أعلن الأمين العام لحزب حركة النهضة حمادي الجبالي أن حزبه رشحه لرئاسة الحكومة التونسية التي سيشكلها بعد الإعلان النهائي عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، في حين سعى الحزب –الذي حقق فوزا كبيرا في الانتخابات- إلى طمأنة الداخل والخارج بشأن توجهاته ونواياه. وقال الجبالي –وهو سجين سياسي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي- إن حركة النهضة رشحته لرئاسة الحكومة التي تنوي تشكيلها خلال نحو شهر من إعلان النتائج النهائية للانتخابات التي تظهر النتائج الجزئية أن النهضة متقدمة فيها بفارق كبير عن منافسيها. ونقلت وكالة تونس أفريقيا للأنباء عن الجبالي قوله إن ترشيحه "أمر بديهي باعتبار أن الأمين العام للحزب الفائز بالأغلبية في كل الديمقراطيات في العالم يتولى رئاسة الحكومة". رئاسة الجمهورية وكشف الجبالي (62 عاما) في تصريحات لإذاعة "إكسبرس أف أم" التونسية الخاصة، أن الحركة "قررت منح نصف المقاعد التي حصلت عليها في المجلس التأسيسي لنساء ناشطات في الحركة محجبات وغير محجبات". وأضاف أن النهضة سترشح لرئاسة الجمهورية الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية منصف المرزوقي (66 عاما)، أو الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر (71 عاما)، وهما يساريان يوصفان بأنهما معتدلان. ولم يستبعد الجبالي –الذي يعتبر ثاني أهم قيادي في النهضة بعد رئيسها راشد الغنوشي ويصفه مراقبون بأنه "إسلامي معتدل"- أن ترشح الحركة أيضا رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية الحالية الباجي قايد السبسي (85 عاما) لمنصب رئيس الجمهورية خلفا للرئيس المؤقت فؤاد المبزع. وأكد رفض حركة النهضة "التام" الدخول في أي تحالف مع القائمة المستقلة المسماة "تيار العريضة الشعبية للعدالة والحرية والتنمية"، التي يرأسها المليونير التونسي المقيم في لندن هاشمي الحامدي، دون ذكر للأسباب. يشار إلى أن الحامدي سبق أن كان منتميا إلى حركة النهضة عندما كانت محظورة في عهد بن علي ثم انسحب منها. أقصر وقت ممكن وأعلنت حركة النهضة في وقت سابق فوزها بأكثر من 40% من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي، الذي سيتولى صياغة دستور جديد للبلاد تجري على أساسه في وقت لاحق انتخابات رئاسية وتشريعية، كما سيشكل حكومة تدير شؤون البلاد خلال هذه المرحلة الانتقالية. وقال زعيم الحركة راشد الغنوشي -في تصريحات لإذاعة "إكسبريس أف أم" التونسية، ردا على سؤال بشأن تشكيل الحكومة- "النهضة ستنال نصيبها في روح من التنازل والإيثار، لكن الحزب الحاصل على الأغلبية هو الذي يشكل الحكومة، هذا هو الوضع الطبيعي". وأضاف الغنوشي أن مختلف الإجراءات -التي تلي الانتخابات وصولا إلى تشكيل الحكومة الانتقالية- "يجب أن تتم في أقصر وقت ممكن لا يزيد عن شهر". وأكد في هذا الصدد أن حزبه يؤيد قيام تحالف وطني واسع، وقال "نحن بدأنا حتى من قبل الانتخابات التشاور مع كل القوى السياسية التي عارضت بن علي ولا نستثني منها أحدا". رسائل طمأنة من جهة أخرى سعت النهضة إلى طمأنة العلمانيين والمستثمرين الذين يشعرون بالقلق بشأن توليها السلطة في بلد يوصف بأنه من أكثر البلدان العربية ليبرالية. وقالت الحركة إنها لن تفرض قيودا على لباس المرأة أو على الخمور، ولن تفرض قواعد مصرفية إسلامية في التعاملات البنكية، ولن تمس بقطاع السياحة. ونسبت وكالة تونس أفريقيا للأنباء إلى الجبالي قوله إن القطاع السياحي يعد من "المكتسبات التي لا مجال للمساس بها"، وتساءل "هل من المعقول أن نصيب قطاعا حيويا مثل السياحة بالشلل بمنع الخمور وارتداء لباس البحر وغيرها من الممارسات؟"، مؤكدا أن هذه "حريات شخصية مكفولة للأجانب وللتونسيين أنفسهم". وارتفع مؤشر بورصة تونس بشدة يوم أمس الأربعاء بعد اجتماع الغنوشي مع مسؤولين تنفيذيين بها، حيث أبلغهم أن حركته تؤيد إدراج مزيد من الشركات في البورصة. وأوضح مسؤول كبير في النهضة أن الغنوشي أكد خلال اللقاء أن البورصة مهمة للغاية، وأنه يؤيد زيادة الإدراجات لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي وتنويع الاقتصاد. نتائج جزئية وقد واصلت النهضة تقدمها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، حسب ما أكدته نتائج جزئية جديدة أعلنتها يوم أمس الأربعاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حيث حصلت على 44 مقعدا بعد فرز 14 من 27 دائرة انتخابية، وبإضافة المقاعد التي فازت بها في الخارج يصبح إجمالي مقاعدها حتى الآن 53 من 217. وفاز حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (يساري قومي) ب18 مقعدا بينها أربعة في الخارج، تليه قائمة "العريضة الشعبية من أجل الحرية والعدالة والتنمية" بقيادة الهاشمي الحامدي ب16 مقعدا بينها مقعد في الخارج. وتفوقت قائمة الهاشمي -التي أحدثت مفاجأة- حتى الآن على حزب التكتل من أجل العمل والحريات بزعامة مصطفى بن جعفر الذي فاز بعشرة مقاعد بينها ثلاثة في الخارج. أفاد شاهد عيان أن حوالى 2000 شخص خرجوا، منذ قليل، فى مظاهرة مناهضة ل"حركة النهضة الإسلامية" بمدينة سيدى بوزيد (وسط البلاد)، والتى تعد "مهد الثورة التونسية".وقال عبد الستار كدوسى، فى اتصال هاتفى من سيدى بوزيد، "خرج منذ قليل حوالى 2000 شخص فى مظاهرة ضد حركة النهضة وأمينها العام حمادى الجبالي".وأشار إن المتظاهرين الذين يزداد عددهم رددوا شعارات معادية ضد الجبالى، كان منها "يا جبالى يا جبان شعب بوزيد لا يهان" و"يا جبالى يا جبان شعب الثورة لا يهان". وأوضح أن المتظاهرين جابوا الشارع الرئيسى لمدينة سيدى بوزيد ثم تجمعوا أمام مقر حركة النهضة فى المدينة مرددين الشعارات المذكورة. وندد المتظاهرون بتصريحات صحفية أدلى بها أمس حمادى الجبالى، أمين عام حركة النهضة، وأعلن فيها أنه لن يتعامل أو يتحالف داخل المجلس الوطنى التأسيسى مع قائمة مستقلة يقودها الهاشمى الحامدى أحد أبناء محافظة سيدى بوزيد. يقود الحامدى، الذى يقيم فى العاصمة البريطانية لندن، قائمة "العريضة الشعبية من أجل الحرية والعدالة والتنمية" المستقلة، والتى يقول مراقبون إنها كانت "مفاجأة" انتخابات المجلس التأسيسى التى أجريت الأحد الماضى. وأبدى الحامدى اعتراضه على تولى حمادى الجبالى أمين عام "حركة النهضة" الإسلامية رئاسة الوزراء فى أول حكومة للبلاد عقب انتخابات المجلس الوطنى التأسيسى. وقال ليل الأربعاء، الخميس، مخاطبا أنصاره فى تونس عبر قناة "المستقلة" الفضائية التى تبث من لندن، إنه لن يعود إلى بلاده التى غادرها منذ 25 عاما إلى "المنفى" (بريطانيا)، "إن أصبح الجبالى رئيسا للوزراء فى الحكومة المقبلة"، لافتا إلى أنه "يخشى على نفسه من الجبالى" الذى يكن له "كراهية كبيرة"، على حد تعبيره. وذكر أنه كان يعتزم العودة إلى تونس بعد انتهاء الانتخابات، لكنه عدل عن ذلك بعد أن أعلنت حركة النهضة أمس، الأربعاء، ترشيح حمادى الجبالى لرئاسة الحكومة المقبلة التى سيشكلها المجلس الوطنى التأسيسى. واقترح الحامدى، فى وقت سبق، على حركة النهضة الدخول معه فى تحالف فى المجلس الوطنى التأسيسى، إلا أن النهضة رفضت ذلك بشدة دون ذكر الأسباب، وسبق للحامدى الانتماء فى الثمانينيات إلى حركة النهضة قبل أن ينسلخ عنها ويهاجر إلى لندن التى أسس فيها قناة "المستقلة" الفضائية، وحذر عبر تليفزيون "المستقلة"، الذى يملكه، من حدوث "فتنة" أو "حركات احتجاجية ضد "حركة النهضة"، فى حال تولى الجبالى رئاسة الوزراء. وهدد بشكل غير مباشر بأن أنصاره فى تونس على استعداد "للزحف على الجبالى"، وأن محافظة سيدى بوزيد التى كانت مهد الثورة التونسية قد "تثور مرة أخرى على الحكومة المركزية". ويقول معارضون إن قائمة "العريضة الشعبية من أجل الحرية والعدالة والتنمية" المستقلة هى امتداد لحزب التجمع الدستورى الديمقراطى (الحاكم فى عهد الرئيس التونسى السابق زين العابدين بن على) والذى وقع حله بأمر قضائى فى مارس الماضى، ونفى الحامدى بشدة هذه الاتهامات وقال إن من يقف وراءها يريد تشويهه. وحققت القائمة المستقلة التى يقودها الهاشمى الحامدى- بحسب حصيلة جزئية للانتخابات - ثالث أفضل نتيجة فى انتخابات المجلس التأسيسى خلف حركة "النهضة الإسلامية" وحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" اليسارى المعتدل، وحصلت القائمة على 16 من جملة 217 مقعدا فى المجلس التأسيسى، فيما حصلت حركة "النهضة" على 53 مقعدا وحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" على 18 مقعدا، وينتظر أن تعلن النتائج الكاملة للانتخابات مساء اليوم الخميس.