إن كان قرار التورط في الدماء السورية اتخذه نظام الملالي في طهران عن سابق إصرار وتصميم بالاتفاق والتضامن مع نصر الله وحزبه، فإن الخروج من المستنقع السوري من المؤكد أنه ليست بيد الملالي ولا حرسهم الثوري ولا مرشدهم خامنئي ولا بيد نصر الله أيضاً. قائد الميليشيات الطائفية قاسم سليماني عندما ذهب إلى موسكو طالباً النجدة ومقنعاً الروس بالتدخل لإنقاذ الأسد المتهالك، أسقط من مخيلته وتفكيره كل الحسابات، فالمعضلة الأساسية لديه كانت إنقاذ الأسد ونظامه وإبعاد كأس الهزيمة عن النظامين الإيراني والسوري. لقد ظن سليماني ومعه كل الملالي أنهم قادرون على استنساخ التجربة العراقية، وما حصل مع الولاياتالمتحدة في العراق سيحصل مع روسيا في سورية، أي وبشكل أوضح فكما هرولت الإدارة الأمريكية منسحبة من العراق لصالح إيران, ستهرول الإدارة الروسية منسحبة من سورية بعدما تكون قد أدت ما عليها لصالح إيران أيضاً. لقد فات سليماني ونصر الله وزمرته من الملالي أن العراق ليس سورية، كما أن روسيا ليست الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأيضاً بوتين ليس أوباما. فإن كان أوباما وضع منذ وصوله للبيت الأبيض شعار عدم التورط العسكري فإن بوتين متعطش لكل تدخل لأنه متعطش لإنجاز عسكري. الدب الروسي دخل الساحة السورية ليس بصفة مقدم للخدمات، وليس أيضا بصفة جيش مرتزق، لقد تدخل في سورية لاستعادة أمجاد ضائعة لامبراطورية غائبة، دخل إلى الأزمة ليجد حلولا لأزماته التاريخية والإستراتيجية ليبقي أقدامه في المياه الدافئة التي لطالما كان فيها عبر بحر اللاذقية السوري. تورط إيران وحزب الله في سورية يبلغ ذروته أن كلا من الطرفين ينتظران ويترقبان متى سيطلب منهم الروسي الخروج من هناك، خصوصا أن هذا الطلب ليس ببعيد، فهذا ما نصت عليه التسوية الروسية التركية التي تقول بانسحاب كل الميليشيات الأجنبية بمن فيها حزب الله اللبناني. إيران وحزب الله في الأزمة السورية تماما كفقراء بني إسرائيل الذين قيل عنهم «كمثل الحمار يحمل أسفارا». سليماني ونصر الله ينتظران صفارة بوتين للانسحاب أو الهجوم وحتى تناول الطعام وعندما يطلق بوتين صفارته لا خيار أمامهم سوى الإنصات.