يختبر الائتلاف الشعبوي في إيطاليا الثلاثاء مدى قدرته على الحكم في أول تصويت في البرلمان على الثقة بالحكومة الجديدة وهي الأولى المشككة بالاتحاد الأوروبي في إحدى الدول المؤسسة. أدت الحكومة اليمين الدستورية الجمعة بعد نحو ثلاثة أشهر من أزمة سياسية أثارت قلقا في أوروبا واضطراباً في أسواق المال. ومن المتوقع أن يجتاز الائتلاف بين حركة خمس نجوم المناهضة للمؤسسات وحزب الرابطة اليميني المتطرف، الاقتراع على الثقة في مجلس الشيوخ الثلاثاء وفي مجلس النواب الأربعاء، إذ يحتفظ الحزبان بالغالبية في المجلسين. غير أن حزب فورتسا إيطاليا بزعامة رئيس الحكومة السابق سيلفيو برلوسكوني أحد حلفاء حملة حزب الرابطة -- والحزب الديموقراطي المنتهية ولايته من يسار الوسط، قالا إنهما لن يمنحا الثقة للحكومة الجديدة. والحكومة الجديدة التي يترأسها جوزيبي كونتي، حديث العهد بالسياسة، وعدت بالتصدي للهجرة وتعزيز الأمن وتطبيق سلسلة من التدابير الطموحة المناهضة للتقشف. ويرث رئيس الحكومة البالغ من العمر 53 عاما، من سلفه باولو جينتيلوني عددا من الملفات الشائكة تشمل المتاعب المالية لشركات مثل ايلفا واليطاليا، وعليه حضور قمة مجموعة السبع في كندا هذا الأسبوع وقمة مهمة للاتحاد الأوروبي في نهاية الشهر. وكان كونتي مرشح تسوية بين لويجي دي مايو زعيم خمس نجوم وماتيو سالفيني زعيم الرابطة اللذين عينهما نائبين لرئيس الحكومة. ويثير افتقاده للحنكة السياسية تساؤلات حول مدى قدرته على اتخاذ القرارات أمام نائبيه القويين. ومنذ أدائه اليمين لم يظهر كونتي إلا عبر تصريحات على فيسبوك قال فيها إنه تحدث مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبأنه سيلتقيهما في قمة مجموعة السبع. بعكس كونتي، بدأ سالفيني ودي مايو على الفور الدفع بأجندتهما السياسية. والاثنين، التقى دي مايو بصفته الوزير الجديد لشؤون التنمية الاقتصادية والعمل، ممثلين عن قطاع تسليم المواد الغذائية في اقتصاد يعتمد على الطلب. وبعد ذلك وصف دي مايو العمال بأنهم يرمزون إلى "جيل متروك" مشددا على الحاجة لمنحهم "ضمانة عمل وراتب الحد الأدنى الذي يحفظ لهم حياة كريمة". من ناحيته لم يتأخر وزير الداخلية الجديد في فتح ملف الهجرة الساخن. وخلال زيارة له إلى صقلية حيث وصل الآلاف من المهاجرين في السنوات القليلة الماضية، أعلن سالفيني في نهاية الأسبوع إن إيطاليا "لا يمكنها أن تصبح مخيم لاجئين لأوروبا". وكان الوزير البالغ من العمر 45 عاما قد وعد تكرارا بالحد من وصول اللاجئين وتسريع عمليات الطرد من دولة وصل إلى أراضيها نحو 700 ألف مهاجر منذ 2013. وقال السبت "انتهى زمن المهاجرين غير الشرعيين -- استعدوا لحزم أمتعتكم". ويلتقي وزراء الداخلية في دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء لمناقشة إصلاحات ممكنة لقواعد دبلن المثيرة للجدل، والتي تنص على تقديم اللاجئين طلب اللجوء في بلد الوصول. غير أن الحكومة الجديدة تواجه انتقادات إزاء صمتها بشأن مقتل مهاجر في منطقة كالابريا الجنوبية التي يمثلها سالفيني في مجلس الشيوخ. وقتل المهاجر من مالي ساكو سومايلا ليل السبت، برصاص مهاجم مجهول أطلق عليه النار وعلى شخصين آخرين، بحسب أحد هذين الناجيين. وكان سومايلا عاملا زراعيا وناشطا مدافعا عن نقابة "يو اس بي" التي تمثل عددا كبيرا من العمال الزراعيين المياومين. وذكرت تقارير وسائل الإعلام الايطالية أن المحققين لا يعتقدون بأن الهجوم له دوافع عنصرية، لكن غياب أي بيان من الحكومة حول الحادثة أثار بعض الإرباك. وفي بيان الاثنين انتقد ايرازمو بالاتزوتو النائب عن حزب "الحرية والمساواة" اليساري سالفيني قائلا "مضت 48 ساعة لم يتفوه فيها وزير الداخلية بكلمة". وأضاف "كذلك فإن وزير العمل (دي مايو) لم يقل شيئا عن هذه المأساة، رغم أنهما ممن يكثرون الكلام".