حان موعد الحرث. ومرت أيام دون أي رشة خفيفة. ما يستدعي إقامة صلاة الاستسقاء. نبّ العريفة الناس إلى أداء الصلاة والدعاء والاستغاثة. وقال العريفة للموامين: ألمحوا لنا بقرة أو حسيلة نصعد بها معنا للمسقى. قالوا: ما معنا إلا بقرة بو هاشم. ذهبوا إليه فاعتذر. وقال «يا عيال الحلال الدنيا شحاحة. والناس أوضاعها ما تسر. منين أتعوض ببقرة بدالها. ومن يضمن لي قيمتها». قال أوثقهم بالله ظناً حسناً: «والله ما يعدي الوادي إلا وحقك عندك». اعترض الفقيه على اصطحاب البقرة إلى المسقى. ووصف فعلهم بالشرك المخرج من الملة. وحذّرهم من عواقب هذا الفعل. وأقسم أن الله لن يستجيب دعاء قلوب تعتقد في غيره. وقف العريفة وردّ عليه: «اسمع يالسهتول. نحن مؤمنون بالفطرة. والتقرب إلى الله بذبح بقرة ورد في القرآن. ومن السنة الصدقة قبل صلاة الاستسقاء. وانته خلّك عند مرتك. وانتظر الموحدين إلين يجون وتصلي معهم. بنصلي من غير وجهك». خرج الكبار والصغار والبقرة في وسط الجمع يقتادها بو جمعان. والكل يردد: «مطر وسيل. ارحم عبيدك. قدام الليل. والغيث غيثك». والصغار يرفعون أصواتهم المنغمة: «يا الله في مطر وسيل. ينتشي به كل غيل». لم تكد تنقضي الصلاة البدائية شكلاً ومضموناً. ويبدأ الذابح تمرير الشفرة على حنجرة البقرة تقرباً إلى الله. حتى دق الراعد. واحتشدت الغيوم. ورسم البرق أجمل لوحاته على صدر السماء. وسالت أودية بقدرها. وجاء مالك البقرة مطالباً بالوفاء بالوعد: «يا الرفاقة عدّا الوادي. هات حقي». ردّ أحدهم أبشر بسعدك. أنحن في رحمة وخير لا تفسد علينا فرحتنا. قال: «الله أعطاكم إلى اشتا الصيف». نشب الفقيه. كونه لا بلاد كثيرة له. ولا ثور ولا بقرة. حياته على الله. ورزقه على خلق الله. اعتذر من الجماعة. وأقر أنه أساء الظن بالله وبالناس. وفي زمن لاحق شحّت الأمطار. فاقترحت هيئة الأرصاد استمطار السحب. وبعثت طائرات تنثر مواد كيميائية لتحبيل السحاب. كان الفقيه منسدح. فصاح أحد أبنائه: «يا به مطر» فقال: «مطر ربي وإلا مطر الأرصاد». علمي وسلامتكم.