شكوك جديدة بنوايا الحركة الإسلامية التي تحاول استمالة التونسيين تارة بخطاب اسلامي عقائدي وأخرى بخطاب سياسي ليبرالي. تونس - فيما تصاعدت الشكوك حول مصداقية خطابها المزدوج تحاول حركة النهضة الإسلامية الفائز الأول في انتخابات المجلس التأسيسي الأخيرة طمأنة التونسيين على مكاسبهم التي تحققت نتيجة نضال أجيال من المفكرين والمصلحين. وتعهد الأمين العام للحركة حمادى الجبالي بالتزام حزبه بضمان حرية التونسيين والتونسيات فى الرأي والانتماء والدين والمعتقد، مؤكدا ان الحركة ستعطي "الضمانات الدستورية والتطبيقية لهذه المبادئ". وأوضح الجبالي خلال لقاء جمعه الخميس بمهنيي القطاع السياحي أن حركة النهضة هي "حركة مدنية ذات مرجعية إسلامية تحرص على ضمان الحريات الشخصية والعامة لكل التونسيات والتونسيين بما في ذلك حرية المعتقد". وهذه أول رسالة تتوجه بها حركة النهضة إلى المجتمع التونسي الذي تتصاعد فيه شكوك حقيقية حول مدى مصداقية وجدية خطابها بخصوص احترام الحريات. وقال الناشط اليساري في القطب الحداثي شهاب الهمامي "إن حركة النهضة تمثل تهديدا لقيم الحداثة التي تعد خصوصية المجتمع التونسي وفي مقدمتها حرية المرأة والحريات الفردية والعامة". وأضاف أن فوزها في الانتخابات "يضعها تحت مجهر اختبار مدى احترامها لقيم الحداثة، وإذا حاولت تمرير مشروع مجتمعي ظلامي فإن مختل تيارات القوى الديمقراطية واليسارية ستتصدى لها". وتابع الهمامي "نحن نعلم أن النهضة تستعمل ازدواجية الخطاب لتكسب في نفس الوقت ولاء قواعدها من خلال خطاب اسلامي عقائدي وولاء بعض قطاعات المجتمع من خلال خطاب سياسي ليبرالي، لكننا نحن في اليسار نقول للنهضة أنه عليها أن تقطع مع هذه الازدواجية بعد أن استأمنها الناخب التونسي على مكاسبه وتطلعاته". وقال مراقبون إن تعهدات الجبالي أمام مهنيي القطاع السياحي بشان احترام الحريات الشخصية هي رسالة لتبديد مخاوف السياح الأوروبيين من الأوضاع فى تونس بعد فوز النهضة. ولاحظ مراد المستيري، صاحب فندق بمدينة الحمامات أن الوضع الحالي لقطاع السياحة هو "وضع كارثي ويستوجب خطة عاجلة لإنعاشه فقد اضطر المهنيين إلى غلق فنادقهم وما نخشاه هو أن تباشر حركة النهضة تنفيذ مشروعها الإسلامي الذي يعد مبعث قلق للفاعلين في قطاع السياحة وللسياح الأوروبيين على حد سواء". وأضاف "خطاب النهضة يحاول طمأنتنا لكننا نريد إصلاحات ومشاريع تنفذ على أرض الواقع". وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي صرح أن حركته لن تمنع بيع الخمور ولكنها ستعمل على بناء منتجعات سياحية إسلامية. غير أن حمادي الجبالي أشار متحدثا عن نوايا النهضة بخصوص النشاط الفندقي في المستقبل إلى ان الحركة "لن تفرض على احد أشياء لا يقرها القانون الذي سينص على طبيعة نشاط النزل وسيكفل حرية المأكل والمشرب واللباس"، مشيرا إلى أنها "حريات شخصية ولا يمكن فرضها بالقوة". وبين ان الحركة أعدت مخططا عاجلا للنهوض بالسياحة ستعرضه على شركائها السياسيين مع تشريك كل المتدخلين فى القطاع على ان يتم تنظيم لقاءات مع المهنة لتعميق النظر فيه. لكن عددا من المهنيين طلبوا من النهضة التي تستعد لحكم البلاد أن "يكون انفتاح تونسالجديدة امرأ ملموسا على ارض الواقع ولا يبقى مجرد أقوال داعين الحركة إلى "الالتزام بخطابها وترجمته الى أفعال من خلال التصدي لكل مظاهر العنف التى تقوم بها بعض العناصر المتطرفة، والتى تنسب نفسها إلى النهضة". وكانت مجموعات سلفية هاجمت خلال الفترة الأخيرة عددا من الملاهي الليلية وأحرقتها، ورغم تنديد النهضة بتلك الأعمال فإن المراقبين على يقين بأن الإسلاميين باتوا يهددون الحريات الشخصية. ميدل ايست أونلاين