قبل الهجوم على السفارة السعودية في طهران والقنصلية بمشهد في 2 يناير 2016م كانت من ضمن خطتي الذهاب إلى إيران في جولة سياحية الهدف منها الاطلاع على الحياة في إيران لكن بعد قطع العلاقات الدبلوماسية ووقف رحلات الطيران وإنهاء العلاقات التجارية ومنع السفر لإيران ألغيت الفكرة تماماً لأن ذلك قد يعرضني للخطر خاصة لعدم وجود سفارة إضافةً إلى الغرامة عند تجديد جواز السفر ولم أكن أتوقع أن أقوم بزيارة إيران ولو بالصدفة لكن دائماً النوايا تتحقق وما تركز عليه سوف يحصل بالتأكيد . عندما كنت في مينسك عاصمة بيلاروسيا (روسيا البيضاء) كانت لدي رحلة من مينسك إلى دبي مروراً بكييف عاصمة أوكرانيا لكن وقت دخولي مطار مينسك وعند مشاهدة شاشة عرض الرحلات تفاجأت بأن الرحلة قد تأجلت وهذا يعني بأن الرحلة التي من كييف إلى دبي لن أستطيع الحاق بها وكنت في حيرة من أمري ماذا سيحدث وكيف سأصل إلى دبي؟ لأنه تنتظرني رحلة أخرى في اليوم التالي من دبي إلى الرياض . فإذا بأحد المسؤولين من الخطوط الأوكرانية يخبرني بأن أذهب إلى مكتب في أخر صالة المطار لتغيير رحلتي فكان معي فتاتين من بيلاروسيا ذهبنا جميعا إلى المكتب وكان وقتها لا يوجد رحلة مناسبة إلا على الخطوط البيلاروسية مروراً بطهران عاصمة إيران ومن ثم دبي . فما كان مني إلا الموافقة لأنه لابد من الوصول إلى دبي في أقرب وقت ممكن استعداداً لرحلتي الثانية إلى الرياض والتي ستكون على خطوط مختلفة . ووقتها لا أحمل سوى بطاقة صعود الطائرة التابعة للخطوط البيلاروسية ولابد من تغيير الخطوط في مطار الخميني لكن كيف أتجاوز منطقة الجوازات ؟ وكيف سأخذ بطاقة الصعود للخطوط الإماراتية ؟ وماذا لو تأخرت الرحلة الثانية ؟ فكنت أتخيل الحياة وشكل المطار وهل سيكون تعاملهم جيد أم سيء؟ وخلال انتظاري في مطار مينسك كانت جميع الأفكار السلبية والإيجابية عن هذا التوقف في طهران تدور في رأسي . وبالرغم أني كنت قلق إلا أن أكثر من عانى في مطار الخميني هم الفتيات البيلاروسيات لأنهم لم يضعوا غطاء على رؤوسهم (حجاب) مما جعلهم في موقف حرج من مسؤولي المطار ففي إيران لا يهم ما يلبسون حتى لو كانت الملابس غير محتشمة لكن الأهم بالنسبة لهم أن تضع الفتاة غطاء على رأسها، وكان يتعاقب علينا أكثر من شخص مما يتضح بأن الارتباك لدى مسؤولي المطار بكيفية إنهاء إجراءاتنا للرحلة التالية دون تجاوز منطقة الجوازات لدرجة أني استلمت بطاقة الصعود للطائرة قبل الإقلاع بنصف ساعة . أما أكثر ما شدني أنني رأيت فتيات إيرانيات يضعون لاصق جروح على الأنف فإيران تعتبر الأكثر إجراءً لعمليات تجميل الأنف في العالم لدرجة أن بعض المراهقين يضعون اللاصقات فقط لرمزيتها الجمالية حتى دون إجراء عمليات جراحية . وعند انتظار إنهاء إجراءات السفر ولأن مطار الخميني كان متواضع ولا يوجد به أي شيء مميز سواء بيع الكافيار والزعفران والفستق فكنت أقوم باستخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي إلا أنه اتضح لي بأنها محجوبة كما هو معمول به في الأنظمة الاستبدادية فاضطرايت إلى استخدام كاسر الحظر vpn . أما أغرب شيء أن شركة الاتصالات السعودية أرسلت على هاتفي أرقام السفارة السعودية عند وصولي إلى إيران بالرغم من أن السفارة مغلقة وهذا ما جعلني اتصل على الأرقام المرسلة لي من باب الفضول لكن لم أجد إجابة وقتها لا أعلم لماذا تذكرت سرقة هاتف السفارة عند اقتحامها من العصابة الإيرانية . فالثلاث ساعات التي قضيتها في مطار الخميني كانت مثيرة حتى من تعليقات بعض الأصدقاء التي يغلب عليها الطرافة وبالنسبة لي ليست مجرد عبور بل رحلة زرت فيها إيران دون الدخول في تفاصيل. بقلم سعد بن سليمان الفريخ