تحدث المشكلات الزوجية بين الزوجين لأسباب عدَّة، منها : اختلاف السلوك والمفاهيم ودرجة التعليم، وغيرها من الأسباب الأخرى، وقد تبدأ المشكلة حينها بشكل يُمكن للزوجين معه وأد المُشكلة في مهدها، وبالتالي تجاوز الطرفين للعديد من الآثار السلبية الناتجة عنها، إلاَّ أنَّ انتظار كل طرف مبادرة الطرف الآخر بحل المشكلة تتحكَّم فيه درجة الوعي، وامتلاك كل طرف للأدوات المُناسبة التي تُعينه على اتخاذ هذا القرار بشكل يضمن عدم تطوَّر المُشكلة واتّخاذها أبعاداً أخرى، قد تنتهي بانفصال الطرفين عن بعضهما. وتلعب التنشئة الأُسرية و أسلوب التفكير الذي ينشأ عليه الزوجان دوراً كبيراً في ذلك، إلاَّ أنَّه من المهم هنا أن يمتلك الطرفان قدراً كبيراً من مهارة التفكير المرن بشكل يسمح لهما بترك الأبواب مفتوحة، وخطوط الرجعة مُتاحة في حال حدثت بينهما مشكلة ما، وبالتالي الوصول لاتفاق يقضي بوضع البلسم الشافي اللازم لعلاج المشكلة مهما كان حجمها دون أن يتأثَّرا بآراء الغير، وأن يُدرك كل طرف منهما أنَّه كُلَّما كانت لديه نسبة عالية من المرونة أكثر؛ كانت لديه قُدرةً أكبر على تجاوز الخلافات وعلاج المُشكلات. حواجز عالية وقال "سامي العبدالكريم" :"تبني العديد من الزوجات حواجز عالية بينها وبين زوجها في حال حدوث مشكلةٍ ما مهما كانت بساطتها"، مُضيفاً أنَّ الزوجة تنتظر عادةً أن تكون المبادرة من قبل الزوج، مُوضحاً أنَّ المُشكلة قد تكبر حينها إذا لم يُبادر أي من الطرفين إلى حلها، وكذلك الحال عندما تطول مُدَّة انتظار هذه المُبادرة، مُشيراً إلى أنَّ العديد من الزوجات لا يُحاولن التخفيف من حِدَّة المشكلة، ولا يُبادرن إلى ردم الفجوة التي بنينها دون وجه حق، بل قد يَعمدنَ إلى إطالة المُدَّة التي يمكن خلالها حل المُشكلة، فيجعلنها عالقةً كما هي ليصعب حلَّها بعد ذلك. من المهم امتلاك الطرفين قدراً كبيراً من مهارة التفكير المرن، وأن يتفقا على حل مشكلاتهما بنفسيهما أفكار سلبيَّة وبيَّنت "ريهام السلمان" أنَّ العديد من الزوجات قد يَضعن حداً فاصلاً يضمن عدم حدوث المزيد من الآثار السلبيَّة التي يُتوقع حدوثها في حال نشب خلاف بينهن وبين أزواجهن مهما كانت الأسباب، مُضيفةً أنَّ منهنَّ من تعتبر حدوث أيَّة مُشكلة مهما كان حجمها بمثابة نهاية الحل، وبداية طريق الخلاف والاختلاف الذي تكون نهايته الحتميَّة هي حدوث الطلاق وانفصال الطرفين عن بعضهما البعض، مُوضحةً أنَّ من تُقدِم على ارتكاب هذا السلوك قد تكون تأثِّرت في الأساس بأفكار سلبيِّة نقلها إليها بعض المُقرَّبين منها. كبرياء المرأة وأشار "فهد السماري" إلى أنَّ كبرياء المرأة هو ما يجعلها تقف عند حد معين لا تتنازل عنه عند حدوث مُشكلة بينها وبين شريك حياتها، مُضيفاً أنَّه قد تكون لديها الرغبة في الانفصال، لذا فهي تنتظر أدنى زلَّة منه لتتخذ حينها هذا القرار، مُوضحاً أنَّها قد تتجاهل في سبيل تحقيق ذلك الأيام الجميلة التي جمعتها بزوجها، كما قد لا تعير أطفالها عند ذلك أدنى اهتمام، داعياً الزوجين إلى تحكيم العقل والابتعاد عن تضخيم الأخطاء وعدم التسرُّع في اتخاذ القرار؛ ليتجنبا بذلك هدم قواعد الحياة الزوجيَّة. ولفتت "ابتسام الهبدان" إلى أنَّ الأثر الكبير يقع على نفسيَّة الزوجة في حال طالت مُدَّة اتخاذ قرار المُبادرة بحل المُشكلات الزوجيَّة، مُضيفةً أنَّ المُشكلات التي تحدث بين الزوجين تؤثِّر سلباً على الأبناء، وخاصَّة في حال شعورهم بقرب انفصال أبويهما عن بعضهما، مُشدِّدةً على ضرورة ابتعاد الزوجين عن ما يعكِّر صفو حياتهما الزوجيَّة، وان يحرصا على عدم الوقوع في المُشكلات، وخاصةً أمام الأبناء. تنشئة أُسرية وأوضح "عبدالرحمن بن ساير العواد" - مستشار في الشؤون الاجتماعيَّة- أنَّ التنشئة الأُسرية و أسلوب التفكير الذي ينشأ عليه الزوجان هو من يتحكم في هذه القضية، مُضيفاً أنَّه متى تمَّ تنشئتهما على مهارة التفكير المرن الذي من مميزاته السماح بترك الأبواب مفتوحة، وخطوط العودة سالكة في حال حدوث مشكلة ما بين الطرفين، فإنَّهما في هذه الحالة سيصلان لاتفاق يقضي بوضع البلسم الشافي اللازم لعلاج المشكلة مهما كان حجمها دون أن يحدث الطلاق، مُشيراً إلى أنَّ من تربى على أسلوب التفكير الجامد فإنَّه يعمد إلى غلق الباب في وجه أيَّة فرصة ممكنة للحل، لافتاً إلى أنَّ المجتمع بحاجةٍ ماسَّة إلى تفعيل قانون المرونة النفسيَّة والعقليَّة، مُبيِّناً أنَّ إحدى القواعد التي تساعد على ارتفاع درجة الوعي بين الزوجين، وتُسهم في جعل الخطوط مفتوحة، هي أن يُدرك كل واحد منهما أنَّه كُلَّما كانت لديه نسبة عالية من المرونة أكثر؛ كلَّما كانت لديه قُدرةً أكبر على تجاوز الخلافات وعلاج المُشكلات. وأضاف أنَّ من ينظر إلى أدبيَّات العلوم الإنسانية يجد أنَّ النظرية الاجتماعية المعرفيَّة تعتبر أنَّ الكائن الإنساني هو الفاعل لتطوُّره الشخصي ولتغيُّره، بمعنى إذا لم تنشأ على هذا الأسلوب فيجب أن تتحمل المسؤولية وتتعلَّم هذه المهارة وهذا الأسلوب، وبذلك تكون أنت المسؤول الأول والأخير عن التطوير والتغيُّر الإيجابي في حياتك، مُوضحاً أنَّ هناك عدداً من الأسباب التي تجعل العديد من الأزواج والزوجات يرفضون خط الرجعة، ويجعلون القرار النهائي ضاراً لكلا الطرفين، ومن ذلك عدم إدراكهما أنَّ لهما دوراً كبيراً في إشباع حاجة النسق الأسري، والمُتمثِّلة في الاستقرار والتكامل، إلى جانب ثقافة الزوجين، والتي تُمثِّل نوعاً من اللاوعي المُسيطر على الأزواج، حيث إنَّها مجموعة الأنساق الرمزية كالقيم والتصورات والعادات التي يسبحون فيها من دون وعي لسنوات طويلة، وبالتالي يكون الأزواج تبعا للأنساق الثقافية داخل المجتمع تتحكم بهم وكأنَّهم قوالب وهم مسلوبي الوعي. وأشار إلى أنَّ من بين تلك الأسباب عدم نجاح التربية في المجتمع بأن تجعل من الشخصية نمطاً متميزاً يحسب الآثار والعواقب ويوازن بين الصالح والأصلح، إلى جانب حدوث الصراع بين الزوجين للسيطرة على مساحة أكبر من الحياة الزوجيَّة، حيث يرون أنَّ عدم المرونة وعدم وجود خط الرجعة يُمثلان مصدر قوَّة يجب أن ينفرد به كل طرف ليحصل على موقع ومكانة يرى أنَّه أحقَّ بها من الآخر، وبالتالي يتشدَّد ويتمسَّك بآرائه، حتى لو أدَّى ذلك إلى نهاية العلاقة الزوجيَّة، مُبيِّناً أنَّ ذلك قد يحدث أحياناً بسبب عُقدة النَّقص التي تلعب دوراً مركزياً في تمسُّك الشخصية برأيها والانغلاق الكامل، أو نتيجة وجود تراكمات نفسيَّة وأخطاء متكرِّرة ومشاعر مكبوتة. نتائج سلبية وأكَّد على وجود العديد من النتائج السلبية التي قد تحدث في حال عدم قدرة الزوجين على حل مشكلاتهما الزوجيَّة، ومنها تكوّم المشاعر بحيث تُصبح كتلةً تمنع التفاعل الإيجابي بينهما، إلى جانب دخولهما في محيط العِلل النفسيَّة كالقلق والاكتئاب والكبت، مُشبِّهاً ما يحدث هنا على اعتبار أنَّ كُلَّ مشكلة هي مثل الدائرة المفتوحة – مع أنَّ الدائرة أساساً مُغلقة-، فوجود مشكلة يعني دائرة مفتوحة وعلى قدر تعدُّد المشكلات المفتوحة على قدر تعدُّد هذه الدوائر، مُضيفاً أنَّ لذلك أثره النفسي والجسدي السلبي على الإنسان، مُشيراً إلى أهميَّة عدم ترك هذه الدوائر "المُشكلات" مفتوحة، بل إنَّ على الزوجين إيجاد الأسباب المناسبة لإغلاقها بطريقة تراعي مصالح الطرفين، مُشدِّداً على ضرورة عدم العودة لفتحها مرَّةً أخرى إذا تمَّ إغلاقها. وشدَّد على ضرورة أن يُدرك كلا الزوجين أنَّ الانفعالات - كما ذكر الفيلسوف الفرنسي "داماسيو"- تُعدُّ مُعطلاً للقرارات العقلانيَّة، مُضيفاً أنَّ هناك من الأزواج من يرغب بالعودة إلى الطريق الصحيح، لكن تغلبه انفعالاته فيتشنَّج ويقسو ولا يتنازل، قبل أن يعود نادماً وباحثاً عن طريقة عقلانيَّة، وخطوط رجعة، مُشيراً إلى ضرورة أن يُدركا أنَّهما فاعلان انعكاسيان، وأن يُدركا أنَّهما يتبادلان المصالح، إلى جانب الاعتراف بالآخر وتقبُّله والاقتراب منه، وكذلك تجاوز ما يسمى بالقيد الأبكم للظروف، أيّ عدم قبول فكرة أنَّ الظروف التي تمر بي هي التي تجعلني مُجبراً عليها، وأنَّي لا أستطيع أن أُغيِّر فيها شيئاً، وبالتالي فإنََّ عليَّ الاستسلام دون محاولات للإصلاح، إضافةً إلى الحاجة للمبادرة لإيجاد الحلول، وإدارة الطباع فيما بينهما. ولفت إلى أنَّه من المُهم استيعاب قاعدة "الاختيار أفضل من عدم الاختيار"، التي تُشير إلى أنَّ على الزوجين أن يبتعدا عن تعليق المشكلات، وأنَّها إذا حدثت فلا بُدَّ من عدم تأخير البت فيها وتعليقها؛ لأنَّ هذا يؤدِّي إلى ابتعادهما عن جزيرة السلام الداخلي، التي يجب أن تحتل مراتب متقدمة في مصفوفة القيم لدى كل إنسان، مؤكِّداً على أنَّ مِمَّا يساعد الزوجين على تجاوز مشكلاتهما وعدم تعليقها؛ تفعيل قانون التسامح، وأن يستحضرا حقيقة أنَّ غالبيَّة مُشكلاتهم هي انطباعات نفسيَّة لو تم تمحيصها فإنَّها قد لا تستحق أن تكون مشكلة. الانفعالات تُعطِّل القرارات العقلانيَّة من المهم عدم إثارة المُشكلات أمام الأبناء عبدالرحمن العواد