهذه الصورة، وإلقاء اللوم على عواهنه، وبالتالي غالباً ما تجد نمط تفكيرهم وسلوكياتهم مختلفاً هو الآخر، باختلاف قراءاتهم للواقع. الوصفة التي وضعها خبراء العلوم الاجتماعية لتغيير نمط سلوكك السلبي يكمن في تغيير تفكيرك السلبي، وأفضل طريقة لتغيير هذا التفكير المدمر هو أن تبدأ كل يوم شاكراً لشيء ما في الحياة!! عوّد نفسك على تقديم الشكر للآخرين، فالشكر بداية التحول، حيث الامتنان هو البوابة إلى النظرة العقلية الفطرية والسليمة، ومفتاح العاطفة، وبعد أن تمارس هذا التمرين لبضعة أسابيع يبدأ اللاوعي في العمل من خلف الكواليس بحثاً عن مزيد من الفرص التي تجلب السعادة، فاللاوعي -وعلى خلاف ما يعتقد الناس- هو الجزء الأكثر أهمية وتأثيراً في الدماغ الإنساني على ذمة علماء الأعصاب.