باعت المملكة أغلى رخصة للاتصالات في العالم لمشغل ثالث، وذلك بمبلغ 23 مليار ريال (لمدة 25 سنة) وهذا يعني أن الشركة ستظل تدفع على فاتورتها التشغيلية 900 مليون سنويا كغطاء لهذه الرخصة طوال هذه الفترة، وهذا المبلغ مسترد من أسعار الخدمة المقدمة، فهو رسم على الشركة يسجل لاحقا على المستهلك النهائي، وذلك قبل أن تمدد هيئة الاتصالات للشركة 15 سنة أخرى! شراء هذه الرخصة بمثل هذا المبلغ الكبير، وفي ظل وجود شركتين سبقتا الشركة الثالثة إلى السوق يدل على أن الدراسات تشير إلى جدوى هذا السوق في ظل عدد المشتركين والقوة الشرائية، إضافة إلى كثرة الكلام والثرثرة والانغماس في تطبيقات «الإنترنت» والتواصل الاجتماعي كمكّون اجتماعي يزيد كثيرا عن المتوسط العالمي. ولأن متوسط إنفاق السعودي على خدمات الاتصالات عموما (جوال، إنترنت، ثابت) تبلغ 588 شهريا نصيب الجوال منها يبلغ 238 ريالا، فإن إجمالي الإنفاق في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة والبرمجيات قد وصل إلى 120 مليارا عام 2015 بمعدل نمو سنوي 7%، ولو قامت المملكة بإقامة مقسم الإنترنت الوطني حسب خطة هيئة الاتصالات لتبادل حركة الإنترنت المحلي بين مقدمي الخدمة والجهات المستفيدة وتحديد الآلية المثلى لتنظيم خدمات الحوسبة السحابية في المملكة، فإن القيمة المضافة لهذا القطاع سوف تقفز من 77 مليارا إلى 100 مليار ريال، لكن العجيب هنا أنه رغم حجم هذا السوق وارتفاع عدد السكان وكثرة الوافدين وزوار الأماكن المقدسة في مواسم الحج والعمرة، إلاّ أن الأرباح المتحققة من وراء هذا القطاع يقل عن أرباح دولة خليجية مجاورة، بل عن شركة واحدة!. فشركة الاتصالات الإماراتية حققت خلال النصف الأول من 2006، أرباحا بقيمة 4.315 مليار درهم، فيما سوق الاتصالات السعودي لم تربح فيه شركة واحدة هي شركة الاتصالات السعودية وبمبلغ 4.240 مليار ريال لنفس المدة (بنقص 27% عن نفس الفترة من العام السابق) أما بقية الشركات فقد سجلت خسائر كبيرة وسوف تبقى كذلك، إذن المسألة ليست سوقا ولا قدرة شرائية ولا عدد سكان، إنما كفاءة في استثمار هذه الفرص وأساليب إدارتها وتكاليف تشغيلها، فالشركة الإماراتية مثلا تخدم 163 مليون مشترك وتعمل في 19 بلدا وهنا يكمن الفارق بين قطاع محفز يخلق الفرص، وقطاع آخر عاجز عن استثمار هذه الفرص حتى وإن كانت متاحة وموجودة.