منتدى العمران الرابع يكرِّم "تلال العقارية" لدعمها القطاع العقاري بالمملكة    البسامي: أمن ضيوف الرحمن ركيزة أساسية عند إعداد الخطط الأمنية    إطلاق أضخم ماراثون للقراءة بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)    بلينكن: اتفاق وقف إطلاق النار في غزة جاهز للتنفيذ إذا قبلت حماس    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تحتضن ملتقى الابتكار    ريتشارليسون جاهز للعودة لصفوف توتنهام أمام أرسنال    مانشستر سيتي يتوصل لاتفاق مبدئي مع البرازيلي الشاب فيتور ريس    المملكة توقع مذكرات تفاهم مع 6 دول لتعزيز الشراكات في قطاع التعدين والمعادن    تشيكل لجنة مركزية للجهات الأمنية بالمنافذ    لافروف: رفض التغيير تسبب في انهيار نظام الأسد    انتهاء التصويت ل"Joy Awards 2025" والاستعداد لإعلان الفائزين في الحفل السبت المقبل    مذكرة تعاون بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية ووزارة الحج والعمرة    جمعية سيل" ماء ونماء" تنفّذ مبادرة سقيا ضيوف الرحمن    محافظ الأحساء يكرّم المتفوقين والمتفوقات من مستفيدي لجنة تراحم بالشرقية    نواف سلام: سنعمل سويّاً لإنقاذ لبنان.. ويداي ممدودتان للجميع    محافظ الأحساء يستقبل المدير الجديد لشركة stc    تعمل بنظامي «الهايبرد والكهربائي».. «أجرة مكة» تدخل حيز التنفيذ    مندوب المملكة لدى الجامعة العربية يستقبل رئيس البرلمان العربي    الربيعة يزور جناح وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج الرابع بمحافظة جدة    في إنجاز طبي سعودي.. ابتكار تقنية طبية متطورة لعلاج أمراض فقرات الرقبة بعد 7 سنوات من التطوير    وزير الخارجية يجري اتصالًا هاتفيًا بوزير الخارجية الجزائري    مقتل 120 في الخرطوم.. البرهان: مستعدون لسلام يحفظ أمن السودان    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع المركز الوطني للرقابة على الإلتزام البيئي    المجموعة الاستشارية للأشخاص ذوي الإعاقة تعقد اجتماعها الثاني للدورة الثانية    الجلسة العُلمائية لمبادرة تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة تُشدِّدُ على الإجماع الإسلامي "قديماً" و"حديثاً" على الحق المشروع للمرأة في التعليم    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لإنجازات وأعمال فرع وزارة التجارة    مركز الأمراض الوراثية والاستقلابية يحصل على الاعتماد كمركز متخصص من الفئة (أ)    أسهم أوروبا تعوض بعض الخسائر مع تراجع عوائد السندات الحكومية    «التعليم»: الفحص الطبي.. شرط لتسجيل المستجدين في «رياض الأطفال» و«الابتدائية»    برئاسة السعودية.. إبراز الهوية على طاولة «إذاعات العرب» في تونس    الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية لمواجهة جدري القردة في سيراليون    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن أربعة مشروعات طبية تطوعية في الكاميرون    استشهاد 12 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي على منزلين جنوب قطاع غزة    استمرار الرياح النشطة مع توقع أمطار خفيفة وضباب على بعض المناطق    17 نصيحة من «المساحة الجيولوجية» لمواجهة مخاطر الزلازل    إنجاز علمي جديد.. «محمية الملك عبدالعزيز الملكية» تنضم للقائمة الخضراء الدولية    مدير تعليم جدة: نتعامل بدقة مع البلاغات الطارئة    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج .. الأمن في خدمة ضيوف الرحمن    بعد انقضاء 16 جولة من دوري" يلو".. نيوم في الصدارة.. والعدالة يواصل المطاردة    " الضوضاء الإعلامية وحارس الفيحاء"    "عدنان حمد" يقود أول حصة تدريبية للعروبة .. والسومة يشارك في التدريبات    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    قرية "إرث".. تجربة تراثية    تطلق وزارة الثقافة مسابقة "عدسة وحرفة" احتفاءً بعام الحرف اليدوية2025    تشوه المعرفة    لا ناقة لي ولا جمل    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    ميزة لإدارة الرسوم المتحركة بمحادثات «واتساب»    "محمية الملك عبدالعزيز الملكية" تنضم إلى القائمة الخضراء الدولية    الملاحة الجوية تحصد جائزتي في الكفاءة التشغيلية وأفضل بنية تحتية للملاحة الجوية في الشرق الأوسط    الصناعة تطلق 15 ممكناً وحافزاً في برنامج "المشغل الاقتصادي"    الهلال يغري نونيز نجم ليفربول براتب ضخم    مقترح للدراسة في رمضان    نزيف ما بعد سن انقطاع الطمث    تناول الحليب يومياً يقي من سرطان القولون    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان أثناء استقبال محافظ الداير له " على عاتقنا مسؤولية الوقوف كدرع منيع لحماية هذا الوطن "    انطلاق دوري الفرسان التطويري بمشاركة 36 فريقاً    «ولي العهد».. الفرقد اللاصف في مراقي المجد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيُّ خبيئة كنت تصنع.. يا فهد؟
نشر في عكاظ يوم 23 - 10 - 2018

من ينعم النظر ويمعن الفكر في الهالة الإنسانية التي عادة ما تكون وراء كوكب دري في مجرة من مجرات الزمان الخالد يدرك أنها تجمعت بكل قواها الاستثنائية وتكثفت حول فهد العبدالكريم الإنسان الراقي الذي أعطى رئاسة التحرير بعدا أخلاقيا لم تستطع رصده مشاعر كل نخب الثقافة وكتاب الرأي والمقالات وهم يحتسون قهوتهم المرة المضمخة بالكآبة والغطرسة والكبرياء المزيف من رئيس تحرير وسيلتهم الإعلامية، ليثبت فهد العبدالكريم أن التحرير في الإعلام هو التحرر من قيود النفس الأمارة بالسوء ولذلك كان دائما في صف الوطن والمواطن ولم يعهد عنه أن أساء استغلال كرسي التحرير لقضية غير أخلاقية البتة، لم يكن مفتونا بالضوء الذي عادة ما يتوافر في أماكن من هذا النوع الفاخر، كان صامتا يمارس الحياة بصمت مذهل وبعبقرية يصدق عليها تعريف الفلاسفة لها بأنها القدرة غير المحدودة على تحمل الألم، كان يعطي درسا من خلال روحه التي حُقَّ أن يقال فيها إننا جميعا نتعلم منها القدرة والتفاؤل والأمل كما كانت العرب تتعلم من الأحنف بن قيس الحلم.
زرته وشعرت أننا جميعا مرضى وهو المتعافي، أننا جميعا في رحم الألم وهو وحده يتنعم بالأمل والبلسم الشافي، كان يضحك وأحسست أن العالم بأسره يبتسم من خلال ثغره المملوء بالكلمات المهذبة والعبارات اللطيفة، وبخاصة أن وسائل الاتصال وقنوات الأخبار مملوءة بأخبار القتل والتشريد والمؤامرات ورائحة البارود وليت العالم نظر في عيون فهد البراقة لأدرك أن النعيم هنا وأن الحكايات الحالمة التي تعطرت بها الغرفة البيضاء تتضاءل أمامها حكايات ألف ليلة وليلة التي سطرت تاريخ الأنس والسعادة في روح البشر، لينسج فهد العبدالكريم حكاية البياض والثلوج والنوافذ التي لم تعد محطمة كما يقول السياسيون، ويزرع بيده الطاهرة أزهار الغاردينيا والياسمين ليثيت أن لهذا الصباح زهرة ملكة الصباح التي تمنحنا الأريج الحالم كما كانت ملكة الليل تنشر أريجها في أرجاء الحديقة الخلفية لهذا العالم.
في طريقه لإجراء عملية استمرت تسع ساعات لم ينس واجباته الإنسانية لأن فهد العبدالكريم يعرف جيدا الفرق بين المسؤولية والصلاحية، فهد الذي لم يكن كرسي رئاسة التحرير يوما سبيلا لممارسة الصلاحيات مع زملائه بل كان مجموعة من المسؤوليات تجاه الوطن والإنسان، في طريقه لغرفة العمليات وهو على كرسيه ممددا يجري اتصالاته لرفع الحاجة عن امرأة مسكينة لم تجد إلا فهدا خير معين، حينما انتهى الجلساء في تلك الغرفة من سرد هذه الحكاية قلت: يا فهد أي خبيئة لك حتى جعلت الناس على مختلف مناصبهم واهتماماتهم يتنفسون من رئتيك ويبحثون عن الظلال الوارفة بين جوانحك وكأنهم بحاجة إلى يدك الطاهرة لتمسح على رؤوسهم بكل هذه الأريحية التي تهطل من سحائبك الكريمة يا كريم، فهد الاستثناء فهد التجربة فهد الإنجاز في أروقة صاحبة الجلالة، فهد الذي كان العالم بكل فراشاته وألوانه وعشاقه وأطفاله كله يقرأ مع أختك منيرة على عش العنكبوت في رأسك المملوء بالهموم على الإنسانية، ليشعر هو بالارتياح وليس أنت أيها المعافى.. لأننا مريضون بك يا فهد باختصار.
قال لي إنه يرتب أوراقه ويحزم احتياجاته للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية هذا الأسبوع ويتحدث بامتنان شديد لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ورجال الدولة الذين أحاطوه بكل هذا الحب، فقلت له أتدري يا فهد لماذا هم هكذا؟ لأنك كنت تحبهم جميعا وكنت تملك ذراعين بحجم الوطن السعودي الأخضر لتطوق بهما كل هذه التضاريس وكل هؤلاء الشعب وهذه القيادة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الأب الحاني للمثقفين والقلب الرحيم للنخب والمفكرين، والذين تستحضر ثقتهم فيك حينما وضعوك على كرسي تحرير جريدة الرياض، ويكفيك فخرا هذه المنزلة التي لم تخنها ولم تغامر بها ولم تفرط بها ولم تكن يوما وسيلتك للطغيان.
يا فهد لا تعتقد أننا جالسون ننتظرك هنا في الرياض لأننا جميعا مسافرون معك ولا تعتقد أننا نتجمهر في المطار لنا لأننا جميعا في معيتك، سنعود جميعا للوطن الأخضر، نعود لياسمين التي ملأت الدنيا تغريدا عليك وكأنها في هتافها الخالد تتلو الآيات التي أعطت سيدنا يعقوب تباشير عودة يوسف بعد كل ذلك التعب وحكايات النار التي صارت بقدرة الله بردا وسلاما على إبراهيم بعد كل ذلك الخذلان وابتهالات يونس في الظلمات التي تكشفت بحول الله عن الأمل والنجاة والسلامة، نعود جميعا لمنيرة وهي لا تزال واقفة عند رأسك تمنحك شعور الأخت الخالدة التي تضاءل أمام إيمانها كل هذه الضوضاء في عش ذلك العنكبوت.
ستعود ونعود يا أستاذ التحرير ويا فخامة الإنسان ويا عبقرية الصابرين لتمارس من جديد مهنة التوجيه والإجازة والتصحيح لزملائك الذين يتباشرون كل يوم بمعافاتك وأنت تمنحهم البلسم والشفاء، وأسأل الله أن يتم عليك الصحة والعافية ويتقبل الدعاء والصلوات بالشفاء الذي لا يغادر سقما، يا رب الناس أذهب الباس واشف أنت الشافي.
* وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.