اشتعلت المواجهات بين قوات الجيش الوطني الليبي وتشكيلات الوفاق عند محور «وادي الربيع» جنوبطرابلس أمس (الإثنين)، فيما تسعى قوات شرق ليبيا بقيادة المشير خليفة حفتر للوصول إلى وسط العاصمة من ناحية مطار مهجور، بعد أن تقدمت بسهولة عبر الصحراء ووصلت إلى مناطق حضرية. وعلّقت سلطات الملاحة الليبية أمس حركة النقل الجوي في مطار معيتيقة، الوحيد الذي يعمل في طرابلس، بعد غارة جوية لم تعرف الجهة التي نفذتها. وتسببت الاشتباكات في نزوح 2200 شخص من ديارهم جنوبي العاصمة، بحسب ما ذكر مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، لافتا إلى أن كثيراً من المدنيين محاصرون ولا يستطيعون الوصول إلى خدمات الطوارئ. وأفاد التقرير الأممي بأن النشر السريع المتزايد للقوات يمكن أن يؤدي إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان. وأضاف أن وكالات الإغاثة لديها ما يكفي من الإمدادات الطبية الطارئة لعلاج ما يصل إلى 210 آلاف شخص والتعامل مع 900 حالة إصابة لمدة 3 أشهر. ودعت منسقة الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في ليبيا أمس، إلى تطبيق هدنة مؤقتة لإتاحة الفرصة لإجلاء المدنيين والجرحى. فيما وصفت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني أمس، الوضع في ليبيا بأنه «مخيف للغاية»، مؤكدة أن الأولوية لتنفيذ الهدنة الإنسانية بالكامل. وقالت إن الأوروبيين موحدون بشأن تفادي التصعيد العسكري والعودة للمسار السياسي. وشددت على أن المسؤولية تقع على عاتق الزعماء الليبيين لتجاوز المصالح الشخصية، وحثتهم على العودة للتفاوض. وقتل 35 شخصا على الأقل منذ بدء معركة تحرير طرابلس من المليشيات، فيما تتكثف الدعوات الدولية لوقف المعارك. وأعلن الجيش الليبي مساء الأحد أنه خسر 14 من مقاتليه. وأخفقت القوى الكبرى ليل الأحد - الإثنين في الاتفاق على موقف مشترك في مجلس الأمن حول ليبيا. وكانت بريطانيا دعت إلى عقد جلسة واقترحت صدور بيان رئاسي يتطلب إجماع الدول الأعضاء، وليس بياناً صحفياً، لكنّ روسيا اعترضت على ذلك، فغاب الإجماع وسقط المقترح البريطاني. وقالت مصادر دبلوماسية إنّ الوفد الروسي، طلب تعديل صيغة البيان لينص على دعوة كل الأطراف الليبية المسلّحة إلى وقف القتال، وليس فقط قوات حفتر. لكنّ الولايات المتّحدة رفضت طلب التعديل الروسي ما أدى إلى سقوط المقترح البريطاني. وجددت روسيا أمس دعوتها لجميع أطراف النزاع إلى التهدئة. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن موسكو تحض جميع الأطراف على نبذ الأعمال التي قد تتسبب بسفك الدماء ومقتل المدنيين. وأكد نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أن موسكو على تواصل مع جميع الأطراف للتوصل إلى حل سياسي. من جهته، أكد المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، أن الجيش ملتزم بكافة القرارات الأممية المتخذة ضد الإرهاب. وأضاف المسماري، في مؤتمر صحفي، أمس (الإثنين)، أن المعارك التي يخوضها الجيش ضد المليشيات الإرهابية في طرابلس هدفها نبيل، وهو تخليص المدنيين من شر الجماعات العسكرية، مشيرا إلى أن الحرب في طرابلس تستهدف بالأساس تنظيم القاعدة. وطالب المسماري مجلس الأمن بضرورة إرسال مندوبين عنه للوقوف على حقيقة ما يحدث داخل مدينة طرابلس، مضيفاً «مطار معتيقة الذي تم قصفه اليوم كان يستخدم في أنشطة إرهابية، وأن القصف جاء لإحباط مخطط لنقل إرهابيين من تركيا إلى طرابلس». وتابع المسماري، أن الجيش حصل على أدلة تثبت تورط الإرهابي عبد الحكيم بلحاج في بيع أرشيف المخابرات الليبية إلى قطر. وفي باريس، نفى مصدر دبلوماسي فرنسي أمس، وجود أي أجندة سرية لبلاده في ليبيا، وأكد أن باريس لا تحاول سراً تقويض عملية السلام في البلاد. وقال إن بلاده لم تتلق إنذاراً مسبقاً بتقدم قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، نحو العاصمة طرابلس. وشدد على أن «الحاجة الملحة في ليبيا هي حماية السكان المدنيين ووضع حد للقتال وإعادة كل الأطراف الليبية الرئيسية إلى طاولة الحوار».