في ظل تصاعد التهديدات الأمنية وتراجع الدعم الأمريكي، يجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي، في قمة طارئة ببروكسل، لمناقشة سبل تعزيز قدراتهم الدفاعية. يأتي الاجتماع بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا، مما دفع أوروبا لإعادة تقييم اعتمادها على الحماية الأمريكية، والسعي لتطوير إستراتيجية دفاعية مستقلة. والقمة تشكل اختبارا لقدرة الاتحاد الأوروبي على تجاوز الانقسامات الداخلية، واتخاذ خطوات حاسمة، لتعزيز أمن القارة في ظل غياب الدعم الأمريكي التقليدي. ضغوط أوروبية أثار قرار ترمب وقف الإمدادات العسكرية لأوكرانيا حالة من القلق داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة أن واشنطن كانت تمثل حجر الأساس في دعم كييف. ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الوضع بأنه «خطر واضح يهدد أوروبا على نطاق غير مسبوق». وتركز القمة على كيفية زيادة الميزانيات الدفاعية بسرعة، وتقليل الاعتماد على المظلة الأمنية الأمريكية، وسط انقسامات داخلية حول تمويل هذه الجهود. ويدعو المستشار الألماني المرتقب، فريدريش ميرز، إلى اتخاذ «خطوات كبيرة وسريعة» لتعزيز الدفاع الأوروبي، بينما تسعى حكومته المستقبلية إلى تخفيف قيود الديون من أجل زيادة الإنفاق العسكري. الإنفاق الدفاعي الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، حذر من أن روسيا قد تشن هجوما على دولة أوروبية أخرى بحلول نهاية العقد، مطالبا الدول الأوروبية بزيادة إنفاقها العسكري إلى أكثر من %3 من الناتج المحلي الإجمالي. وتضغط إدارة ترمب على الأوروبيين لرفع الإنفاق إلى 5 %، وهو ما يتجاوز بكثير الحد الأدنى الذي يفرضه حلف شمال الأطلسي (ناتو) عند 2 %. ولمواجهة هذه التحديات، تقترح المفوضية الأوروبية جمع 150 مليار يورو من الأسواق المالية، لإقراض الدول الأعضاء من أجل شراء معدات عسكرية أو إرسالها إلى أوكرانيا. كما تدرس تحرير الأموال من قطاعات أخرى في الميزانية، وتخفيف القواعد المالية، للسماح للدول بزيادة إنفاقها الدفاعي. تعزيز الإنتاج بالتوازي مع الجهود الأوروبية، يبحث القادة سبل تعزيز التعاون مع قطاع التصنيع الدفاعي في أوكرانيا، حيث تعد تكاليف الإنتاج هناك أقل بكثير، مما يتيح توريد المزيد من الأسلحة والذخائر بسرعة. وقد أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بهذه الخطوة، مؤكدا أن بلاده أصبحت «رائدة عالميا في مجال الطائرات المسيرة»، حيث أنتجت أكثر من 1.5 مليون طائرة دون طيار في عام واحد. كما يناقش الزعماء الأوروبيون إمكانية إنشاء قوة، لمراقبة أي اتفاق سلام مستقبلي في أوكرانيا، وهي مبادرة تقودها بريطانيا وفرنسا، وقد تشمل دول أوروبية عدة أخرى. الاتحاد الأوروبي تنعقد القمة في وقت حساس بالنسبة للاتحاد الأوروبي، حيث يواجه انقسامات داخلية بسبب صعود الأحزاب اليمينية المتشددة الموالية لروسيا، فالمجر وسلوفاكيا تعرقلان بعض جهود دعم أوكرانيا، بينما تهدد بودابست باستخدام حق النقض ضد بيان مشترك للقمة. على الجانب الآخر، تسعى دول، مثل بولندا بقيادة رئيس الوزراء دونالد توسك، إلى لعب دور قيادي في دعم كييف، بينما تواجه دول رئيسية، مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، اضطرابات سياسية داخلية، مما يزيد من تعقيد قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات موحدة في هذا الملف الحساس. تحديات غير مسبوقة مع استمرار الحرب في أوكرانيا، والتغيرات في السياسة الأمريكية، تجد أوروبا نفسها أمام تحدٍ غير مسبوق لتأمين مستقبلها الدفاعي. لذلك فإن، قمة الخميس ستكون اختبارا لقدرة الاتحاد على تجاوز الانقسامات، واتخاذ قرارات حاسمة لضمان أمن القارة في ظل غياب الدعم الأمريكي التقليدي.