استبقت سيدات سعوديات حلول 26 تشرين الأول (أكتوبر)، وهو الموعد المحدد لإطلاق حملة قيادة السيارة، فانطلقن في شوارع الرياض، والخبر، وجدة، بسياراتهن، ولم يكتفين بذلك؛ بل أنهن وثّقن تلك التجربة، عبر تصوير أنفسهن وهن يقدن المركبات، عبر هواتفهن، وبث تلك المقاطع على موقع «يوتيوب». وتنفي أم طارق، وهي ربة منزل، قادت مركبتها قبل أيام في شارع التخصصي في الرياض، دافع «التحدي»، عن تصرفها هذا، مؤكدة في حديثها مع «الحياة»، أنها فعلت ذلك من باب «إعادة طرح قضية سياقة المرأة على السطح بعد أن كادت تخبو»، مضيفة أن «المسؤولين في المملكة يعتبرون القضية قضية مجتمع، والأخير هو من يقرر فيها، ما يوجب أن تكون القضية محل نقاش اجتماعي، وصولاً لاتخاذ موقف منها». وتشرح أم طارق (في العقد الرابع من العمر)، ملابسات قيادتها السيارة، التي وثقتها في مقطع بُثّ على «يوتيوب»، «تأخر أحد محال الأجهزة الكهربائية، في إصلاح جهاز سلمته لهم، وكنت أتواصل معهم هاتفياً، ولم أصل إلى نتيجة، ما دفعني إلى الذهاب بنفسي إلى المحل، وحينها لم يكن زوجي في المنزل، ولأنني أجيد قيادة السيارة، فعلت ذلك بنفسي». وسارت أم طارق، في أحد أكثر شوارع العاصمة الرياض اكتظاظاً بالمركبات، وبخاصة عند الظهيرة، وهو شارع الملك فهد، لتسلك أحد المخارج الفرعية، وصولاً إلى المحل المقصود في شارع التخصصي، وتضيف «لم يصدق مالك المحل أنني قدت السيارة بنفسي حتى خرج بنفسه، وشاهدني أقود المركبة، وأغادر الموقف، بعد أن وضعت جهازي الكهربائي في الصندوق الخلفي للسيارة». وتعبّر أم طارق، التي تملك رخصة قيادة من إحدى الدول المجاورة، وأخريات ممن قمن بتوثيق تجربتهن في القيادة، عبر مقاطع مرئية، عن سعادتهن بالتجربة، مؤكدات أن «قيادة المرأة السيارة لم تعد إلا مسألة وقت، وهي لا تعدو أن تكون حاجز خوف، ويجب أن ينكسر بقرار من الجهات المختصة». وأمس، وجدت هند، نفسها بحاجة إلى الخروج مع صديقتها لقضاء «مشوار ضروري» لهما في كورنيش الخبر، وحين لم تجد هند، سائقاً يوصّلهما، استقلتا السيارة في وضح النهار، وجلست هند مكان القائد، على رغم أنها لا تملك رخصة قيادة، وقامت صديقتها بتوثيق ما جرى، بعدسة هاتفها المحمول، لتبثه لاحقاً على «يوتيوب». وتقول هند: «بدا لي الأمر عادياً، وكذلك العابرين بجوارنا، فلم يوقفني أحد منهم، ولم ألمس نظرات مستنكرة لما قمت به. كما لم نتعرض إلى مضايقات»، مضيفة «يخطئ من يظن أن قيادة المرأة السيارة ترفاً، بل هي حاجة اقتصادية واجتماعية في الوقت ذاته. فمن الجانب الاقتصادي؛ هناك استنزاف تتعرض له المرأة العاملة، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السائقين، أما اجتماعياً فإني كربّة أسرة، لا أعرف السائق ولا أخلاقه، لذا لا أستطيع أن أستأمنه على أطفالي، ليخرجوا بمفردهم معه»، داعية من يعارض حق المرأة في القيادة ب «ألا ينظر إلى الأمور من منظور ضيق، يخصه بمفرده». وتبدي مي، العائدة أخيراً، من أميركا، بعد أن أنهت دراستها هناك، «تفاؤلاً كبيراً بقرب السماح للمرأة بقيادة السيارة»، وهو ما شجعها على شراء سيارة جديدة قبل أيام، لتخرج برفقة زوجها، وتقود المركبة، متجهة إلى بيت أهله. ولم تكتفِ مي بهذه القدر، إذ قامت بالخروج مرة أخرى، والتجوال «من دون أن ألمس مضايقات» على حد قولها. وتعترف مي، أن السنوات السبع التي قضتها في أميركا، «شجعتني على الحصول على رخصة قيادة، والتنقل برفقة أطفالي، وقضاء حوائجي هناك»، لافتة إلى أن «مفردة المجتمع غير مهيأ لهذه الخطوة وهم، لا حقيقة له، فعدد من خرجن خلال الأيام الماضية ينقض هذا كله، ولولا الخوف لزاد العدد».