أكد رئيس قسم اللغات والترجمة في جامعة الملك خالد الدكتور عبدالله آل ملهي على أهمية الترجمة التي تزداد اليوم في ظل العولمة والرغبة الملحة في إدارة التوحش وتحويله إلى ودّ ووئام. وأضاف في المحاضرة التي نظمتها هيئة الثقافة بالتعاون مع نادي أبها الأدبي تحت عنوان «الترجمة ورفد الثقافة.. رؤى وتطلعات» وشارك فيها إلى جانب آل ملهي مهدية دحماني وأدارتها زهرة آل ظافر، أنّ دور النشر العربية مقصرة تجاه الترجمة فيما يفرض الناشر الغربي رأيه حول ما يتم ترجمته بصورة انتقائية. واستعرض آل ملهي في محاضرته حركة الترجمة على مر التاريخ وتجربته في الترجمة إبان عمله في صحيفة الوطن وأنه كان معنياً بترجمة المقالات واللقاءات وعرض الكتب بالعربية، بصفته هاوياً وليس محترفاً إضافة إلى التحولات التي شهدتها المنطقة بعد أحداث (11) سبتمبر وكيف أصبحت السعودية حديث المواطن الأمريكي ومحورا أساسياً في اهتمامه وبحثه. وأضاف آل ملهي أن اللغة الإنجليزية هي اللغة المهيمنة في الترجمة لأننا نترجم منها أكثر مما نترجم من العربية ونشاهد اليوم أن الترجمة ميدان لكسب الرزق، كما أنه لم يعد للمترجم هامش من الحرية في اختيار ما يترجم بل أصبحت دور النشر تفرض العرض والطلب. واتهم آل ملهي كتاباً غربيين يقرأ لهم ويترجم بعض مقالاتهم ومنهم فريدمان بأنه منحاز لليهود وغير منصف للعرب والسعودية بشكل خاص، فيما وصف روبرت فيسك بأنه كاتب منصف مع اختلافه معه في بعض ما يكتب. وأكد آل ملهي على خطأ ما يتم ترديده من أن الغرب لا يقرأون لنا وعنا فالصحف العربية تُقرأ في الجامعات الغربية ومراكز الدراسات وتحلل سياسياً واجتماعياً. وعن دور الجامعات في الترجمة أبدى آل ملهي سعادته بصدور الموافقة على إنشاء مركز متخصص للترجمة في جامعة الملك خالد ومركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها. فيما روت مهدية دحماني تجربتها في الترجمة من اللغة الفرنسية إلى العربية والعكس وكيف أن المترجم يحتاج إلى مهارات مختلفة في الترجمة المنظورة وأن كل أنواع الترجمة تتداخل لدى المترجم ولا يمكن للغة واحدة أن تحدها. وأكدت دحماني أنها مارست الترجمة ابتداء في التوثيق في كل ما يخص التاريخ والجغرافيا لكنها واجهت صعوبات مع الباحثين والموثقين من الأدباء لدينا الذين يفتقرون للأسلوب الوظيفي السلس، وأنها كانت تضطر لإعادة واختصار عباراتهم المنمقة، واستشهدت بالكتاب الذي يُكتب بالعربية في (400) صفحة وأنه يتحول مع الترجمة إلى (200) صفحة!. وأضافت دحماني أن اهتمامها في الترجمة الأدبية بدأت من 10 سنوات وبالتحديد في رجال ألمع لتأثرها بأدبائها ومثقفيها، لكنها وجدت صعوبة في لغة أدباء رجال ألمع الذين ينقسمون بين شاعر يكتب بلغة عربية سهلة ممتنعة في الترجمة كقصائد محمد زايد وشاعر كإبراهيم طالع الألمعي يكتب قصائد بلغة معقدة وقديمة يصعب على المترجم التعامل معها لأنها تشكل عقبة كبرى في الترجمة. وأوضحت دحماني أن هناك محاذير في الترجمة من الفرنسية إلى العربية كالتجاوزات الدينية وخدش الحياء والإباحية، ومع أنها كما تقول مترجمة حرة إلا أن لها صديقات وأصدقاء مقيدون بمناهج في مجال الأدب ويصطدمون بنصوص تستوجب الترجمة ولكنها تتعارض مع القيمية والأخلاقية والثقافية، وهذا ما يخلق لدى المترجم صراعاً بين كونه جسرا لإيصال فكر الآخر المختلف وبين المحاذير القيمية والأخلاقية.