الأيام الأولى من رئاسة ترمب شهدت اشتباكا إعلاميا مع النظام الإيراني، كان يريد ترمب أن يضع الأطر للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط القائمة على حشر إيران في الزاوية، وإشهار كشف حساب بالسياسة الإيرانية التخريبية في المنطقة، وقد تزامنت توبيخات ترمب لإيران مع تصريحات وزير دفاعه جيمس ماتيس ونائبه مايك بينس ومستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل فيلين. لوحظ بعد ذلك هدوء على الجبهة الأمريكية. ذلك أن فريق البيت الأبيض والإدارة عموما لم تتضح معالمها بعد، رغم أن إدارة ترمب مليئة بالصقور المعادية لإيران، وقد رسخ الجيش السياسي الأمريكي في إدارة ترمب فكرة العداء لإيران واعتبارها الخطر الأول في المنطقة وفي عمق السياسة الأمريكية. الرهان الآن في الإدارة الأمريكية والنقاش الكبير يدور حول إمكانية فصل إيران عن روسيا، خصوصا أن أمريكا لا تريد صداما مع الرئيس بوتين، وفي هذه النقطة يختلف الطاقم الرئاسي الأمريكي، بين فريق يميل إلى التعامل بحذر مع فكرة فصل إيران عن روسيا ومنهم وزير الخارجية الأمريكي، فيما يرى وزير الدفاع أن هذه الفكرة من الصعب تحقيقها. إلا أن من أهم ما فعلته إدارة ترمب هو المجيء ب«ديريك هيرفي» إلى دائرة شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، بدلا من روبرت مالي الذي كان نافذا في إدارة أوباما، وعمل حثيثا على صناعة الاتفاق النووي مع إيران. وإذا قررت فعلا الإدارة الأمريكية المضي في مشروع فصل إيران عن روسيا، فإنها وبكل تأكيد ستكون مضطرة إلى إجراء أول تجربة على الساحة السورية، خصوصا بعد تحرك المسار السياسي وظهور ملامح اختلاف إيراني روسي؛ هذا الأمر من أكبر النقاشات في واشنطن اليوم ونجاحه مرتبط بمسار السياسة الأمريكية في المنطقة. لكن في الواقع، ليس من السهل إستراتيجية المواجهة مع إيران، خصوصا في سورية بعد أن بلغ عدد المقاتلين هناك أكثر من 30 ألف مقاتل؛ وبالتالي أي عملية مواجهة لإيران ستكون مكلفة للروس والأمريكان. ويتطلب مسارين سياسيا كفيلا بحل الأزمة السورية وعسكريا ممكنا أن تحشد له واشنطن وموسكو. وإذا سقط رأس الأفعى الإيرانية في سورية ومن بعدها اليمن، سنكون أمام دولة مجروحة يسهل فرض السيطرة عليها وإعادة تأهيلها للتخلص من كابوس مزمن في المنطقة.