تبارى حزبان يمثلان اليمين المتطرف والشعبويين لتأكيد أحقيتهما في تشكيل الحكومة، بعدما أظهرت النتائج شبه النهائية للانتخابات النيابية التي نُظمت في إيطاليا الأحد، صعوداً قوياً لليمين المتطرف واختراقاً تاريخياً للشعبويين، وإن لم ينل أي حزب الغالبية، في مشهد أثار غموضاً في شأن مستقبل البلاد ومصير الاندماج الأوروبي. وبعد فرز 90 في المئة من الأصوات، أشارت النتائج إلى حصول تحالف أحزاب «فورتسا إيطاليا» بزعامة رئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلوسكوني و «الرابطة» بزعامة ماتيو سالفيني (يمين متطرف)، و «فراتيلي ديتاليا» (أشقاء إيطاليا)، على نحو 37 في المئة من الأصوات. لكن تدقيقاً في توزيع الأصوات داخل التحالف، يظهر أن حزب سالفيني، المشكك في الاتحاد الأوروبي والمعادي للهجرة والقريب من حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف في فرنسا، تصدر النتائج بحصوله على 18 في المئة، في مقابل أقل من 14 في المئة لحزب بيرلوسكوني الذي بات مجبراً على الانضواء تحت راية حليفه، إذا تسنّى للتحالف تشكيل حكومة. لكن هذا الاحتمال يصطدم باختراق تاريخي حققته حركة «خمس نجوم» المعادية لهيئات الحكم، والتي باتت الحزب الأول في البلاد، إذ نالت أكثر من 31 في المئة من الأصوات. في المقابل، سجل الحزب الديموقراطي (وسط اليسار) الحاكم بزعامة ماتيو رينزي، تراجعاً فاق التوقعات، بنيله نحو 19 في المئة من الأصوات، أي أقل من نصف نسبة 40 في المئة التي أحرزها في الانتخابات الأوروبية عام 2014. وبثت شبكة «راي» المملوكة للدولة أن رينزي سيستقيل من زعامة الحزب، علماً أن الهزيمة طاولت اليسار بمجمله، لا سيّما حركة «ليبيري أي إيغوالي» التي بالكاد تخطت عتبة 3 في المئة التي تسمح لها بدخول البرلمان. ومع ترجيح عدم تحقيق غالبية، سواء للائتلاف اليميني أو لحركة «خمس نجوم»، فسيُضطر القادة السياسيون إلى تبديل حساباتهم وخوض مساومات ومفاوضات، يتوقع أن تكون طويلةً وشاقة. ويبدو السيناريو الوحيد الممكن، في ضوء النتائج، قيام تحالف بين شعبويي «خمس نجوم» وحزب «الرابطة» اليميني المتطرف. لكن زعيمَي التنظيمَين رفضا ذلك. وأكد رئيس حركة «خمس نجوم» لويجي دي مايو (31 سنة) حقه في تشكيل الحكومة. لكن سالفيني اعتبر أن «لديه حقاً وواجباً في الحكم في السنوات المقبلة»، مبدياً استعداداً لترؤس الحكومة المقبلة، ومستدركاً أنه يعارض أي اتفاق مع الشعبويين. وتحدث عن «فوز استثنائي»، لافتاً إلى أنه سيتحدث مع حلفائه في الحملة الانتخابية، خصوصاً بيرلوسكوني الذي يبدو أنه خسر رهانه، بعدما قدّم نفسه لدى الاتحاد الأوروبي بوصفه الحاجز الوحيد أمام الشعبويين والقوى المعادية للقارة. وأبدى سالفيني تمسكاً ب «اتفاق» ينصّ على أن الحزب الذي يتصدر نتائج التصويت، ضمن التحالف بين اليمين واليمين المتطرف، يرأس الحكومة. ووجّهت رئيسة «الجبهة الوطنية» مارين لوبن «تهنئة حارة» لسالفيني.