قالت مصادر من المعارضة السورية إن نظام الرئيس بشار الأسد بدأ في التآكل، بإعلان 233 عضواً من حزب البعث الحاكم استقالتهم الأربعاء. إلى ذلك، أكد شهود عيان وقوع اشتباكات بين الجيش والفرقة الخامسة في درعا بسبب قمع التظاهر. وفي التفاصيل، أعلن 203 أعضاء إضافيين في حزب البعث الحاكم في سورية الأربعاء استقالتهم. وقبل ذلك كان 30 عضوا في الحزب من مدينة بانياس الساحلية قد اعنلوا استقالتهم احتجاجاً على (ممارسات) أجهزة الأمن، وذلك في بيان صدر عنهم. وقال الموقعون على البيان (إن ممارسات الأجهزة الأمنية والتي حصلت تجاه المواطنين الشرفاء والعزل من أهالينا في مدينة بانياس والقرى المجاورة لها، لا سيما ما حصل في قرية البيضا يناقض كل القيم والأعراف الإنسانية ويناقض شعارات الحزب التي نادى بها). وأشار البيان إلى (تفتيش البيوت وإطلاق الرصاص العشوائي على الناس والمنازل والمساجد والكنائس من قبل عناصر الأمن والشبيحة)، وأضاف أن ذلك يؤدي إلى (الاحتقان الطائفي وبث روح العداء بين أبناء الوطن الواحد). وجاء في البيان (والأنكى من ذلك تم تصوير هذه الحملة من إعلامنا على أبنائنا الذين استشهدوا أو جرحوا أو عذبوا وكأنهم عصابات إجرامية مسلحة). وتابع البيان (لذلك ونظراً للانهيار المتعمد لمنظومة القيم والشعارات التي تربينا عليها في الحزب طيلة العقود الماضية والتي تم تحطيمها على يد الأجهزة الأمنية فإننا وبناء عليه نعلن استنكارنا واستهجاننا وشجبنا لما حدث ونتساءل عن مصلحة أجهزة الأمن والدولة من مثل هذه الأفعال المشينة ونعلن انسحابنا من الحزب). ويقدر عدد أعضاء الحزب الحاكم في سورية بنحو مليوني شخص غير أن الكثير منهم لا يشارك بفعالية وتم تنظيمهم خلال فترة الدراسة الثانوية والجامعية خاصة في الفترة التي كان يمنح فيها الأعضاء بعض الامتيازات في ولوج الجامعات العامة والبعثات الخارجية والتوظيف، كما أن الانتساب إلى الجيش السوري يعني بالضرورة أن الانضمام إلى الحزب حيث يمنع العسكريون الانضمام إلى حزب آخر حتى لو كان من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث. من جانب آخر، طالب الحزب الشيوعي السوري في بيان صادر عنه ب(نبذ العنف والعنف المضاد بجميع أشكاله، وكشف ومحاسبة المسؤولين عن هذه الممارسات التي أضرت بالبلاد، واعتماد الحلول السياسية والسلمية في كل ما يواجه البلاد من مشكلات). كما طالب ب(تنفيذ مراسيم الإصلاحات الديمقراطية التي أصدرها السيد رئيس الجمهورية، على أرض الواقع، واستكمال إصدار القوانين والمراسيم الأخرى مثل قانون الأحزاب والإعلام وغيرها، ووقف الاعتقالات العشوائية والإفراج عن الموقوفين الأبرياء نتيجة الأحداث الأخيرة، وإطلاق سراح معتقلي الرأي). * * * مجلس حقوق الإنسان يعقد جلسة حول الأوضاع في سورية * * * أعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنه بصدد عقد جلسة خاصة عن تدهور الوضع في سورية. وجاء في بيان أصدره المجلس أمس الأربعاء أن الجلسة ستعقد يوم الجمعة المقبل بعد أن وافق عدد كافٍ من الدول على طلب أميركي بهذا الصدد. وذكر البيان أن طلبا أميركيا لانعقاد جلسة عاجلة للمجلس قد حظي بموافقة 16 دولة من الدول ال47 الأعضاء في المجلس الذي يتخذ من مدينة جنيف بسويسرا مقرا له. وقال البيان إن كلا من فرنسا وبريطانيا هما من بين الدول التي وافقت على الطلب الأميركي لعقد الجلسة. إلا أن البيان أكد أن أيا من الدول العربية لم تكن على قائمة الداعين لعقد الجلسة التي تحتاج إلى موافقة نسبة ثلثي الدول الأعضاء لإقرار أي قرار أو بيان تتم مناقشته. * * * 453 قتيلاً حتى الآن * * * وعلى صعيد عدد قتلى الاضطرابات في سورية أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن أنه أحصى أسماء 453 مدنيا قتلوا منذ انطلاق الاحتجاجات في سورية قبل نحو ستة أسابيع. وقال رئيس المرصد رامي عبد الرحمن إن القتلى هم من محافظات درعا وريف دمشق وحمص واللاذقية وطرطوس. وعلى الصعيد الدبلوماسي، استدعت فرنسا السفيرة السورية لديها لإبلاغها بموقف باريس مما يجري في سورية. فقد أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنارد فاليرو، أن الوزارة استدعت الأربعاء السفيرة السورية لدى باريس، لمياء شكُّور، (لإبلاغها بإدانة باريس للتصعيد في عمليات القمع في بلادها). وقال المتحدث: (لقد استدعينا السفيرة إلى وزارة الخارجية، إذ استقبلها السكرتير الخاص لوزير الخارجية. نحن نريد أن نذكِّرها بإدانتنا لتصعيد القمع وبرغبتنا لرؤية نهاية للجوء إلى القوة ضد السكان دونما إبطاء، وبطلبنا بإطلاق كافة المعتقلين السياسيين). بدورها، أعلنت ألمانيا أنها تساند فرض عقوبات أوروبية ضد القيادة السورية. فقد قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، ستيفان شيبرت: (سوف تتم دراسة إمكانية فرض عقوبات بحق القيادة السورية، ونحن سندعم بقوة مثل هكذا عقوبات). ويواصل مجلس الأمن الدولي الأربعاء مداولاته بشأن الوضع في سورية، وسط توقعات بأن تواجه جهود إصدار بيان لإدانة أعمال العنف والقمع الجارية هناك معارضة من قبل كل من الصين وروسيا. فقد أشار دبلوماسيون إلى أن تبني أي بيان لإدانة سورية يتوقف على موافقة روسيا والصين، العضوين الدائمين في مجلس الأمن الذي سيستأنف اليوم مشاوراته بشأن مشروع البيان. فقد دأبت الصين وروسيا، اللتان ترتبطان بعلاقة مميزة مع سورية، على معارضة كافة المبادرات المنطوية على ما تقول الدولتان إنه (تدخل في الشؤون الداخلية للدول المعنية). ويرى بعض المراقبين أن روسيا، على وجه الخصوص، تشكل العقبة الأساسية أمام اعتماد البيان الذي يدعم أيضا مطلب إجراء تحقيق في الأحداث التي تشهدها سورية. وكانت أربع دول أوروبية، هي بريطانيا وفرنساوألمانيا والبرتغال، قد تقدمت بمشروع بيان إلى المجلس يهدف إلى إدانة ما يجري في سورية من (قمع وأعمال عنف). إلى ذلك، دعت كل من فرنسا وإيطاليا الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى اتخاذ (إجراءات حازمة لوقف العنف الجاري في سورية). ففي بيان مشترك، حثت الدولتان على ممارسة الضغط على سورية لإنهاء حملتها في قمع المتظاهرين. * * * لا تدخل عسكري * * * من جانب آخر، استبعدت الولاياتالمتحدة وبريطانيا احتمال تدخل عسكري غربي في سورية على غرار نسق ما يجري حاليا في ليبيا. ففي تصريحات أدلى بها في أعقاب محادثات أجراها مع نظيره الأميركي، روبرت جيتس، في واشنطن، قال وزير الدفاع البريطاني، ليام فوكس: (إن هنالك قيودا عملية تحد من المقدرة العسكرية الغربية في سورية). وأضاف: (لا يمكن أن نفعل كل شىء في كل الأوقات، ويجب أن ندرك أن هناك قيودا عملية لما يمكن أن تقوم به بلادنا). من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، إنه (لم يفت الأوان بعد بالنسبة للحكومة السورية لدعم الإصلاح السياسي في البلاد). وقال هيغ: (يتعيَّن على الرئيس الأسد أن يبرَّ بوعوده بالإصلاح). إلا أن الوزير البريطاني حذر في الوقت ذاته دمشق من فرض عقوبات دولية عليها في حال مواصلة القيادة السورية قمع المظاهرات والاحتجاجات المناوئة للنظام. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد أدان استخدام العنف ضد المتظاهرين المسالمين في سورية، و(خاصة استخدام قوات الأمن للدبابات والرصاص الحي ضد المتظاهرين). ففي تصريحات أدلى بها للصحفيين في أعقاب مشاورات في مجلس الأمن حول الأوضاع في سورية، قال بان: (نحن نراقب عن كثب وبقلق متنام ما يجري). وشدد على (واجب السلطات السورية في حماية المدنيين واحترام القواعد الدولية في مجال حقوق الإنسان). ودعا إلى إجراء تحقيق (مستقل وشفاف بشأن مقتل العشرات في سورية). * * * عقوبات على ماهر الأسد * * * وأكدت مصادر أميركية مسؤولة أن ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد وقائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري سيتصدر قائمة المسؤولين السوريين الذين ستصدر بحقهم العقوبات الاقتصادية التي أعلنت عنها الولاياتالمتحدة يوم الاثنين الماضي، بسبب دورهم في قمع المظاهرات الاحتجاجية. وتقضي العقوبات بتجميد أي أرصدة مالية للمسؤولين تكون مودعة في مصارف أو مؤسسات مالية أميركية. وتوقعت المصادر أن تصدر العقوبات في حق هؤلاء قبل يوم الجمعة المقبل، وهو اليوم الذي تجري فيه عادة المظاهرات الكبيرة. وأكدت المصادر أن استخدام السلطات السورية (القمع الوحشي للمتظاهرين المدنيين) يوم الجمعة الماضي، كان العامل الرئيسي الذي دفع الرئيس باراك أوباما إلى اتخاذ قراره. وكانت إدارة الرئيس السابق جورج بوش قد فرضت عقوبات مماثلة ضد مسؤولين سوريين، من بينهم المسؤول الاستخباراتي، بالإضافة إلى محمد ناصيف ورستم غزالة وجامع جامع اللذين كانا مسؤولين عن أجهزة الاستخبارات السورية في لبنان قبل انسحاب القوات السورية في 2005. وتقوم مصارف الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة بعد مثل هذه القرارات الأميركية بتفادي التعامل مع المسؤولين الذي تشملهم العقوبات أو فرض عقوبات مماثلة ضدهم. * * * سفير سورية: سنحقق بأنفسنا في قتل المتظاهرين * * * ومن جانبه، قال سفير سورية لدى الأممالمتحدة: إن دمشق قادرة تماما على أن تجري بنفسها تحقيقات شفافة في مقتل متظاهرين مناهضين للحكومة ولا تحتاج لمساعدة خارجية. وأبلغ السفير بشار جعفري الصحفيين الذي سألوه التعقيب على دعوة من الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون إلى إجراء تحقيق (سورية لديها حكومة ولديها دولة يمكننا أن نضطلع بأي تحقيق بأنفسنا بشفافية كاملة). وقال جعفري الذي كان يتحدث خارج قاعة مجلس الأمن في مقر الأممالمتحدة حيث فشل أعضاء المجلس في الاتفاق على بيان يدين الحكومة السورية (ليس لدينا ما نخفيه). ومضى قائلا: (نأسف لما يحدث حاليا لكن عليكم أيضا أن تعترفوا بحقيقة أن هذه الاضطرابات وأحداث الشغب -في بعض جوانبها- لها برامج خفية.( مضيفا أن حكومات أجنبية تحاول زعزعة استقرار سورية. وسأله الصحفيون أن يذكر أسماء الدول التي تعتقد دمشق إنها تقف وراء الاضطرابات فقال: إن من (المبكر جداً) تقديم تفاصيل. وكان الدبلوماسي السوري يتحدث بعد أن قال شهود: إن قوات الأمن انتشرت في ضاحية بالعاصمة السورية دمشق وفي مدينة بانياس أمس الثلاثاء في خطوة جلبت للرئيس السوري بشار الأسد انتقادات دولية لإرساله الدبابات لسحق تمرد. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى تحقيق مستقل في مقتل أشخاص وصفهم بأنهم متظاهرون مسالمون. وقال جعفري: إن الأسد أصدر توجيهات إلى الحكومة (لإنشاء لجنة تحقيق واستجواب وطنية بشان جميع الضحايا بين المدنيين). وأضاف قائلا: (نحن لا نحتاج مساعدة من أي أحد). وجددت السفيرة الأميركية سوزان رايس القول: بإن واشنطن تدرس احتمال عقوبات أميركية موجهة إلى دمشق ردا على العنف ضد المحتجين وجددت اتهاما بأن سورية تسعى للحصول على مساعدة من إيران لقمع المحتجين. وأبلغت رايس الصحفيين عقب الجلسة المغلقة لمجلس الأمن (العنف الوحشي الذي تستخدمه الحكومة السورية ضد شعبها هو شيء بغيض ويبعث على الأسف). وأضافت: أن المجلس المؤلف من 15 دولة سيعود لمناقشة مسألة سورية مرة أخرى أمس الأربعاء. وقال دبلوماسيون بالمجلس لوكالة رويترز: إن بريطانيا وفرنساوألمانيا والبرتغال وزعت على أعضاء المجلس الأحد عشر الآخرين مسودة بيان تدين حملة سورية العنيفة ضد المحتجين وتحث الحكومة السورية على ضبط النفس. لكنهم أضافوا أن روسيا والصين ردتا بفتور وهو ما يثير شكوكا بشان هل سيكون بمقدور المجلس الاتفاق على توجيه توبيخ لدمشق. وقال الدبلوماسيون: إنه لا توجد أي خطط للدعوة إلى عقوبات للأمم المتحدة. وتحول البلدان اللذان يملكان حق النقض (الفتيو) في مجلس الأمن إلى اتخاذ موقف منتقد بشكل متزايد للتدخل الذي ساندته الأممالمتحدة لحماية المدنيين في ليبيا. ويقول دبلوماسيون بالمنظمة الدولية: إن موسكو وبكين قلقتان من أن هذا التدخل يهدف إلى الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي. وقال دبلوماسيون: إن الوفد اللبناني سيفضل أيضا ألا يدين المجلس سورية. وللبنان -البلد العربي الوحيد العضو في مجلس الأمن حاليا- علاقة مضطربة مع جارته وما زال النفوذ السوري قويا هناك. وقال جعفري: إنه ينبغي لمجلس الأمن ألا يعتمد على المعلومات من وسائل الأعلام لاتخاذ قرارات. وأضاف قائلا: (يجب ألا يتصرف مجلس الأمن كرد فعل على تقارير لوسائل الأعلام ينبغي له أن يعتمد على التقارير الرسمية).