أثار الشاعر دخيل الخليفة الجدل حول شعر المرأة بتغريدة قال فيها إنّ «خشونة القصيدة العمودية لا تناسب المرأة الشاعرة، وإن أجادت بها». وأضاف، أنّ قصيدتي التفعيلة والنثر هما الأقرب لرقتها والتعبير عن مشاعرها مؤكداً أنّ الشكل العمودي رجالي بامتياز!. وأوضح الخليفة أنه تردد كثيراً في كتابة رأيه هذا خشية أن يفهم خطأ «لكنّ المصارحة ضرورية ومن واجبنا جميعا أن نمارسها بعيدا عن المداهنة والتملق والمجاملة». هذا الرأي اتفق معه الناقد والشاعر المصري عبدالله السمطي، الذي أضاف أنه سبق وكتب رأيه هذا من قبل وتمت مهاجمته عليه. وأكد أنه لا يوجد إنجاز حقيقي للمرأة في مجال القصيدة العمودية إلا بعض اللمحات هنا وهناك. فيما اختلف معه في هذا الرأي الدكتور عبدالله السفياني، الذي أكد على أنّ خارطة الإبداع لا علاقة لها بالجنس والجندر فالقدرات النفسية والعقلية متطابقة إلى حد كبير ولكن في كثير من الأحيان هذه القدرات تحكمها دفعا وتثبيطا العوامل الاجتماعية، وهي التي تمكّن لجنس دون آخر أو لفرد دون آخر. وأضاف السفياني أنّ هذه المقولة تحتاج تحليلاً بعيدا عن الانحياز العاطفي (ذكورة/أنوثة)، وأنّ أول طرق التحليل وأقواها هو المساءلة للمقولات التي تأتي على صيغة أحكام، فالخشونة تحتاج لمساءلة ودليل، وكذلك عبارة «لا تصلح»! وأكد السفياني على أنّ الناقد السعودي عبدالله الغذامي من فترة مبكرة أثار هذه الفكرة في تأنيث القصيدة وفي المرأة واللغة وادعى أن قصيدة التفعيلة قصيدة مؤنثة باعتبار أن المرأة/نازك الملائكة هي من صنعتها! وأضاف أنّ الغذامي هنا يؤنث التفعيلة باعتبار الميلاد والنشأة لا باعتبار الخشونة والرقة، وهو اعتبار مؤسس على حجة جيدة وإن كانت خاضعة لجدل تاريخي حول الأولوية وثبوتها. وأوضح السفياني أننا إذا قلنا مع الخليفة بأن القصيدة العمودية خشنة والخشونة لا تناسب الأنثى فنحن بحاجة إلى التدليل على هذه الخشونة!؟ ماهي؟ وكيف تكون؟! واعتبر السفياني كلام الخليفة كلاماً مرسلاً يحتاج إلى استدلال تقوم عليه الحجة»، مضيفاً «ومثله من يقول الرواية جنس أنثوي لأنه يهتم بالتفاصيل ولذلك تبدع فيه المرأة». وأضاف السفياني أنّ الآراء التي نطلقها حول الإبداع تحتاج إلى تفكير في سياقاتها الفكرية واستدلالاتها المنطقية. واستشهد بما وصفه بظاهرة قلة الشاعرات/الشواعر مقارنة بالرجال في الثقافة العالمية والعربية على وجه الخصوص، والأحكام النقدية الشائعة القديمة حول ضعف المرأة في الأداء الشعري وهذه الأحكام كما قال مرت دون تمحيص! أما الشاعر والأكاديمي حاتم الزهراني فقد تساءل ابتداء عن معنى الخشونة وكيف يمكن قياسها؟ وهل الخشونة تخص نظام التفعيلات البيتي؟ أم «خشونة» الممارسة التاريخية لهذا النظام؟ وأضاف أن مجرد فهم تغريدة الخليفة عملية ليست يسيرة تماماً «فالأحكام المرسلة والعبارات المبهمة والتوصيفات التي لا تقاس تصعّب إنتاج نقاش حقيقي حول الموضوع. أضف إلى ذلك أن صياغة التغريدة ربما كان يمكن تخفيف وثوقيتها الظاهرة بعبارات مثل: أتصور، أتوقع، أظن». وأكد الزهراني على أنّ «ممارسة الخليفة وحدها لا تكفي لإثبات أن الحدود التي نضعها بين الأشكال الأدبية لا تصمد أمام جموح الشعرية، بغض النظر عن الضمير الذي تعارفنا عليه لغوياً للإشارة إلى من ينتج هذه الشعرية: هو أو هي». وأضاف أنّ الخطاب العلمي يمكن التداخل معه علميا، أما الانطباعات الشخصية التي تأتي نتيجة لممارسة شعرية طويلة فبسبب قيمتها الفنية العالية يمكن التوسع بشأنها؛ فهي في منزلة بين المنزلتين: الفن بذاتيته الجموح والعلم بموضوعيته المنضبطة ومعاييره للممنوع والمسموح! أمّا المرأة الناقدة أو الشاعرة فقد كان موقفها من رأي الخليفة موجزاً إذ أكدت الدكتوره لمياء باعشن على أنّ «الأنسب للمرأة أن تصمت تماما!»، فيما اكتفت الشاعرة أشجان هندي بعبارة «حتى في الشعر رجالي ونسائي!» أما أستاذة الأدب والنقد في جامعة الأميرة نورة دوش الدوسري فقد قالت إنّ كلام الخليفة «تعميم مكرور ومستهلك»!