يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مصر على استمرار مفاجآته السياسية سواء في الداخل أو الخارج.. وأحدث صرخات ترمب أمس الأول، عندما تحدث عن إستراتيجية إدارته حول أفغانستان كاشفا عن صراع مفتوح ضد الإرهابيين، عائدا من جديد لعش الدبابير الأفغاني، والذي تورطت فيه واشنطن عقودا طويلة، ومتراجعا عن تعهداته الانتخابية بسحب قواته من أفغانستان، إذ أعلن عن إرسال مزيد من القوات الأمريكية لخوض حرب جديدة، ومؤكدا أن قواته «ستقاتل لتنتصر». ووصف مراقبون إستراتيجية ترمب الجديدة في أفغانستان، بأنها عودة لحروب «تورا بورا» التي خاض المارينز الأمريكي، أحد اقوى حروب الشوارع في كهوفها ضد القاعدة وطالبان في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر، مؤكدين أن دخول ترمب لعش الدبابير الافغاني يأتي ضمن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية لمحاصرة وتطويق ايران، كما أن القاعدة العسكرية في أفغانستان ستكون بمثابة عين على ملاذات الإرهابيين في باكستان خصوصا أن ترمب وعد بتصعيد الحملة العسكرية على مقاتلي طالبان الذين حققوا مكاسب على حساب قوات الحكومة الأفغانية المدعومة من الولاياتالمتحدة. وسارعت طالبان بإدانة قرار ترمب الإبقاء على قوات أمريكية في أفغانستان دون وضع جدول زمني لسحبها وتوعدت بقتل الجنود الأمريكيين. وخص ترمب في خطابه باكستان بالذكر واتهمها بإيواء متشددين في ملاذات آمنة على أراضيها، هذه الاتهامات التي قوبلت بامتعاض ورفض من الأوساط الباكستانية التي اعتبرت تهديداته تدخلا في الشؤون الداخلية. وخلال انتخابات الرئاسة ، كان ترمب أشار إلى انسحاب سريع للقوات الأمريكية من أفغانستان، إلا أنه بدأ يتصرف عكس حدسه الأساسي بالموافقة على خطة الحملة الجديدة التي طلبها مستشاروه العسكريون. قائلا «عواقب الخروج السريع متوقعة وغير مقبولة». وزاد «التسرع في الانسحاب سيخلق فراغا سيملؤه على الفور الإرهابيون من داعش والقاعدة». ولم يحدد ترمب جدولا زمنيا للعمليات العسكرية الموسعة في أفغانستان، وكان الرئيس الجمهوري انتقد سابقيه لتحديدهم مواعيد نهائية للانسحاب من العراقوأفغانستان.. ويبدو ان ترمب الذي اتخذ قرار العودة لأفغانستان سيرث نفس الإشكالات التي واجهت جورج بوش الابن وباراك أوباما، بما في ذلك تمرد طالبان وحكومة كابول الضعيفة المنقسمة. وهو يضع حجر الأساس لتدخل أمريكي أكبر دون نهاية واضحة منظورة ودون أن يوضح معايير محددة للنجاح. العودة الترامبية لأفغانستان ستحمل الكثيبر من المفاجآت، لكن لن نستبق الأحداث.. لننتظر ونرى.