قضية القدس وفلسطين نشأت قبل عقود ماضية ومواقف المملكة العربية السعودية من ولادة الأزمة حتى اللحظة لم تتغير؛ بل أضحت السعودية هي رأس الحربة في الدفاع عن قضية القدس وفلسطين عربيا وإسلاميا وعالميا، باعتبارها جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، فلا يمكن أن يكون هناك سلام عادل وشامل في المنطقة إلا بإنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. ولا يكاد يمر اجتماع إسلامي أو عالمي إلا ونرى الموقف السعودي يتصدر في دعم الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وعقب اعتراف الرئيس ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل واعتزامه نقل سفارته إليها، تعاملت السعودية وفق واجباتها التاريخية والإسلامية تجاه قضية القدس باعتبارها قضية المسلمين الأولى، وتجلى موقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز واضحا وصريحا في المكالمة التي أجراها معه الرئيس ترمب، وحذر خلالها من العواقب الخطيرة لمثل هذه الخطوة غير المبررة وغير المسؤولة لقراره، فضلا عن كون هذا القرار انحيازا كبيرا ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة في القدس. كما أن بيان الديوان الملكي حدد الموقف السعودي بشكل واضح وشفاف عندما أشار إلى أن هذه الخطوة، وإن كانت لن تغير أو تمس الحقوق الثابتة والمصانة للشعب الفلسطيني في القدس وغيرها من الأراضي المحتلة، ولن تتمكن من فرض واقع جديد عليها، إلا أنها تمثل تراجعا كبيرا في جهود الدفع بالعملية.. وهنا وضعت السعودية النقاط على الحروف تاركة وراءها المزايدين والمتاجرين بقضية المسلمين الأولى يتشدقون بالشعارات الزائفة، وهي ليست معنية بهم؛ لأنها تعلم نياتهم الحاقدة على القدس ومزايداتهم الحقيرة عليها منذ عقود. إن المزايدات على قضية القدس وقضايا الأمة كبيرة، وصحوة المزايدين سياسيا، ورهان المتراهنين أصبحت مكشوفة للجميع، ولقد ظهرت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر. النظام الإيراني الطائفي وإعلام حزب الله الإيراني وإعلام ميليشيات الحوثي الإيرانية وإعلام الحمدين وحلفائهم وإعلام الإسلام السياسي في بعض الدول.. لقد انفضحتم أمام الشعوب العربية والإسلامية من حيث قصدتم أن تكونوا أكثر «إسلامية» من الآخر، وأنتم مزايدون ومتاجرون بالقضية، وأنتم من أرباب المزايدة المؤدلجة، وذلك على حساب قضايا الأمة لتحقيق أهداف طائفية وتدميرية للأمة.