قد يهون الخطأ إذا صدر عن إدارة ذات إمكانات محدودة ووسائل مفقودة، أما أن يصدر عن جهة لها من الإمكانات والوسائل ما يفرض عليها الدقة في التفصيل، والصدق في ما يصدر عنها من معلومات يصبح الحال أكثر وأكبر من مغالطة! لكن الذي يبدو أن أمانة محافظة جدة لم تكن تحسب أن في منطقتنا – على الأقل – من علماء البيئة وبالدرجات العلمية العالية التي لا تنطلي عليهم تلك المغالطة، وسرعان ما يتم اكتشافها! والشاهد على ذلك ما نشرته «عكاظ» بتاريخ 1438/1/23ه وقد جاء فيه: سخر المجلس الاستشاري للجمعية السعودية للعلوم البيئية من ردود أمانة جدة حول نفوق أسماك الساردين في بحيرة النورس الأربعاء الماضي، وقال ل «عكاظ» إن رد الأمانة تنقصه الكثير من الحقائق العلمية وإن فقرات التقرير الصادر عن أمانة مدينة جدة «غير مقنع وغير موفق». وأضاف أن المعلومات التي أوردتها الباحثة الأستاذ المساعد بجامعة الملك عبدالعزيز بكلية العلوم قسم الأحياء عضو المجلس الاستشاري بالجمعية الدكتورة فتون الصائغ عن الكارثة كانت أكثر واقعية واعتمدت على معطيات ودراسة علمية مقنعة عن الأسباب الحقيقية وراء النفوق. وأضاف المجلس أن تقرير أمانة جدة ألقى اللائمة على ضعف تيارات المد والجزر، وهو أمر غير دقيق فالمنطقة الواقعة بين خطي عرض 19-20 شمال تقع تحت نظام ما يطلق عليه «امفودرومك» حيث تنعدم تيارات المد والجزر في المنطقة المذكورة، فكيف ننسب هذه الكارثة لعامل ثابت لا يتغير؟ ومن عجب أن الأمانة أنكرت معلومة لا تخفى على من لا علم عنده إلا القليل.. فقد تلقت «عكاظ» نسخة من المجلس الاستشاري بياناً جاء فيه: إن تقرير الأمانة أنكر دور ظاهرة المد الأحمر في حدوث الظاهرة بينما أثبتت الدكتورة فتون الصائغ في محاضرة ألقتها في مكتبة الملك فهد العامة وجود الطحالب المسببة لظاهرة المد الأحمر في المنطقة. كما أن المجلس لفت إلى أن كل البيانات والمعلومات العلمية الصادرة في تقرير الأمانة لم تكن موثقة، إذ تناول انخفاض تركيز الأكسجين في الماء وجميع هذه المعطيات غير علمية. وعبر الأعضاء عن دهشتهم لتوضيحات الأمانة وبيانها عن وجود مياه عذبة (مجهولة المصدر) ساهمت في نفوق الساردين والواقع أن هذه ليست مياها عذبة بل مياه صرف صحي فهناك مصبات للمياه المعالجة تقذف سمومها على سواحل جدة. هذه بعض الحقائق التي تفند تصريح ما جاء في أمانة محافظة جدة.. ولقد انتظرت أكثر من شهر على أمل أن أقرأ ما قد تصدره الأمانة بما لديها من معلومات ما لا يعرفه علماء البيئة.. ولكن الذي حدث أن لا جواب ولا خبر صدر عن الأمانة. السطر الأخير: إن الحقيقة كعين الشمس.