في كلمته الافتتاحية لموتمر الأدباء السعوديين الخامس أشار وزير الثقافة والإعلام د. عادل الطريفي إلى أن من الأنشطة المخطط لها كي ترى النور وتكون تحت الرعاية المستمرة من الوزارة (إعادة مسرح التلفزيون) وأقول إعادة أعني بها العناية بالمسرح، وستكون البداية مع مسرح التلفزيون الذي كان له دوره الريادي في إبراز الأعمال المحلية التي أنتجها الفنانون السعوديون في مجالات الغناء، واستتكشات، والمسرحيات، والبرامج القائمة على الترفيه، فمسرح التلفزيون ليس جديداً لقد كان في الستينيات من القرن الماضي وهو امتداد لمسرح الإذاعة، ومسرح الإذاعة كان يشرف عليه الفنانون من العاملين في وزارة الإعلام بالتعاون مع الفنانين من خارج نطاق الوزارة، فكان الفنان مطلق الذيابي (سمير الوادي) يجتهد كفنان متعدد المواهب لجذب كل من يرى أن لديه مايمكن أن يندرج في دائرة الفن وخاصة الغناء، والمشاهد التمثيلية، وكان لمسرح الإذاعة السبق في تقديم بعض الفنانين الذين كانت لهم شهرة في الفن الغنائي، مثل طارق عبدالحكيم، وطلال مداح، وعبدالله محمد، ومحمود حلواني، وعبدالله مرشدي، وفوزي محسون، ثم محمد عبده، عبادي الجوهر، على عبدالكريم، عمر الطيب، وغيرهم ممن لاتحضرني أسماؤهم -استميحهم عذرا-. بظهور مسرح التلفزيون كان المسرح أشمل وأعم، فتطورت الفرقة الموسيقية للإذاعة والتلفزيون، حيث اجتهد العاملون على أن تكون فرقة متكاملة مستعينين بعازفين وفنانين من الدول العربية، إلى جانب العازفين والمتمكنين من الموسيقيين السعوديين من خريجي مدرسة الموسيقى التي كان يشرف عليها الفنان طارق عبدالحكيم وكانت تابعة للجيش رسميا حيث السلام الملكي والمارشات العسكرية، ونبغ من بين المنتمين إلى تلك المدرسة عدد لايستهان به من العازفين والموسيقيين الذي أصبحت لهم شهرة في مالحق من سنوات، مثل عبده مزيد، ومحمود عشي (محمود أحمد) وعبدالله ماجد، وعدنان خوج، وسمير مبروك، ومعهم من العازفين العرب، وكانت فرقة يقودها احمد سليمان من مصر باختيار الموسيقار طارق عبدالحكيم. كانت نقلة مسرح التلفزيون مفيدة في كشف مواهب جديدة في الغناء والتمثيل، فمن كانوا يُسمعون عبر الإسطوانات، والإذاعة، أصبحوا يواجهون الجمهور الحاضر في المسرح، سواء في جدة، أو الرياض، وكان الإخراج قد تقدم بما يمثل التطور، فالمخرج الموهوب بشير مارديني يعمل كل الجهد لكي تكون حلقة المسرح مقنعة فهو بطريقة خاصة كان يوحي إلى الحضور متى يكون التصفيق للفنان، ومتى يكون الاستماع، وذلك عبر إشارة بالإنارة، فومضات عندما يستوجب التصفيق، والصمت وقت اختفاء الومضات، ولم تكن المشاركات للهواة فقط بل كان يتقدم الفنانون المتألقون الذي يعرفهم المستمعون، ويشاهدونهم في حفلات الطرب في الزواجات والحفلات الخاصة، فسلامة العبدالله، وسعد ابراهيم، وأبو السعود الحمادي، وسالم الحويل، وعبدالعزيز الراشد، إلى جانب طارق نفسه ومن كانت لهم شهرة، كغازي على الدارس لفن الموسيقى، ومحمد العماري يماثله، حامد عمر موسيقار متخصص، وغيرهم من المواهب التي اندفعت إلى المشاركة في حلقات مسرح التلفزيون، وقد كان يشهد إقبالا كبيراً من الجمهور لحضور التسجيل، وعندما يعاد عرضه عبر الشاشة، ويعمل البعض كل جهد ليحصل على بطاقة الدخول والحضور وقت التسجيل، شباب وكبار، ومن ذوي المستويات المرموقة، وهذا ما جعل مسرح التلفزيون مدرسة تخرج منها فنانون كبار طارت سمعتهم إلى العالم العربي، وأصبحت الأغاني السعودية تردد في المسارح وحفلات الترفيه في أكثر من بلد عربي حتى أن بعض الفنانين العرب طلب من الملحنين السعوديين أن يمنحوهم بعض الأغاني، كما برع ملحنون أصبحت لهم سمعتهم الراقية مثل سراج عمر، وسامي إحسان، وعدنان خوج ومحمد شفيق، وغيرهم. أما في مجال التمثيل، فخالد زارع، والشريف العرضاوي، ولطفي زيني، حسن دردير، وعبدالعزيز الهزاع، وسعد خصر، وعلى ابراهيم، ومحمد العلي، وعبدالعزيز الحماد، ومطرب فواز، وعبدالستار صبيحي، ومع هذه المشاهد كان العدد يزداد من المواهب التي تملك ناصية التمثيل حتى صار للأعمال المحلية مكانة تتساوى إن لم تتجاوز امثالها في البلدان العربية. توقف المسرح، ومعه مسرح جامعة الملك سعود الذي كان يمد الساحة الفنية بممثلين على مستوى راق لا استطيع حصرهم وأذكر بعض الأسماء كمثال فقط، بكر الشدي، محمد العلي، محمد الطويان، عبدالله السدحان، ناصر القصبي، فهؤلاء وأمثالهم وصلت اعمالهم وسمعتهم خارج الوطن، واصبحوا يشاركون في الدول العربية ومنهم من نال الجوائز، وكل هذا كان من نتاج مسرح التلفزيون، وقد فتح الباب أمام أعمال أقدم عليها الفنانون السعوديون فأنتجوا، وأخرجوا، وهذا مايساند وزير الثقافة والإعلام في العمل على عودة (مسرح التلفزيون) وتشجيع الأعمال المحلية البحتة، ففي البلد الكثير من الفنانين الموهوبين القادرين على اثراء الساحة بالأعمال الناجحة متى ماوجدوا المجال الفسيح والتشجيع والحماية من قبل الجهات المعنية، فالفن في مجالات التمثيل والموسيقى والغناء، فلتكن المبادرة سريعا فالفن عنصر مهم في التطور العصري، وعلى طريقة د. زكي نجيب محمود "في كل موقف ابداعي في فن أو أدب هناك حالة في نفس صاحبها يريد أن يجد لها طريقاً لتعبر به من داخل إلى خارج فتظهر امام الناس أو على مسمع منهم: معزوفة، أو قصيدة، أو مشهد توجيهي معبر والتأكيد أن يكون الصدق في العمل" وهو التوجيه بما يفيد ويرتفع بالذوق ويعبر عن الأحاسيس بما يريح في عالم يمور بالأحداث على مختلف الأنواع. فالمسرح ضرورة وهو أبو الفنون، ففي عودته ثراء ولم شمل الفنون بأشكالها، موسيقى، تمثيل، غناء، وتشكيل، وفي إطار البيئة ناقلا ومضيفا، وهذا دوره منذ ظهوره.