فيما أشارت شركة "برايس واتر هاوس كوبرز" للاستشارات إلى أن عدد السعوديات اللواتي سيمتلكن رخص قيادة بحلول عام 2020 قد يصل إلى ثلاثة ملايين، انطلقت النساء بسياراتهن في شوارع السعودية منذ الساعات الأولى من اليوم الأحد إيذانا برفع الحظر عن قيادة المرأة في المملكة. قالت مجدولين العتيق (23 عاما) "المنظر مختلف تماما من المقعد الخلفي. أنا سعيدة جدا عيناي تتطلعان في كل مكان لست معتادة على ذلك". وكانت مجدولين المتخرجة حديثا في جامعة بالولايات المتحدة في طريقها لحضور فصل دراسي في سبتمبر الماضي عندما علمت أن الملك سلمان أمر بإنهاء الحظر على قيادة النساء للسيارات. وقالت "اتصلت بأسرتي في السعودية لأسأل ما إذا كان ذلك حقيقيا" وأضافت "كل ما فكرت فيه هو أن بإمكاني قضاء مصالحي بمفردي ولست مضطرة أن أطلب من أحد توصيلي". وأجبر الحظر، الذي كان يبرر بذرائع عديدة متعلقة بالدين أو بالتقاليد، النساء على الاعتماد على الأقارب الذكور في انتقالاتهن أو صرف مبالغ ضخمة على السائقين. لكن مجدولين كانت مستعدة. فقد شحنت سيارتها من كاليفورنيا في وقت سابق هذا العام وقادتها لزيارة منزل والدها في الساعات الأولى من صباح اليوم. وقالت "لم يرني أقود سيارة من قبل" وأضافت "علم لتوه أنني كنت أقود سيارة في كاليفورنيا واليوم ستكون أول مرة يرى فيها ابنته تقود سيارة". وقالت سيدة الأعمال سماح القصيبي وهي تقود في شوارع مدينة الخبر بشرق المملكة بعد منتصف الليل "اليوم يوم تاريخي.. شكرا للقيادة وشكرا لهذا القرار... يوم جميل... فرق بين الأمس واليوم... نحن اليوم هنا (مقعد السائق) وأمس كنا نجلس هنا" بينما كانت تشير إلى المقاعد الخلفية. وهذه الخطوة، التي صدر بها أمر ملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في سبتمبر الماضي، تأتي في إطار إصلاحات واسعة النطاق يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يسعى لتنويع اقتصاد أكبر مصدر للنفط في العالم وتحقيق انفتاح في مجتمع شديد التحفظ. وقالت سميرة الغامدي (47 عاما) وهي من مدينة جدة وتعمل أخصائية نفسية وقادت السيارة متوجهة إلى العمل "إنه حقنا وأخيراً أخذناه. وتقبل المجتمع للأمر بشكل عام مسألة وقت". وكانت سميرة من بين مجموعة صغيرة من النساء استصدرن رخصة قيادة قبل رفع الحظر. وصدر قانون في الشهر الماضي يقضي بالحبس ودفع غرامة ضخمة كعقوبة لجريمة التحرش بسبب مخاوف من تعرض النساء أثناء القيادة. وتعتزم وزارة الداخلية تعيين نساء في شرطة المرور لأول مرة لكن لم يتضح متى سيتم ذلك. وقال أحد سكان الرياض إن النساء في عائلته سينتظرن لاستكشاف كيف يعمل النظام قبل أن تبدأن في القيادة. ومن المتوقع أن يؤدي قرار رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارات في المملكة، التي كانت تحظر وجود دور سينما وإقامة الحفلات الموسيقية من قبل لكنها باتت تسمح بوجودها الآن، إلى انتعاش اقتصادي حيث من المتوقع أن تزيد إيرادات قطاعات منها بيع السيارات والتأمين. وارتفع مؤشر سوق الأسهم السعودية أكثر من واحد بالمئة اليوم الأحد وحققت أسهم شركات تأمين مكاسب قوية مع توقعات بأن الطلب من النساء سيعزز القطاع. كما ستشجع الخطوة أيضا المزيد من النساء على الانضمام للقوة العاملة وزيادة الإنتاجية. واغتنمت شركات السيارات الفرصة بنشر إعلانات بمناسبة انتهاء الحظر كما خصصت أماكن خاصة في ساحات الانتظار "للسيدات" تتميز بلافتات وردية اللون. ونشر الأمير الوليد بن طلال الملياردير والمستثمر السعودي فيديو على تويتر لابنته وهي تقود. وقال لحفيدته الجالسة في المقعد الخلفي في الفيديو "هذا الإنجاز ما في شك يشكر للملك سلمان الله يطول عمره وما في شك أن أفكار أخوي الأمير محمد بن سلمان هي اللي أدت للنتيجة العظيمة هذه". هيئة كبار العلماء السعودية أكدت في تغريدة الأحد أن "ولاة الامر- أيدهم الله- اتخذوا قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، ناء على ما رأوه من المصالح الراجحة في هذا الموضوع، وبعد أن أخذوا برأي أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء الذين أفادوا بأن الأصل الإباحة". وصفّق شبان وقفوا على جانب الطريق في أحد شوارع الرياض لسيدات وهن يعبرن بسياراتهن، بينما قام رجال المرور في جدة بتوزيع الورود على سائقات. وكانت المملكة بدأت في يونيو الحالي بإصدار رخص القيادة للنساء للمرة الاولى منذ عقود، وقامت النساء اللواتي يمتلكن رخصة قيادة دولية باستبدالها برخصة سعودية. كل بضعة أمتار، استوقف سكان في مدينة الرياض، شبان وشابات، سمر المقرن وهي تقود سيارتها في شوارع العاصمة السعودية، مع بدء تطبيق قرار رفع الحظر عن قيادة للمرأة للسيارة. فعند منتصف الليل، وجدت سمر نفسها في مقعد القيادة في سيارتها للمرة الأولى بعدما اعتادت لسنوات طويلة على أن تجلس في المقعد الخلفي بينما يقوم رجل بتوصيلها الى وجهتها. صعدت الى غرفة ابنها وقبلته، ثم ارتدت عباءة بيضاء وخرجت من باب منزلها ترافقها صديقتها وسارت نحو سيارتها البيضاء المركونة أمام بيتها في حي النرجس في شمال الرياض. في الجهة المقابلة من الشارع، توقف جارها وهو يحمل في يديه كيسين من المواد الغذائية، وأخذ يراقبها وهي تصعد في سيارة الدفع الرباعي. ابتسمت سمر ما ان استقرت في المقعد، ثم أدارت مفتاح السيارة يمينا، وخرجت بسيارتها من المكان الذي كانت ركنت فيه نحو طريق الملك فهد وهي تقول "اشعر بقشعريرة"، ثم اضافت بعد صمت "لم أتخيل في حياتي انني سأقود هنا، على هذه الطريق". شوارع الرياض بدت مع الدقائق الأولى لبدء تطبيق القرار محتفية بالنساء السائقات، حيث وُزّعت الورود والهدايا عليهن. ومرت سمر بالقرب من مجموعة من الرجال بينهم شرطي تحلقوا حول حادث سيارة بسيط، فابتسموا لها ووجهوا لها التحية.