القبلة من الإقبال والقبول والرضى، كيف لا والرب عز وجل يقول: «فَلَنُوَلِّيَنَّكَ (قِبْلَةً) تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وَجُوهَكُمْ شَطْرَهُ). القِبلة بكسر القاف، قبلة كل المسلمين على وجه الأرض نقطة ارتكازها الكعبة الشريفة المشرفة، وهي التوجه والاستقامة والطهر، أما القُبلة بضم القاف فهي المشاعر الصادقة المقبلة الحنونة الودودة الرحيمة، قد تضم طفلاً أو أما أو أباً أو إنساناً في الحياة يدفعك لضمه مودة حقيقية وعرفان وصلة وثيقة.. يكون ضمه معنى راقياً من شعور «بغدق» الإحساس الذي نشعر به لحظتها، وهذا المشهد عظيم جليل بمعانيه الإنسانية الأنقى التي غالباً ما تتفجر عند لقاء أو عند وداع وكلاهما معبر عن فيض من الأحاسيس المكتنزة أو عن مخزون إيجابي فاض شوقاً فانسكب عطراً يذكي أريجه وعبق شذاه الأنفس الطيبة والأرواح الزكية.. ومن منا نحن المسلمين لا يجد في نفسه شوقاً لقبلة للحجر الأسود تزكي الروح وتعطر القلب، ومن منا لا يحمل المشاعر الفياضة لحبيب أو قريب أو عزيز. * قُبلة الوطن غالباً ما نطبعها على أرضه وتربته فهذه الأرض من حملتني واحتوتني وآوتني، هي من نشأت بها وترعرعت ودرجت في ربوعها.. قدسيتها مستمدة من قدسية الأم التي جعل الله الجنة «تحت أقدامها». * قبلة الوطن عزيزة غالية لا يشعر بحرقة الوجد لحضن الوطن وضمته إلا من فارقه وابتعد أو خرج منه إذ كانت جنبات أرضه «تحتويني» من كل مكان وكأني في حضن أمي طفلة راشدة.. إنه الشوق الدفين الذي لا نشعر به إلا بعد الرحيل أو الفقد!! * وطني يا سنابل الخير، يا معنى الحب الصادق العفيف يا مهبط الوحي ومبعث الرسل، يا أقدس بقاع الدنيا، اشتياقي لك في القرب وفي البعد كاشتياق الطفل لحضن أمه وضمها وشمها، وطني يا راية العز الخفاقة الشامخة فوق أديم السماء تلوح للعالم بالخير والمحبة والسلام.. من مبعث الرسالة سنة المصطفى عليه أعطر تحية وأزكى سلام الرسول الأمين والرحمة المرسلة للعالمين.. ونحن الشعب النموذج فبهداه نقتدي. * إن الحب لا يكون حقيقياً إن لم يطبق صدقه العمل، وعليه فإن أمانة أبناء الوطن عظيمة تجاه الأمتين العربية والإسلامية وتجاه إخواننا المسلمين في كل مكان حيث نحتاج إلى صياغة الفكر العربي وبناء الإنسان على قواعد وثيقة من تعاليم النهج العظيم الكتاب والسنة وتوجيه إلى تميز مكانة الأمة الوسطى، وخيرية «كنتم خير أمة أُخرجت للناس».. الآية. * إن وضع آلية لبناء الإنسان على القوة والجدارة التي تمكنه من صناعة التاريخ المجيد.. تحتاج منا العناية بالتخطيط واستثماره أكثر في زيادة توفر علماء الأمة والباحثين لإحكام نهضة إستراتيجية موحدة تُعلي للإسلام شأنه، وإن كان انقلاب الزمان من العلو إلى الرجوع للبداية البدائية آتياً لا محالة كما يؤكده الكثير من العلماء اليوم فإن تناقص العلماء أيضاً يدل بشكل واضح إلى قرب النهاية التي لابد ما يسبقها نصر للإسلام مؤزر بأحفاد الصحابة رضي الله عنهم، وحفيدات الصحابيات رضي الله عنهن، فإلى المجد والعلى وكل عام وأنت أنت وطني.