افتتح حزب العمال البريطاني الاحد مؤتمره السنوي متشجعا بنتائجه الجيدة في الانتخابات التشريعية المبكرة بفضل برنامج مناهض للتقشف يعول زعيمه جيريمي كوربن على الاستمرار في التركيز عليه بهدف العودة الى الحكم. وكان حزب العمال قد أحدث مفاجأة في انتخابات يونيو 2017 بحصوله على 30 مقعدا اضافيا في مواجهة حزب المحافظين ما شكل تأييدا واضحا للاجراءات اليسارية التي دافع عنها كوربن وذلك بعد عام من انتخابه المثير للجدل على راس الحزب. وقال كوربن في مقابلة مع صحيفة الغارديان الجمعة «هذه الانتخابات غيرت السياسة في بلادي» مضيفا ان قوة الحزب ستكون المحور المركزي للمؤتمر الذي ينظم في منتجع برايتن جنوب انكلترا ويستمر اربعة ايام. وشدد الاحد في تصريحات لبي بي سي ان حزب العمال «اقوى من اي وقت مضى» في حين ان الحكومة المحافظة «تتراجع». وبحسب استطلاع لمعهد «يوغوف» في منتصف سبتمبر، فان حزب العمال بات يتفوق على حزب المحافظين بزعامة تيريزا ماي في نوايا التصويت ب 42 بالمئة مقابل 41 بالمئة. وهي نتيجة لم يكن احد ليتوقعها قبل عام حين كانت سلطة كوربن المناهض للفكرة الاوروبية موضع احتجاج من قسم مهم من كوادر حزب العمال ونوابه. وكان هؤلاء يرون حينها ان زعيمهم الذي رسخ سلطته حاليا، ليس قادرا على قيادتهم الى العودة للحكم ويأخذون عليه قلة حماسه في الدفاع عن بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الاوروبي اثناء حملة استفتاء يونيو 2016. وبعد عام من ذلك لم يوضح حزب العمال رؤيته بشأن «بريكست» الملف الحارق الذي سيكون في صلب نقاشات المؤتمر حتى وان كان الحزب تعهد بان يبقي في حال توليه السلطة المملكة في السوق الاوروبية المشتركة خلال فترة انتقالية. وردا على سؤال هل ستبقى المملكة المتحدة عضوا في السوق المشتركة بعد المرحلة الانتقالية؟ قال كوربن في بداية اسبتمبر لبي بي سي «الامر مفتوح للنقاش». وفي رسالة مفتوحة نشرتها اوبزرفر الاحد دعا 30 رئيس بلدية ونائبا اوروبيا من حزب العمال، الحزب الى الالتزام الواضح بابقاء المملكة المتحدة في السوق المشتركة والاتحاد الجمركي الاوروبي. لكن زعيمهم يبدو ممزقا بين ضرورة اخذ هذا الموقف في الاعتبار وضرورة احترام ارادة ملايين الاشخاص الذين صوتوا في معاقل العماليين للخروج من الاتحاد الاوروبي. وقال كوربن لبي بي سي انه يريد «ضمان الدخول بلا رسوم جمركية للسوق الاوروبية» مضيفا في الان ذاته انه يتعين «دراسة بنود كل علاقة تجارية بعناية» لان السوق المشتركة تنطوي بذاتها على «قيود» خصوصا في مجال مساعدة الدولة. وقال «اعتقد انه علينا ان نكون حذرين بشأن السلطات كحكومة وطنية». وكان كوربن (68 عاما) النقابي السابق تجاوز هذه المعضلة اثناء حملة الانتخابات التشريعية بتركيز حملته على القضايا الداخلية والاجتماعية للمملكة المتحدة، وهو تكتيك حقق نتيجة جيدة وينوي الاستمرار فيه. وقال اثناء اجتماع مساء السبت عشية المؤتمر ان المحافظين «حزب اغنياء في خدمة الاثرياء». وحتى مجلة «ايكونوميست» البريطانية التي تحظى بنفوذ، اقرت بنجاح كوربن ولا تستبعد إمكانية أن يصل ذات يوم الى الحكم في مواجهة يمين بات في وضع هش منذ ان فقد غالبيته المطلقة في البرلمان. ووضعت عنوانا لمقال خصصته لكوربن الذي غالبا ما تنتقده انه «الاقرب لان يكون رئيس وزراء بريطانيا المقبل». واكد كوربن للغارديان «نحن مستعدون للانتخابات». وكان دعا مرارا تيريزا ماي للاستقالة وتنظيم إنتخابات جديدة. والانتخابات التشريعية القادمة مقررة في 2022. في الاثناء، عزز كوربن سلطته في حزب العمال من خلال دفعه اللجنة التنفيذية الوطنية لإقرار اجراء يمنح المزيد للقاعدة والنقابات المؤيدة له في هذه اللجنة القيادية.