أود أن أعترف أولا، بأنني لا أعرف من هو هذا ال«ياني» الذي أعلنت هيئة الترفيه عن نقل حفلتيه الموسيقيتين في 3 و4 ديسمبر من مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض إلى قاعة المؤتمرات الكبرى بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وذلك بسبب الطلب الذي وصفته بالهائل على حضور تلك الحفلة، وجاء في التفاصيل التي حملتها صحف الأربعاء الماضي، أن الطلب زاد على طاقة مسرح مركز الرياض المحددة بألفي شخص، وأن قاعة المؤتمرات في جامعة الأميرة نورة تستوعب قرابة الثلاثة آلاف شخص. وفي جدة أقيمت حفلتان في مسرح مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لهذا ال«ياني»، تم بيع تذاكرها بالكامل قبل تاريخ الحفل وأعتقد أن عدد الحضور قد تجاوز الثلاثة آلاف شخص دفعوا مبالغ راوحت بين 200 و900 ريال للتذكرة. وبالطبع فإن جهلي وعدم معرفتي بهذا الفنان والموسيقار العالمي، مشكلة شخصية جدا لا تعني هؤلاء الآلاف من الشباب والشابات والرجال والنساء، الذين أغلقوا أكبر مسارح البلاد في مدننا الكبيرة، بعشقهم وانفتاحهم على الثقافات العالمية على تنوعها وتعددها، وهو ما لم ندركه نحن الجيل «المتجمد» و«المتحجر» الذي يجلد نفسه على سماعه أغنية لعبدالحليم حافظ، أو يلومها على مشاهدة حفلة محمد عبده في القاهرة، أو أحلام في الكويت، وأدى ذلك اللوم الذي جاء في صيغة «منع» وهمي تحت غطاء «الالتزام»، إلى أن يهجر «الفرح» و«الترفيه» و«البهجة» والسرور أرضنا، وأرواحنا أحيانا فيضطر بذلك الراغبون والباحثون عنه من أبنائنا وعائلاتنا إلى السفر طلبا له في مدن العالم العربي والعجمي، وما جاورنا من دول ومدن كالبحرين ودبي. حدث هذا رغم أن الموسيقى والغناء والفرح والبهجة كانت جزءا من حياتنا وترفيهنا في زمن مسرح الإذاعة ثم مسرح التلفزيون، وحفلات الغناء والطرب التي كانت تعم في ليلة الجمعة أحياءنا، وتقام في شوارعنا قبل أن تكون هناك قاعات للأفراح والأعراس، وهي الحقبة التي أخرجت لنا طلال مداح وفوزي محسون وسلامة العبدالله رحمهم الله والفرق الموسيقية التي كان أغلب أعضائها من السعوديين كمحمد شفيق وعبده مزيد وتواب عبيد. اليوم يحضر إلينا «ياني»، والشاب خالد، والمغني الأمريكي نيللي، وهبه كوجي، وعمر خيرت، إلى جانب عودة الحفلات الغنائية المحلية لفنانينا الذين كانوا يهاجرون مؤقتا كي يغنوا لمواطنيهم خارج الحدود، عاد الفرح والمرح، ولم تحدث هناك مفسدة، ولم ينحرف أبناؤنا عن طريق الحق، فمساجدنا مليئة بالشباب، وبناتنا يرتدين شراشف الصلاة ليؤدينها في مدارسهن وجامعاتهن، ليس في الداخل فحسب وإنما في الخارج أيضا، نحن وأبناؤنا وأسرنا، تربينا ونشأنا على ملة وعقيدة سليمة راسخة في دواخلنا، ولم ولن تغيرها حفلات الترفيه التي نطلبها أو نحضرها أو ننتشي طربا معها، لكنه من حقنا أن نفرح ونسعد ونضحك.