فاجأ الروس العالم بالانسحاب من سورية في خطوة توقع المراقبون أن تكون لها تداعياتها السياسية والعسكرية سواء في جنيف أو في دمشق، وطرح محللون سياسيون تساؤلات حول إذا كان الروس قد عزموا أمرهم على الانسحاب إذعانا لضغوط دولية وإقليمية، أو لأوضاع اقتصادية داخلية، فما هو مصير ومستقبل ميليشيات إيران وحزب الله؟وهل ستشهد الخطوة القادمة انسحاب هذه العصابات الطائفية، وترك الأمر للشعب السوري وثورته؟. لا يستبعد المحلل السياسي الدكتور أحمد الجندي احتمال أن تقدم ميليشيات إيران وحزب الله على هذه الخطوة، في ضوء التطور الدراماتيكي في الموقف الروسي، بيد أنه يرى أن ما قد يعجل بإقدامها على الانسحاب هو تفاقم خسائرها خلال المرحلة القادمة. ويشير في هذا السياق إلى أن الروس كانوا قد وضعوا سقفا زمنيا مفتوحا لتدخلهم العسكري في سورية، يتراوح بين 12و 18 شهرا، إلا أن فشلهم وعدم تحقيق الأهداف التي وضعوها دفعهم إلى الانسحاب السريع بعد نحو ستة أشهرمن الانخراط المباشر في الأزمة. ويربط الباحث في شؤون الشرق الأوسط أبو الفضل توفيق، الانسحاب الروسي بالتصعيد العسكري في شرق أوكرانيا، وتنامي خطر داعش وجماعات الإرهاب في آسيا الوسطى، ولكنه يرى أن الوضع الاقتصادي الصعب في روسيا عجل بقرار بوتين. ويتوقع أبوالفضل أن تسهم هذه الخطوة في خلق توازنات جديدة على الأرض وفي المنطقة، من شأنها إيجاد حلول سياسية للمأساة السورية، إلا أنه يستبعد إقدام إيران وحليفها الدجال حسن نصرالله على الذهاب بعيدا واتخاذ قرار الانسحاب في القريب العاجل إلا بمزيد من الضغوط الدولية والإقليمية، وهو ما يحدث فعليا في الوقت الراهن. ويعتقد المراقبون أن ثمة توافقات بل وصفقات قد جرت خلف الكواليس سوف تكشف تفاصيلها الأيام القادمة، دفعت بوتين لاتخاذ قرار الانسحاب من المستنقع السوري، وأن موسكو رأت أنه بعد نحو ستة أشهر لم تتمكن من القضاء على الفصائل المعارضة المسلحة أو حتى التنظيمات الإرهابية. ويرى هؤلاء أن الروس يبحثون عن مصالحهم، وحينما أدركوا الكلفة الباهظة للتواجد في سورية، قرروا الانسحاب سريعا، كما كان تورطهم سريعا.