في أتون الضجيج وسيل «الفبركات» والروايات الكاذبة الجاري حول اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول منذ 10 أيام، أفرجت السلطات القضائية عن القس الأمريكي أندرو برانسون الذي كان محتجزاً بتركيا وأكد محاميه أن موكله في طريق العودة إلى الولاياتالمتحدة، بعدما أخلى القضاء التركي سبيله. وفجأة ومن دون مقدمات، قضت محكمة الجنايات الثانية في ولاية إزمير بإطلاق سراح القس بعد الأخذ في الاعتبار الفترة التي قضاها في السجن، كما أمرت برفع الإقامة الجبرية وحظر السفر عنه. وبهدوء وسلالة، يبدو أن التسوية جرت، فلم يجف بعد حبر «التهديد والعنتريات» التي خطّها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أشهر قليلة، وتأكيده على أن تلويح واشنطن وإدارة ترمب بالتهديد وفرض العقوبات «غير مجدي»، بيد أن المشهد يشي إلى رضوخ وإذعان تركي، ونشوة أمريكية على وقع «أناشيد النصر». وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أمس (الجمعة) عبر حسابه في «تويتر»، «أُفرج للتو عن القس برانسون. سيكون في دياره قريباً». ولفت ترمب في تغريدة سابقة له إلى أنه «بذل جهداً كبيراً» من أجل برانسون، لترد «الرئاسة التركية» -بحسب وكالة الأناضول- بالقول إن تركيا ومحاكمها لا تتلقى تعليمات من أي جهاز أو سلطة أو مرجع أو شخص، مضيفة: «نود تذكير ترمب مجددا أن تركيا دولة قانون ومحاكمها مستقلة«. وأشار موقع RT الروسي، الذي تساءل عن توقيت إخراج القس الأمريكي، إلى أن برانسون خرج بموجب مفاوضات سياسية، لا استنادا إلى أدلة قضائية قاطعة ببراءته، خاصة وأن الحكم حفظ ماء وجه الجانب التركي الذي لطالما أصر على»تطبيق القانون«في وجه الضغط الأمريكي. وكانت محطة»إن.بي.سي نيوز«الأمريكية، قد أكدت أمس الأول (الخميس)، أن الولاياتالمتحدةوتركيا، توصلتا لتسوية لإطلاق سراح برانسون، وإسقاط بعض الاتهامات قبل بدء الجلسة ب 24 ساعة، ما دفع مراقبون لوصف الجلسة ب»المسرحية«. ووفقاً لسكاي نيوز، فإن الجلسة القضائية شهدت تراجع أربعة عن إفاداتهم، وقالوا إنه إما أسيء فهمهم، أو إن ما ذكروه سمعوه في وسائل إعلام، وإنهم ليسوا مصدر هذه الإفادات، حيث قال الشاهد ليفانت كلكان، إنه قد تمت»إساءة فهمه"، وذلك بعدما كان قد شهد في وقت سابق ضد برونسون. وسببت قضية القس الأمريكي أزمة كبيرة بين واشنطن وأنقرة، ما دفع الأولى لفرض عقوبات اقتصادية على الثانية، وعصفت بالاقتصاد التركي ودفعت الليرة إلى فوهة سحيقة من الخسائر التي وصلت إلى 4% من قيمتها منذ بداية العام الجاري. ولا تزال التساؤلات مشتعلة عن توقيت الصفقة، في ضوء ضجيج كبير لقضية اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول، وتغذية وسائل إعلام تركية وقطرية وأبواق الإخوان المسلمين الضجيج بمزيد من الفبركات والروايات الكاذبة طيلة ال 10 أيام الماضية.