القبلة شيء مهم جداً في حياتنا للرجال والنساء على حد سواء أتعرفون لماذا ؟ لأنها وجهتنا في الصلاة . لقد تعودنا على مسمى القبلة منذ نعومة أظفارنا ، لاسيما إنها ترفقنا طيلة اليوم والليلة ، ولكن هل فكرنا في معنى القبلة ؟ أم تبلد فكرنا وتوقف عن السؤال لدرجة أننا نستنكر أي سؤال يحاول أن يكرر تعريفها ، أو يعيد استكشافها ، لقد تعلمنا منذ الصغر ان نضبط اتجاهنا لها حيث أمرنا بالصلاة وان صلاتنا لا تصح إلا بالتوجه للقبلة والمسلمين كافة في شتى بقاع الأرض لهم وجهة واحدة يتوجهون لها وقت أداء الصلاة . حتى عندما ننتقل من مكان لآخر نسأل عن اتجاه القبلة وقد نستعين بالبوصلة وما الى ذلك بحثا عنها ، لأننا لو حدنا عنها يستوجب علينا إعادة الصلاة ، إذن القبلة أمر مهم وهو أمر خطير لكن لماذا ؟ أنا لا أشكك في كونها ركن من أركان الصلاة – والعياذ بالله – نحن نعلم أن ديننا الإسلامي لغا الوساطة بين الخالق والمخلوق ، لغا أيضا فكرة الكهنة و القديسين و أشباههم الذين كانوا يحتكرون مساحة خاصة بين الإنسان وخالقه . كما جعلت الأرض مسجداً وطهوراً فلم يحدد مكان معين لأداء الصلاة ، فيمكننا أن نصلي فوق أي ارض وتحت أي سماء ، فلغت كافة الشكليات والمظاهر التي تثقل العلاقة بين العبد وربه ، فليس عليه سوى أن يفترش الأرض ويكون طاهراً ويصفي ذهنه ويخشع قلبه ويتوجه بجوارحه لخالقه، متوجها للقبلة دون أي وساطة فقط عليه ان يحرص كل الحرص في أن يكون اتجاهه صحيحا . لو تأملنا قليلاً في كلمة القبلة لوجدنا إنها جهة يقبل عليها الناس و يُقبل بها الناس فهي بين القبول و الإقبال المؤدي إلى الرضا ، قال تعالى : ( فلنولينك قبلة ترضاها ) بين القبول والرضى هناك ما يجذبنا إليها كما تنجذب الفراش إلى النار ولكن هذا الانجذاب لن يميتنا بل سينجينا إن شاء الله من النار، فنحصل بذلك على الرضا والجميل أننا إذا أخطأنا في القبلة يمكننا أن نصحح الأمر ونعيد الصلاة ، بينما في حياتنا عندما نخطئ القبلة فيكون الأمر أكثر تعقيداً فما أكرمك ربي وما أرحمك ، توجهنا قبلة واحدة طوال حياتنا دون تغيرها على حسب أهوائنا في توجيه وتربية للنفس أن تحدد وجهتها وهدفها وان لا تكون مترددة ضائعة لا تعرف ماتريد ومتى وكيف تريده، على المرء ان يكون لديه مقصد وغاية يتوجه إليها ولا يتحول عنها ، وعندما تعرف أين أنت وماذا تريد فالأمر يغدوا أسهل والطريق يصبح اقصر والهدف يصير اقرب للتحقيق ، اجعل إحساس القبلة إحساس عميق فكلما زاد هذا الإحساس تجذر داخلك ونبتت سيقانه عاليه مرتفعة وتلونت أوراقه بلون الأمل وأزهر بقوة الإرادة والإصرار، وأثمر مستقبلاً منشوداً من قبلك وتحصل وقتها على الرضى الدنيوي بينما هناك رضى أكبر واشمل واعم وهو الرضى المأمول من وراء الوقوف باتجاه القبلة ، نتسابق جميعاً للوصول إلى الجنة من خلاله والاهم ان يكون ولاءنا حقاً قلباً وقالباً لمن نقف بين يديه من خلال تلك القبلة ، ولنستشعر قوة ذلك الموقف العظيم ونحن بين يدي الله نتواصل معه بروحنا وعقلنا ونفسنا وقلبنا ، فلنكن أهلا لتلك الوقفة ولنعطها حقها فنحن نقف أمام ملك الملوك الذي انعم علينا بكل مانملكه ، فلا نستهين حتى تستقيم حياتنا وننال الرضى بعد مماتنا وانتم أيها المسلمون كما توحدتم في القبلة فلتتوحدوا في كافة أمور حياتكم الدينية والدنيوية حتى تكونوا خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر فتحققون معنى الخلافة في الأرض قولاً وفعلاً. مرفت محمود طيب