غادر أبو علي الباحة مستفزعا بأكبر مسؤول كونه باع بقرته ليكمل الطريق من الطائف إلى الباحة على نفقته الخاصة قبل أن تشرع الدولة في فتح الطرق وتعبيدها، وقال للمسؤول: خسرت حتى بقرتي، فتساءل الكبير: لا تكون بقرتك مثل بقرة بني إسرائيل؟ فرد أبو علي: بقرة بني إسرائيل أحيت نفسا واحدة وبقرتي أحيت منطقة بأكملها. كان أهل القرى يفضلون في الأضاحي البقر خصوصا كبيرة السن كون لحمها يتحول إلى (قليم) أو (قصيل) فيتشارك سبعة في بقرة ويجتمعون في فناء أحدهم صبيحة الأضحى ويربطون الحبال في قدميها ويديها ثم يطرحونها أرضا ويبدأ الذابح يردد (اللهم إنها أضحية فلان وفلان وفلان وعيدنا وعيد من سلم وغنم من المسلمين باسم الله والله أكبر)، ويتناول المهرة السكاكين للسلخ فيما كنا نحن الصغار نعاون برفع ساق البقرة أو يدها أو حمل اللحم وفرده على الهدم ونحن نترقب بقلق شديد ما يسفر عنه فتح بطنها وما هي إلا ساعات حتى ينقسم اللحم إلى سبعة أكوام وتأتي القرعة وبنقل اللحم يبدأن السيدات إعداد الإفطار ثم يباشرن تقطيع اللحم والشحم قطعا صغيرة في قدر كبير ويوضع على نار هادئة ويملح حتى ينضج ثم يبرد ويتحول الشحم إلى مادة حافظة قبل عصر البرادات والثلاجات ويلف القدر بشرشف كبير ثم يعلق في سقف البيت حفظا له من القطط وأنامل الصغار ويستمر الأكل منه عاما كاملا عند البعض وبعض القرويين يتعمد تعييب عيد الآخرين أو اتهام البقرة بأنها دافع (مندولة) ومنهم شاعرنا الذي قال (أبو محمد وبو جمعان، الدور الأول هبطوا رغدان، وتقاسموا بقرة بطنها خربان، يا سين يا سين يا بو فارس، وش تأكل وش تعطي المعيدة)، قال أحدهم: قل لي ماذا تأكل أقل لك من أنت؟، لا شك أن للطعام تأثيراته على التفكير وعلى الروح وعلى سعة الصدر. علمي وسلامتكم وكل عام وأنتم بصحة وسلام.