الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    الأمن.. ظلال وارفة    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    إبراهيم الحارثي ل «عكاظ»: المسرح السعودي مثقلٌ بالخيبات !    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    ضيوف برنامج خادم الحرمين يؤدون العمرة    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    ضبط شخص افتعل الفوضى بإحدى الفعاليات وصدم بوابة الدخول بمركبته    «إسرائيل» ترتكب «إبادة جماعية» في غزة    التحليق في أجواء مناطق الصراعات.. مخاوف لا تنتهي    من «خط البلدة» إلى «المترو»    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    منازل آمنة بتدريب العاملات    أهلا بالعالم    كرة القدم قبل القبيلة؟!    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    قائمة أغلى عشرة لاعبين في «خليجي زين 25» تخلو من لاعبي «الأخضر»    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    رفاهية الاختيار    النائب العام يستقبل نظيره التركي    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    استثمار و(استحمار) !    وسومها في خشومها    وانقلب السحر على الساحر!    منتخبنا كان عظيماً !    الضحكة الساخرة.. أحشفاً وسوء كيلة !    الأخضر يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة العراق في خليجي 26    نيابة عن "الفيصل".. "بن جلوي" يلتقي برؤساء الاتحادات الرياضية المنتخبين    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    إحباط تهريب (140) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    آل الشيخ: المملكة تؤكد الريادة بتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن حكومة وشعبا    موارد وتنمية جازان تحتفي بالموظفين والموظفات المتميزين لعام 2024م    "التطوع البلدي بالطائف" تحقق 403 مبادرة وعائدًا اقتصاديًا بلغ أكثر من 3مليون ريال    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    مسابقة المهارات    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقديرٌ إسلاميٌّ لجهود المملكة في تيسير ركن الإسلام الأعظم
نشر في اليوم يوم 18 - 10 - 2012

ثمن علماء دين ومثقفون مصريون وعرب جهود المملكة في رعاية وخدمة حجاج بيت الله الحرام والاستعدادات والخدمات التي أعدتها لاستقبال ضيوف الرحمن الذين يتوافدون على الديار المقدسة من كل أنحاء العالم.. وأشاروا إلى أهمية مشروعات التوسعة وتطوير المرافق في الحرمين الشريفين وسائر المشاعر المقدسة لتوفير الراحة وتيسير أداء المناسك.
رعاية وخدمة
يقول الدكتور محمد المختار المهدى الرئيس العام للجمعية الشرعية بمصر، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: إن الله سبحانه وتعالى قد شرف المملكة بأنها كانت مهبط الوحى والرسالة وحاضنة الحرمين الشريفين، ومن ثم فإن المملكة تبذل جهودا ضخمة فى رعاية وخدمة حجاج بيت الله الذين يتوافدون على الديار المقدسة من كل أنحاء العالم. وأضاف قائلا: لا ينكر احد ما ينجز في كل عام من مشروعات ضخمة وتجهيزات متطورة لعل من أهمها ما وجه به مؤخرا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من توسعات ومرافق فى الحرم النبوى الشريف للتيسير على الحجاج والمعتمرين الذين يتشوقون للصلاة فى المسجد النبوى .
مكانة سعودية
أما المستشار عبد العاطى الشافعى رئيس جمعية الإخاء والتواصل المصرية السعودية، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة فقد أكد أن المملكة سخرت كافة إمكاناتها المادية والبشرية للحفاظ على أداء أهم عبادة لدى المسلمين (الحج) بيسر وسهولة ، مضيفا أن تدابير الله الحكيمة وضعت المشاعر المقدسة في أيدي أناس سخر فيهم حبها واحترامها وخدمتها وهو ما يفسر العناية الكاملة التي توليها المملكة للمشاعر المقدسة، خاصة وأن قلوب ملايين المسلمين تهفو إلى الحرمين الشريفين وهذه الملايين التي يتضاعف عددها من عام لأخر تلقى في المملكة أرضا تتسع كرما لضيوف الرحمن وشعبا يتسع قلبه سخاء وصدره شهامة وعطاء مشيرا الى الرعاية الكريمة التي يحظى بها ضيوف الرحمن منذ قدومهم إلى المملكة حتى مغادرتها، بما يجسد توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله) للقائمين على شؤون الحج بالبذل والعطاء في خدمة ضيوف الرحمن.
من جهته، ثمن الدكتور عمر مختار القاضى أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو الامانة العامة لرابطة الجامعات الاسلامية، الجهود العظيمة التي بذلتها ومازالت حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لخدمة وراحة حجاج بيت الله الحرام بشكل عام والحجاج المصريين على وجه الخصوص مما يمكن الجميع من أداء فريضة الحج في سهولة ويسر وأمن واطمئنان . وقال إن ذلك تحقق بتوفيق الله عز وجل والأداء المتميز والعمل المتواصل من مختلف القطاعات المعنية بشؤون الحج والحجاج فى المملكة، حيث ينعم الحجاج بوافر الراحة والاستقرار والأمان أثناء أداء الركن الخامس من أركان الإسلام بكل يسر وسهولة وأمان.
جهود وإنجازات
ومن جانبه قال خالد النامى مساعد الملحق الثقافى السعودى بالقاهرة: أنه لا يخفى على أى مسلم أكرمه الله بزيارة المملكة وأداء مناسك الحج أو العمرة حجم الجهود والإنجازات التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود(حفظه الله) لضيوف الرحمن. وأضاف أن جميع ضيوف الرحمن يلقون كل الاهتمام والرعاية والإشراف المباشر من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده - حفظهما الله –مؤكدا أن المملكة تحشد كل الطاقات البشرية والمشروعات المتطورة لخدمة الحجاج والمعتمرين والزوار حتى يتمكنوا من أداء نسكهم بكل يسر وسهولة.
تيسير وراحة
أما الشيخ تاج الدين الهلالي المفتى السابق لقارة استراليا ونيوزيلاندا –أحد علماء الأزهر- فقد أشاد بجهود المملكة فى التيسير على الحجاج والمعتمرين لأداء مناسكهم . وأضاف قائلا: إن ما تقدمه المملكة من خدمات متكاملة وأعمال جليلة لضيوف الرحمن هو محل اعتزاز وفخر من جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها مؤكدا أن تلك الأعمال ليست بمستغربة على المملكة التي نذرت نفسها ومالها وجهدها لخدمة وراحة الحجيج الذين يأتون من كافة أقطار العالم إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج، مشيرا الى المشروعات الحيوية والعملاقة التي شيدت بمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة من توسعات عملاقة للحرمين الشريفين ومنشأة الجمرات والطرق الفسيحة والأنفاق وغيرها، معتبرا أن هذه الانجازات خير شاهد على ما تقدمه المملكة من عناية ورعاية لوفود بيت الله العتيق.
شاهد عيان
وتابع قائلا: لا يدرك قيمة الإنجازات المشكورة والخدمات والتوسعات المحمودة التي تمكنت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله) من تحقيقها بعون الله وتوفيقه،وما واكبها من تطور ملموس، وتحسن ملحوظ في سائر قطاعات الدولة وبخاصة في وزارة الحج ورجال الأمن من رعاية أمنية وتنظيم وخدمات ميدانية،إلا من عاين وعايش ظروف وأحوال أماكن المناسك في الأعوام الماضية وما كان يعانيه الحاج من مشاق ويكابده من صعوبات ومتاعب.
وبصفتي أحد شهود العيان من كبار السن الذين عاينوا وشاهدوا كُنْةَ وواقع العصرين الماضي والحاضر وأول زياراتي للمملكة بدأت من أواخر الستينات» من القرن الماضى، حيث يسر الله تعالى لي زيارة بيته الحرام أول مرة عام 1969م. وشرفنى جَلَّ وعلا بخدمة ضيوفه من حجاج مسلمي استراليا من عام 1982م وحتى هذا العام فقد زرت المملكة أكثر من 29 مرة ،وإننى أسجل هذه الشهادة من واقع التجربة والمشاهدة وليس من رأى كَمن سمِع. والمسلم دائما ما يستشعر فضل الله عليه وهو يرفل في سوابغ النعم مؤديا مناسك حجه بكل يُسر وراحة بفضل ما وفرته هذه الإنجازات والتوسعات المباركة في مكة والمدينة، مقارنة بما كان يكابده حجاج بيت الله الحرام من معاناة في الماضي ،ولا يشعر بنعمة الحاضر إلا من عرف حجم المعاناة في الماضي.
وقد تجلت هذه النعمة واستروح ضيوف الرحمن ظلال الراحة والطمأنينة والتيسير. وهم يؤدون مناسك حجهم في بيئة إيمانية توفر لهم ما يحتاجون إليه من خدمات تنظيمية وأمنية وصحية.
نعمة حماية النفس
ومن أهم هذه النعم التي نشكر الله عليها ثم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هي «حماية النفس الإنسانية والمحافظة على أرواح المؤمنين من التلف والهلاك. وكفى بها نعمة، ذلك أن حماية النفس هي أحد الكليات الخمس الذي جاءت تعاليم الإسلام بالمحافظة عليها (الدين – العقل – النفس – العرض – المال) ومرد هذه النعم كلها يرجع إلى عاملين هامين.أولهما: ثقافة فقه التيسير: وهى الثقافة التي سبرت أغوار السنة النبوية واستنطقت نصوصها. ووقفت على حكمتها. وردت الأمة إلى جَادَّة القاعدة النبوية الصحيحة التي اصَّلها نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم لأمته في مناسك حجهم وهي (افعل ولا حرج).
وثانيهما: مشاريع التوسعة المباركة والإنجازات الرائعة التي قامت بها حكومة خادم الحرمين الشريفين.وكما ذكرت آنفاً كشاهد عيان على تلك الإنجازات الباهرة التي تمت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأسلافه الكرام ،فإنني استروح عبير عطر الحاضر بداية من دخول مطار جدة حيث تستقبلك الوجوه الناضره الباشة بكل تودد وترحاب وفي دقائق معدودة تتم إجراءات الدخول واستلام الحقائب بكل تقدير واحترام. أما عن الإقامة بمكة أو المدينة فإن الأبراج والفنادق الحديثة التي تُطل على الحرمين المكي والنبوي ففيها من الخدمات والإمكانات الفندقية ما لم أشهد له مثيلاً في أعظم مدن إستراليا أو أوروبا أو أمريكا وعندما خصصت المؤسسة التي تُعني بخدمات حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا واستراليا. طريقا دائرياً خاصاً للنفرة من عرفات إلى مزدلفة فإن الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة تتم في أقل من نصف الساعة.
الشعيرة الكبرى.. كيف نحميها من شواغل الدنيا وهواجس السياسة؟
عندما يهلّ علينا موسم الحج كل عام فإن قلوب الأمة تتجه الى مكة المكرمة والمدينة المنورة حيث الفيض الربانى يغمر المكان والزمان وتشع شمس الإيمان القوية فى قلوب المسلمين لتصوغ منظومة بمشاركة الملايين القادمة من أرجاء المعمورة لعبادة الله الواحد الأحد وأداء مناسك الشعيرة الكبرى فى الدين الحنيف سعيا لرضا الخالق واستجابة لأوامره وهو مايستوجب تنظيف هذه الشعيرة من كل أمور الدنيا وشواغل السياسة والتى تشكل مجالات للفتنة والخلاف فى الأقطار الاسلامية . إنها أيام قصيرة خصصها الله لأداء مناسك الفريضة وفق المحددات التى وضعها سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم وفصلها رسوله - محمد صلى الله عليه وسلم - فهل نجردها من سكينتها وتجلياتها الروحية لندخل فى دوائر الجدل والخصومة التى لاتتوقف عند حد ؟ والسؤال: كيف يمكن تحقيق هذه المعادلة : موسم حج نظيف من شواغل الدنيا وهموم السياسة طرحناه على عدد من المفكرين والباحثين والأكاديميين فجاءت إجاباتهم على النحو التالي

محددات ضرورية
تبدأ الدكتورة ملحة عبد الله الأستاذة الجامعية وعميدة الأدب والمسرح فى السعودية (هكذا تلقب رسمياً ) كلامها بالإشارة الى الحديث النبوي الشريف والذى يقول فيه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وفق ما نقله عنه الخليفة الراشد والعادل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) وذلك يعنى - كما تضيف – أن من كانت حجته لأغراض دينوية أو سياسية أيا كانت بطلت وبالتالى لن يحصل على ثوابها هذا أولا
أما ثانيا : فثمة محددات ضرورية يتعين على الحاج أن يتمسك بها وهى ليست من إنشاء البشر ولكنها تعليمات من الخالق سبحانه وتعالى وتتضمن ألا يدخل الحاج فى خصومة وألا يكون لعّاناً أو طعاناً بل يحرم عليه النقاش فى أى من أمور الدنيا الى حد عدم قيامه بهش الحمام أو الطيور فى الحرم النبوى فما بالك بالتجاوب مع دعوات للتظاهر أو شعارات سياسية قد يطرحها البعض هنا أو هناك خلال موسم الحج.
ثالثا : لا يبنغى – الكلام للدكتورة ملحة عبد الله – أن ينشغل المرء خلال تفاعله مع طقوس الشعيرة الكبرى فى الاسلام بأمور الدنيا مهما كانت بل هو مطالب بالتفرغ الكامل لنسكها وطقوسها متجرداً من كل ما له علاقة بالقضايا التى تفرق أمر المسلمين وتفت فى عضد وحدتهم.
نور رباني
وتضيف قائلة : فى البيت الحرام وفى مكة يسكن المرء نور ربانى وتنتابه حالة من الشغف والشوق لملكوت الله الخالق الأعظم فكيف يتيح ثغرة لسياسة أو منفذاً لأمر دنيوى , إنه فى هذه الحالة فى حاجة الى الله يلجأ اليه كى يعينه ويساعده ويعضده منتظراً الاستجابة لدعائه بعيداً عن شواغل الدنيا إنه يرحل فى تلك الأيام الزاخرة بفيض الإيمان بعيداً عن عن المكان والزمان وهو ما يطلق عليه علماء الاجتماع والنفس بالانزلاق الوجدانى فيدخل فى أفق أعلى وأكثر رحابة من أمور الدنيا وشواغل السياسة الضيقة والمفتتة ومن ثم يتعين على الحاج فى هذا المكان الطاهر الذى تخشع فيه القلوب والأبصار أن يتجه الى الله الواحد القهار.
وتتابع حديثها : لم يبق لنا فى موسم الحج الا ديننا الذى يجب أن نتمسك به ونعض عليه بالنواجذ وفيه نتوجه الى الله لغسل ذنوبنا فكيف نتحمل ذنوباً أخرى بالحديث فى أمور وشواغل السياسة والدنيإ إننى شخصياً لا أتمكن عند أدائى لهذه الشعيرة العظمى من الحديث مع ابنى لأننى أكون مشغولة عنه بالله وبكل هذا الفيض الربانى الذى يحيطنى ببهائه ويفرض على الخشوع لرب المكان والبشر الذين جاءوا من كل صوب وحدب استجابة لأمره سبحانه وتعالى بأداء مناسك الحج.
وتختتم الدكتورة ملحة بقولها: إن هذه الحالة الوجدانية تجعل المسلم الصادق فى توجهه لأداء شعائر الحج أن يتبرأ من كل هاجس دنيوي أو سياسي , فإذا دخل مكة وشاهد جبالها ووهادها ثم البيت الحرام سارع باستذكار هذا التاريخ الطويل من الدعوة للإسلام وكيف كان يتحرك النبى محمد صلى الله عليه وسلم بين قبائل المنطقة داعيا لدين الله الجديد ويتذكر كيف كان يتحرك ابو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من كبار الصحابة لتعضيد هذا الدين ثم نشره فيما بعد فى أرجاء المعمورة وبالتالى فإن موسم الحج يتعين أن يكون فرصة ليس للتجرد الحجاج من ملابسهم وتوحدهم فى الزى بل عليه أن يتجردوا كذلك من هواجسهم الدنيوية إنها معادلة الشكل والمحتوى والتى يحرص الإسلام على مقاربتها دوما فى تعامله مع كافة القضايا.
موسم عبادي بامتياز
وسألت السيد علي حسين فضل الله، المرجع الديني للشيعة في لبنان فى حوار جرى معه عبر الإميل : لماذا يسعى البعض إلى محاولة استغلال موسم الحج لمصالح دنيوية وأغراض سياسية تحديداً؟ وكيف يمكن تجنب ذلك؟
فأجاب قائلا : الحج موسم عبادي إسلامي جامع بامتياز، ففي خلال هذا الموسم يجتمع الناس من أقطار العالم كافة ليؤدوا هذه الفريضة الجماعية الجامعة، وليلتقوا على كلمة التوحيد، ويلبوا نداء الله، بأنه المعبود الأوحد، الذي لا شريك له، وبأنهم يعبدونه، ولا يعبدون أحداً سواه، وبأنهم يلتزمون ما أمرهم وينتهون عما نهاهم، وأنهم الأحرار أمام العالم كله، بتخليهم عن كل أصنام الأرض، وأنهم لن يكونوا إلاّ سادة أنفسهم على المستوى الفردي والاجتماعي، وعلى مستوى وجودهم كأمة.
ومن الطبيعي أن يسعى البعض للاستفادة من هذا الاجتماع لتبيان رأيه وفكره ونهجه وأسلوبه في معالجة القضايا المطروحة، ولكن لا ينبغي الخروج عن الأهداف التي أرادها الله للحياة والمبادئ التي جاء بها رسول الله(ص) في العمل على تحقيق المصلحة العامة للمسلمين والبعد عن كل المصالح الآنية والشخصية...
نحن نقول، إن للحج غايات سياسية عامة تهم الأمة في شكل عام.. إذ تعكس صورتها الجامعة، واتحادها العفوي، لكن لا نقرّ بكل المساعي الخاصة للاستفادة من هذا الجمع الكبير على حساب الأمة وصورتها ومصالحها ومكانتها في العالم، لأن ذلك قد ينحرف بالحج عن غاياته العبادية الأساسية.
منظور صحيح
لكن ما هو المنظور الصحيح لهذه الشعيرة الكبرى في الإسلام وما هي الوسائل التي من شأن اتباعها الحفاظ على نقائها وتحقيق أهدافها الحقيقية؟
إن الله، سبحانه وتعالى، حين أوجب هذه الفريضة على كل مستطيع من المسلمين في أنحاء المعمورة كافة أرادها مناسبة للعبادة.. بحيث يتخلى فيها الناس عن كل مغريات الدنيا وبهارجها، ويتحررون من كل غاياتهم الشخصية والدنيوية، ويقفون بين يديه بكل إخلاص ومحبة، معلنين أنهم مستعدون لترك الدنيا بما فيها تلبية لندائه واستجابة لمطلبه..
لذلك أراد لهم في الحج أن يلبسوا لباساً موحداً، بحيث لا يعرف غنيّهم من فقيرهم، وأن يؤدوا مناسك موحدة، بحيث لا امتياز لأحدهم على الآخر، ولا شأنية لميسورهم على معسورهم، كما أراد أن يذيب الفوارق الاجتماعية والسياسية فيما بينهم، بحيث لا خصوصية لحاكم أو مسؤول على مواطن أو مسلم عادي، ولا لعالم على متعلم، كما لا تمييز بين أجناسهم أبيضهم وأسودهم، فكلهم في الحج سواء.
لذلك، فالغاية العبادية من الحج هي أسمى الغايات الإنسانية على الإطلاق، إذ إنها تحقق هدف العودة بالإنسان إلى إنسانيته المجردة الفطرية، بعيداً عن كل التمايزات التي يخلقها المجتمع في حركته الطبيعية، وعن كل أشكال التصانيف التي يتداولها الناس في بيئاتهم الخاصة والعامة.. فاللباس واحد، والدعاء واحد، والمظهر واحد، والجميع يؤدون العبادة لله الواحد، وهذا أفضل ما يمكن أن تظهر به أمة من الأمم في مناسبة عظيمة من مناسباتها التي تؤمن وتلتزم بها أمام الله.
كيف يكون موسم الحج عامل توحيد للأمة في الوقت الذي شاعت الفرقة بين المسلمين على أسس عرقية ومذهبية؟
الحج هو من الفرائض العبادية التي يقوم بها الأفراد بشكل جماعي، كما هي فريضة الصيام في شهر رمضان المبارك، التي يلتزم فيها عباد الله بشكل جماعي، لذلك، هي عبادة تشتمل على أبعاد تتجاوز الفردية، في مظهرها ودلالاتها، إلى مظهر الجماعة في اجتماعها واتحادها، إذ إن مظهر الوحدة بين المسلمين يتجلى في الحج بأبهى صورة، ففي الحج ليس هناك مظهر مفتعل أو مصطنع، بل مظهر عفوي طبيعي لا يرقى إليه الزيف، وهو يحصل من دون دعوة شخصية من أحد، لا رئيس ولا زعيم ولا قائد ولا جهة ولا أي فئة من فئات الأرض قاطبة، بل هي تلبية لدعوة رب كريم، إلى حيث التقوى والمغفرة والعتق من النار.
ولأنها دعوة إلهية، فلا بد من أن تكون كل أهدافها وغاياتها ومقاصدها منسجمة مع ما يريده صاحب الدعوة لها، وأهم هذه الغايات والأهداف، إظهار وحدة الأمة وتكاتفها وتعاطفها وتعاضدها.. فليس في الحج فئوية أو طائفية أو مذهبية، فالجميع يشتركون في جميع المناسك بشكل متساو، فلا نجد فرقاً بين أتباع أي من فرق المسلمين ومذاهبهم، وحتى لا يمكن أن تميّز أحدهم عن الآخر، لا في دعائه ولا في لباسه ولا في أداء أي منسك من مناسكه..
من هنا، فالحج مناسبة يتعارف فيها المسلمون بعضهم إلى بعض، ليتشاركوا همومهم ومشاكلهم، وليتشاوروا حول قضاياهم، وليتبادلوا تجاربهم الشخصية والاجتماعية، ولينقل كل منهم شيئاً جديداً إلى الوطن الذي جاء منه، وليتعرف كل منهم إلى ما يهمّ الآخر، مما يفرحه ومما يحزنه، وليكونوا كلمة واحدة، وقوة موحدة أمام الظالمين والمستكبرين في أنحاء العالم.
وفي الحج، دعوة إلى إزالة كل الفوارق الاجتماعية، سواء على مستوى اللون أو الجنس، وإزالة كل التشنجات التي يحدثها الاختلاف المذهبي، أو التنوع في الآراء الاجتهادية، أو في إدارة الواقع الاجتماعي أو السياسي أو الإداري أو الأمني، حيث يساهم الحج في تأكيد التواصل بين كل المسلمين بقلوب وعقول منفتحة، تستحضر الله سبحانه في كل تفاصيل أدائها وتفكيرها.
فكل الحجاج من كل أصقاع الأرض يؤكدون بسلوكهم المشترك على الوجهة الواحدة، والمنهج الواحد، والمبدأ الواحد من خلال طوافهم معاً وسعيهم معاً ووقوفهم معاً ومبيتهم معاً ورجمهم للشياطين معاً وتضحيتهم معاً.
والحجاج حين يلتقون ويتواصلون على أرض واحدة وفي مكان واحد وزمان واحد، فإن في ذلك القوة والعزّة لهم جميعاً.
وهذا ما أشار إليه الإمام علي رضى الله عنه في وصيته عند وفاته: "الله الله في بيت ربكم لا يخلو منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا".
إننا نؤكد على المسلمين جميعاً، ولأي مذهب انتموا، ضرورة الاستفادة من ذهابهم إلى مواقع الإسلام الأولى في مكة والمدينة، ليعرفوا أنهم ما استطاعوا أن يصنعوا فجراً للإسلام، وفجراً في واقع المسلمين، أرسل إشعاعاته إلى الدنيا بأسرها إلاّ عندما توحدوا وتعاونوا وتواصلوا إخوانا.
إننا ندعو المسلمين إلى ضرورة تحويل هذا الأمن الذي يعيشونه في الحج إلى أمن يتحرك في كل مواقعهم الاجتماعية والسياسية والأمنية، وعدم الوقوع في الفتن التي يراد تحريكها في أكثر من موقع من مواقع المسلمين، لأن في ذلك توهينا لمقومات عناصر القوة عند هذه الأمة، التي أرادها الله عز وجلّ أن تكون رائدة أمم الأرض، وخير أمة أخرجت للناس. والحمد لله رب العالمين.
أعظم شعيرة
ويقول الطاهر عمارة الأدغم (كاتب صحفي وأستاذ جامعي بالجزائر): إن الحج أعظم شعيرة جماعية في الشريعة الإسلامية، حيث يجتمع الملايين من المسلمين، من شتى أصقاع الدنيا، في أيام معدودات، ولهذا السبب كان الحج ولا زال هدفا لأهل السياسة، قصد نشر أفكارهم أو استمالة الحجيج أو ما شابه ذلك ,ولاشك أن اجتماعا بهذا الحجم والأهمية لا مانع من حضور السياسة فيه، لكنّ بالمعنى العام الذي يخدم الأمة جمعاء مثل التأكيد على قيم التنسيق والتقارب والتعاون بين الشعوب والدول الإسلامية، ومثل نصرة القضايا العادلة سواء ما تعلق منها بالعالم الإسلامي، أو غيره.
لكنّ - كما يضيف -أن تستغل طائفة أو جهة أو دولة موسم الحج لأغراض سياسية خاصة، وتفسد على الناس صفو العبادة والذكر بشعارات سياسية أو غيرها، فهذا أمر يُخرج موسم الحج عن سياقه الصحيح.
ولتجنّب الوقوع في فخاخ الآخرين،يلفت الطاهر الى أنه ينبغي على بعثات الحجّ أن تنشر القدر الكافي من الوعي بين الحجاج قبل قدومهم إلى البقاع المقدسة وتبين لهم بوضوح أن موسم الحج عبادة خالصة لا ينبغي لطرف، مهما كان هذا الطرف، أن يستغلها بالدعاية لنفسه أو حزبه أو دولته أو طائفته، وفي أيام الحج، وفترة الإقامة في مكّة والمدينة، تحتاج البعثات إلى تنظيم الحجاج والسهر على راحتهم ومن ذلك توجيههم بشكل صحيح وواع إلى ما جاؤوا إليه من مناسك وصلوات في الحرمين وزيارة للمشاعر والتعرّف على المسلمين من شتى بقاع الدنيا، دون الانصياع إلى شعارات سياسية محددة، أو الخروج عن النظام العام لموسم الحج.
وينبغي التأكيد – الكلام للطاهر- على الحجاج أنّ إجراءات تنظيم موسم الحج من مصلحة الحجيج بالدرجة الأولى، لأن أيّ تسيّب أو تفريط قد يفتح باب الفوضى على مصراعيه، وهي مصيبة كبرى لأن العدد هائل وأيّ خلل سيتعاظم ويؤثر على السير الصحيح لمناسك الحج وهكذا فلا بدّ دائما من التذكير بالهدف الأساسي من الحج وهو ذلك الاجتماع الروحي العظيم الذي يضم قسما من الأمة في صعيد واحد، خاصة في شعيرة عرفات، ويشعرها بالوحدة والأخوة، ويذكّرها باليوم الآخر عندما يتساوى الناس، فلا فرق بين غني وفقير، ولا بين أمير وخفير، ولا بين أسود وأبيض.. الجميع سواء في ثياب الإحرام الأبيض، والجميع يرفعون أكفّ الدعاء إلى الله عزّ وجل متذلّلين فقراء يرجون الرحمة ويخافون العذاب.
ويرى محدثنا أن الأمة تحتاج إلى المزيد من جهود التوعية بأهمية الحج كعبادة ومناسبة حضارية تجتمع فيها لغات وألوان وأجناس، لكنّهم يتفاهمون ويتعاونون ويؤدون المشاعر ذاتها بنظام وانسجام.. تحتاج جماهير الحجاج إلى من يذكّرها بأهمية الحج كمدرسة نعود منها بالكثير إلى بلداننا، ففيها نتعلم الصبر والنظام والعفو وإمساك اللسان وعدم الخوض إلا في المفيد، وفيها ندرك أنّ العيش والتفاهم مع الآخرين ليس أمراً مستحيلاً، بعد أن عاش الحاج وتعامل مع جنسيات عدة ولغات مختلفة وطباع متغايرة.
ويلفت إلى أن موسم الحج فرصة متجددة للتقريب بين دول وشعوب الأمة، وإذا كان الأوروبيون قد تقاربوا على مدى نصف القرن الماضي حتى وصلوا إلى ما هم عليه من قوة اقتصادية وسياسية وليس لهم ما يشبه موسم الحج عندنا وأنّى لهم ذلك وهم مذاهب دينية متنافرة؛ فإن على الأمة أن تدرك أنّها مؤهلة أكثر من غيرها للتقارب والتمهيد للوحدة من جديد من خلال صيغ معاصرة تحفظ لكل شعب مسلم لغته وثقافته ومقوّماته، وتجمع الأمة على الحد المطلوب من التنسيق والتعاون والدفاع المشترك وآليات الوقوف أمام التحديات التي تهدد الجميع بلا استثناء.
فرصة ثمينة للتخفيف
ويشدد الأكاديمى الجزائرى على أنّ الحج فرصة ثمينة للتخفيف من نوازع القطرية والوطنية المتطرفة التي عشناها بعد جلاء الاستعمار عن ديار المسلمين، فلا بأس أن يحافظ كلّ على كيانه وثقافته، لكن في إطار الكيان والثقافة التي يشترك فيها الجميع.
وينبه إلى أن الحاجة أصبحت ماسّة إلى ميثاق عمل يحترم جميع العرقيات والمذاهب المنتشرة في طول بلاد المسلمين وعرضها، وفي الوقت ذاته يؤكد على التقارب والتعاون والتنسيق في المتفّق عليه، وقبل ذلك وبعده حوار جادّ بين جميع الحساسيات الإسلامية لا يستثني شيئاً، سواء ما تعلق بالذاكرة التاريخية أو الراهن وما فيه من إشكاليات وتناقضات في حاجة إلى صراحة تحدّد لكل طرف موقعه وخطوط مصالحه وتحرّكاته، في إطار القيم الإسلامية السامية، لا تلك القيم الوافدة التي تقدّس المصلحة ولو على جثث الآخرين.
من هنا تبدأ السوق العربية المشتركة
أكد عدد من الدبلوماسيين السعوديين والعرب أن فريضة الحج فرصة عظيمة يمكن الاستفادة منها لجمع شمل الأمة الإسلامية في وحدة واحدة رغم الحواجز المصطنعة التي فرضها عليهم المستعمر في وقت ما، فتمزقت أوطانهم بفعل البراميل والأسلاك الشائكة، وإن كانت قلوبهم متشابكة بفعل وحدة الإيمان، وضرورة الاستفادة من ذلك لتعزيز قوة العالم الإسلامي في وقت تزايدت حدة الهجوم حتى وصلت إلى النيل من المعتقدات الإسلامية ورموزه، بل طالت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأمر الذي يستوجب وقفة جادة لرد كيد المعتدين، وفيما يلي استطلاع أجرته ( اليوم ) :
ركيزة للتضامن
من جانبه أكد المستشار محمد بن عبد العزيز العقيل الملحق الثقافي السابق بسفارة خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة أنه منذ أن بوأ الله تعالى لإبراهيم عليه السلام مكان البيت الحرام – وأمره بأن يؤذن في الناس بالحج – والركائز الإسلامية الهامة تحتشد في تلك الرفيضة الخاتمة لأركان الإسلام الخمسة ومنها الحج - كما جاء في الآية 26 سورة الحج – ركيزة التوحيد ( ألا تشرك بي شيئا )، فهو إله واحد المستحق للعبادة ولا شريك له، وهو الذي يدعو الناس إليه ملبين آذان أبي الأنبياء إبراهيم ( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك )، فيلبون في ملبس واحد، وفي موسم واحد، وفي موقف واحد، وهكذا يجسدون وحدة إسلامية كاملة في المظهر والجوهر، في الأقوال والأفعال، في السر والعلن، وفي اللغة والتقوى، وأوضح المستشار العقيل أنه من هذا المنطلق تأتي ركيزة التضامن الإسلامي بين حجاج البيت العتيق ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس والفقير ) الآية 28 سورة الحج. من هنا ما أحوج المسلمين إلى مثل هذا الاجتماع العظيم ليتبادلوا فيه الرأي فيما ينفع الأمة الإسلامية ويقويها ويشد أزرها في مختلف مجالات الحياة، مشيرا إلى أنه كم شهدت مواسم من مؤتمرات واجتماعات بين المسلمين عرضوا فيها لما يعترض الأمة الإسلامية – في شتى بقاعها – من عقبات وما تتعرض له من أزمات ومشكلات ووصلوا فيها إلى حلول مفيدة نافعة، ولعل ما ألمحت إليه الآية الكريمة ( وأطعموا البائس والفقير ) الذي يجسده على أرض الواقع مشروع الأضاحي التي تعم آثارها الطيبة الكثير في أنحاء العالم الإسلامي بما يخفف وطأة الحاجة والفقر بين المسلمين، وأضاف المستشار العقيل أن العالم الإسلامي أحوج ما يكون في وقتنا الحاضر إلى استثمار موسم الحج لتوحيد صفوف الأمة، مشيرا إلى أن ركائز الحج تأتي متمثلة في قول الله تبارك وتعالى : ( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ) الآية 29 سورة الحج ، لافتا إلى أنه ليس من عاقبة للحج المبرور إلا الرجوع منه كيوم ولادة الأم فلذة كبدها، وما جزاء للحج المبرور إلا الجنة.
من هنا تبدأ السوق المشتركة
من جانبه قال السفير عدنان الخضير الأمين العام المساعد للجامعة العربية للرقابة المالية : إن عظمة فريضة الحج تتجلى في المناسك التي تعزز الوحدة بين المسلمين سواء من حيث وحدة النداء، فاللباس وغيرهما مما هي موجبة للتآخي والتعارف، والتعاون على مصالح الدين والدنيا، وما أحوجنا كمسلمين في هذه المرحلة المفصلية من حياتنا وتاريخنا الإسلامي إلى الاستفادة من هذه الفريضة لإعادة تجديد وإحياء فريضة الوحدة بين المسلمين في وقت لا يعرف العالم سوى لغة التكتلات والوحدة، ولا مكان فيه للضعف والتشرذم،
وأوضح السفير خضير أن موسم الحج باعتباره يشهد أكبر تجمع إسلامي في مكان وزمان واحد فمن الممكن الاستفادة منه والنظر إليه وكأنه مؤتمر عالمى للمسلمين بالإمكان استغلاله فى مناقشة قضايا كبرى تمس شئون العالمين العربي والإسلامي وتعجز الحكومات أو الدول منفردة عن تنفيذها، لاسيما أن المسلمين يكونون فى تلك الأيام فى أفضل حالاتهم الروحية، وتعلو فيها الهمم والقيم والآداب الإسلامية، ويحرصون على إرضاء خالقهم وتطبيق سنة نبيهم (صلى الله عليه وسلم) ولعل أبرز تلك القضايا إنشاء سوق إسلامية مشتركة للدول والشعوب الإسلامية، ذلك المشروع الضخم الذى كان ولا يزال أمل المسلمين فى شتى بقاع الدنيا، وباعتباري مواطنا كويتيا فإنني أرى إمكانية تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع خاصة أن هناك من النوايا الطيبة لدى بعض القادة العرب ما يعطينا الأمل في المستقبل، وقد رأينا نتائج مثمرة للقمم الاقتصادية التي استضافتها الكويت عام 2009 وشرم الشيخ بمصر عام 2011 ، ونأمل في أن تكون قمة الرياض الاقتصادية الثالثة في يناير 2013 إضافة حقيقية على طريق الأمل والحلم الكبير في تحقيق الوحدة الاقتصادية العربية، وأن تتم الاستفادة أيضا من موسم الحج الذي يجمع مسلمين من كل بقاع الأرض فرقتهم القوميات والحدود الدولية، وكأنها كانت مؤامرة مدبرة لتفتيت وحدة المسلمين وإضعافهم، أضف إلى ذلك أنه متى تحققت الوحدة الاقتصادية بين العالم الإسلامي أصبح هناك كيان اقتصادي قوى أمكن استغلاله كسلاح في وجه من يسيء للمسلمين.
مدرسة جامعة
من جانبه قال السفير محمد الخمليشي الأمين العام المساعد للجامعة العربية لقطاع الإعلام: إن فريضة الحج تتجسد فيها وحدة الأمة الإسلامية وخلالها نلمس قيم البذل والعطاء، والحج مدرسة لتربية الإنسان المسلم على الاستسلام والخضوع والانقياد والطاعة المطلقة لله - تعالى - وحده، وتجسيد عملي لوحدة الصف وجمع الكلمة ونبذ كل أشكال الفرقة والعصبية القومية والتخلي عن كل النعرات الطائفية، والشعارات الفئوية والحزبية الضيقة. كما أن الحج عبادة عظيمة، ومدرسة إيمانية جامعة، وشعيرة إبراهيمية جليلة، مليئة بالفوائد والكنوز الثمينة، والمعاني العجيبة، والأسرار البديعة.
وحدة الزمان والمكان
ويرى الشيخ محمد علي المشعل رئيس مجلس إدارة قناة إرادة الفضائية لمتحدي الإعاقة أن السمة التي يتفرد بها ركن الحج عن غيره من الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام ( وحدة الزمان والمكان )، ولاشك في أنها حكمة عظيمة اختص الله سبحانه وتعالى بها هذه الفريضة العظيمة لتكون مؤتمرا كبيرا يجمع المسلمين حجاج بيت الله الحرام على قلب رجل واحد، ومن هنا تأتي أهمية الالتفات لتلك الخصوصية وضرورة التفكير في كيفية استثمارها الاستثمار الأمثل من أجل أن تكون هناك رسالة للعالم مفرداتها عظمة وقوة الوحدة الإسلامية، وقال الشيخ محمد المشعل: إن المتأمل في شجرة الحج يجد أن طلعها مثمر كثيفة الأوراق ويستظل بها المسلمون في رحاب بيته الحرام، وفي ساحته تذوب الفوارق الدنيوية بين الزوار، فلا حزبية أو طائفية أو مذهبية، بل الجميع تحت راية التوحيد يلبون بصوت واحد : ( لبيك اللهم لبيك) وكأن وحدة النداء تتلاحم وهي تتصاعد في عنان السماء كالغمامة التي تحيط بالعالم الإسلامي لتحميه من لهيب التحديات التي تهدد مستقبل الأمة الإسلامية، أضف إلى ذلك تحقيق الهدف الذي أراده الشارع الكريم منا، لأنه لا يمكن أن يراود أحدا منا بأن أي حكم يصدر من الله جل شأنه وراءه مقصد وهدف أسمى.
وحذر الشيخ محمد المشعل من المؤامرات التي يتم نسج خيوطها بأياد معادية للأمة بهدف النيل من مقدساتها ورموزها الإسلامية حتى طال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نفسه وآل بيته وهي خطوط حمراء عند المسلمين، وتحتاج منا الى وقفة جادة وما أفضل من موسم الحج لتوحيد الأمة ودق ناقوس الخطر والتكشير عن أنياب الغضب في الحق ضد من تسول له نفسه أن يستهين بالعقيدة الإسلامية أو ينسى نفسه فيسفه رموز الإسلام، لأن الصدور الإسلامية تحمل بين ضلوعها قلوب مملوءة بنار الغيرة على رسولها الكريم وعقيدتها الدينية التي جاء كخاتم للرسالات السماوية، وأنه من الخطأ أن يظن أعداء الأمة أن صبر المسلمين ضعف أو هوان، لكنه حلم جميل ينقلب بعده إلى بركان،
وأضاف الشيخ محمد المشعل أنه من الأهمية أن تستيقظ الأمة من سباتها وتدرك حجم الأخطار التي تتهدد ها، وتعي المقصد الحقيقي من تشريع الحج، فالخالق جل شأنه ما شرع ذلك إلا من أجل أن نتحسس المعاناة التي تمر بها الأمة، ويتجلى ذلك بوضوح عندما تستحضر الأذهان وهي أمام الكعبة مشهد معاناة سيدنا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر، ، لذلك يجب أن يتم ترجمة هذه المشاعر والأحاسيس إلى أفعال على أرض الواقع بإغاثة المسلمين في كل مكان وتحقيق الأمن والأمان، ولا ننسى أن لنا مقدسات إسلامية تنتهك تحت جحافل قوات محتلة غاشمة، ولنا أخوة يتعرضون لانتهاكات تتنافى وأبسط قواعد حقوق الإنسان التي نادى بها وحث عليها الإسلام وأقرتها الأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية.
وحدة لا إثارة
من جانبه قال عبد الكريم أغا رئيس الحركة التركمانية السورية : إن الحديث عن كيفية استثمار فريضة الحج لتوحيد صفوفف المسلمين تحتاج الى التفرقة بين إثارة البلبلة وشغل الحجيج عن عبادتهم وأداء المناسك، وبين جمع رؤوساء الوفود الإسلامية وتتم مناقشة قضايا المسلمين وإصدار البيانات بأن المسلمين على قلب رجل واحد، ثم تنطلق هذه الوفود عائدة إلى مواطنها وهي تحمل كتيبات بما خلصت إليه اللقاءات مترجمة بكل لغات العالم فتبث هذه الرسائل بين أهلها وتحثهم على أهمية فكرة الوحدة بين العالم الإسلامي شرقه وغربه شماله وجنوبه، وأوضح أغا أن الحج مؤتمر كبير يجمع المسلمين وهو فرصة لإرسال الرسائل للعالم بأن الأمة كلها على قلب رجل واحد وأن الرسالة الإسلامية رسالة سلام ومحبة ولا عدوان إلا على من بدأ العدوان، وفي نفس الوقت ضرورة أن يذكر حجاج بيت الله وهم يطوفون حول الكعبة وأمام قبر الرسول أن لهم أخوة يتعرضون للاضطهاد في كل مكان ويدعون لهم بظهر الغيب، ويبتهلون إلى الله أن يخلص الشعب السوري من مخالب نظام قتل شعبه دون أن يكون لهم أي ذنب سوى أن حاكمهم المجرم يعشق سفك الدماء التي تتنافى وكافة الشرائع السماوية، بل وتأباها الطبيعة البشرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.