يقف حزب العمال البريطاني المعارض على حافة الانفجار في أحد التداعيات السياسية للاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في حين يستعد حزب المحافظين لبدء عملية استبدال رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون في رئاسة الحزب. وواجه زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن الذي تراجع نفوذه إلى حد كبير، أمس مذكرة لحجب الثقة عنه بعد أن فقد دعم ثلثي المقربين منه. ويتهمه المتمردون عليه بأنه لم يدافع بما يكفي عن بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، ويعتبرون أن وجوده على رأس حزب العمال لا يترك أي فرصة للحزب في العودة إلى الحكم. لكن كوربن رفض الانصياع، وأعلن أنه سيترشح مجدداً في حال تنظيم انتخابات لاختيار رئيس الحزب. ويستمد كوربن اليساري قوته من دعم مناضلي الحزب الذين تظاهر نحو عشرة آلاف منهم تأييداً له أمام البرلمان مساء الإثنين وقد ينقذون منصبه في نهاية المطاف. وتحتاج مذكرة حجب الثقة، إلى تصويت سلبي ل 20% فقط من النواب حتى يتم قبولها، وهو ما يبدو متوفراً نظرا لعدد المعارضين لكوربن داخل الحزب. لكن هذه المذكرة تحتاج لاحقاً إلى مصادقة مجمل أعضاء الحزب؛ حيث لا يزال كوربن يحظى بشعبية واسعة. وخاطب «الرفيق كوربن» مؤيديه قائلا «لا تدعوا وسائل الإعلام ومن يريدون بنا سوءاً يقسموننا». وطلبت قيادة الحزب مساء الإثنين من كوربن «القيام ببادرة مشرفة» لإنهاء أجواء مقيتة «كارثية»، بحسب النائب شوكا أومونا. وشاهد صحافيون تجمعوا في طابور أمام القاعة نواباً يغادرون متحدثين بتأثر عن «مجزرة» و»ألم عميق» و»مأساة». كما تكاد الفوضى في حزب العمال تنسي الجميع أن حزب المحافظين غارق في إحدى أكبر الأزمات في تاريخه. فقد أعلن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون استقالته، كما أعلن وزير المالية جورج أوزبورن أمس كما كان متوقعا أنه لن يترشح لخلافته. وقال «لست الأفضل لمنح حزبي الوحدة التي يحتاجها». وكان كاميرون وأوزبرن أبرز المدافعين عن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، واعتبرا أنه يتعين أن يتولى شخص آخر التفاوض مع بروكسل على مغادرة بريطانيا. وسيتم تنصيب الزعيم الجديد للمحافظين بحلول الثاني من سبتمبر كأبعد تقدير، بحسب ما أعلن الحزب الإثنين. وتتجه الأنظار كلها إلى بوريس جونسون الذي قاد معسكر مؤيدي الخروج من الاتحاد. لكن صحيفة تايمز أشارت أمس إلى وزيرة الداخلية تيريزا ماي كمرشحة تملك حظوظاً أيضاً لتولي المنصب، بحسب استطلاع. وتيريزا ماي (59 عاماً) المعروفة بمعارضتها للفكرة الأوروبية، كانت أحدثت مفاجأة حين أعلنت انضمامها لأنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي. لكنها لم تقم بحملة قوية. وبحسب كثير من المحافظين فهي تمثل تسوية ممتازة للمصالحة داخل الحزب المقسم بين أنصار الاتحاد الأوروبي ومعارضيه. ويغلق باب الترشحات لرئاسة حزب المحافظين يوم غد الخميس. ويمنح بعد ذلك نواب الحزب ثلاثة أسابيع لاختيار مرشحين اثنين يصوت لانتخاب أحدهما أعضاء الحزب ال 125 ألفاً صيف 2016. وقال وزير الصحة جيريمي هانت المؤيد للاتحاد الأوروبي أمس إنه يفكر جدياً في الترشح. كما دعا إلى تنظيم استفتاء ثانٍ بعد التوصل إلى اتفاق جديد بين المملكة والاتحاد. ولم تعلق الملكة إليزابيث الثانية التي «تملك ولا تحكم» رسمياً حتى الآن على نتيجة استفتاء الخميس. لكنها قالت الإثنين ممازحة حين صافحها نائب رئيس وزراء أيرلندا الشمالية مارتن ماجينيس أمام عدسات الكاميرات قائلا لها «صباح الخير، كيف الحال؟»، «في كل الأحوال، لا أزال على قيد الحياة!». وأضافت الملكة التي احتفلت في إبريل بعيد ميلادها التسعين «نحن منشغلون جداً، لقد حصلت عدة أمور».