بعد أن دخل جثمان الطفلة "سولاف" شهره الخامس، وهو حبيس ثلاجة الموتى بمستشفى الملك خالد في نجران، تعود القضية إلى الواجهة، إذ يتوقع أن تصدر اللجنة الشرعية الطبية اليوم حكمها الخاص في مأساة طفلة الثلاثة أعوام التي توفيت نتيجة خطأ طبي منذ أربعة أشهر، ورفض والدها استلام جثتها إلى حين انتهاء التحقيق ومعرفة الأسباب ومعاقبة المسؤولين. وبحسب صحيفة "مكة" عزا استشاري الجراحة بالمستشفى الدكتور "محمد عبدالعليم"، وهو استشاري عربي زائر وطرف بالقضية، وفاة الطفلة "سولاف" إلى جهل وتجاهل الفريق الطبي الذي أجرى عملية المنظار التي خضعت لها بمستشفى الملك خالد بنجران نهاية العام الماضي، مشيرًا إلى أن إدارة المستشفى ظلت طوال الفترة الماضية تحاول إخفاء الأسباب التي أدت إلى وفاة الطفلة، وأنها بذلت كل جهدها وسعت بشتى السبل لتجعل منه شخصيًا كبش فداء تتستر خلفه لإنهاء القضية. 1- ما هي ملابسات القضية في الأساس؟ تعود ملابسات القضية إلى أن الطفلة "سولاف" عقب دخولها إلى غرفة الجراحة بالمستشفى خضعت لعملية منظار أدى إلى حدوث ثقب بالمريء قاد بعدها إلى دخول الهواء في التجويف البلوري بالصدر، مما أدى إلى توقف عضلة القلب دون أن يتنبه الفريق الجراحي لهذا الأمر في حينه، مما دفعهم إلى إجراء عملية إنعاش للطفلة لمدة نصف ساعة قبل استدعائه شخصيا لرؤية الحالة واتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنقاذ حياة "سولاف"، وكان الفريق الجراحي المكون من خمسة أطباء يجهل تمامًا طبيعة المضاعفات التي يمكن أن تحدث نتيجة عملية المنظار، وأحمّل اختصاصي التخدير المسؤولية الأساسية في حدوث هذه المضاعفات إضافة إلى اختصاصي المناظير واختصاصي جراحة الأطفال المشاركين في العملية. 2- كيف أدرك الأطباء الخطأ؟ إنهم جميعًا لم يدركوا الخطأ إلا بعد أن نبههم إليه اختصاصي الجهاز الهضمي بعد فوات الأوان، خاصة أن "سولاف" في الأصل لم تكن في حاجة إلى إجراء عملية منظار، وكان من الممكن معالجتها حتى يندفع الخاتم مع البراز إلى الخارج دون أي تدخل جراحي، فبعد وصولي إلى غرفة العمليات اكتشفت مباشرة أن الطفلة في حالة وفاة إكلينيكية، بسبب نقص الأوكسجين الواصل إلى الدم بعد توقف القلب ودخول الهواء إلى الرئتين، مما دفعني إلى محاولة إنقاذها بحقنتين رغم علامات الوفاة الظاهرة عليها، بسبب نقص الأوكسجين في المخ وانتشار بقع زرقاء اللون على كامل جسمها. 3- ماذا عن تقرير الوفاة؟ بحكم موقعي كاستشاري لجراحة الصدر بالمستشفى كتبت تقرير وفاة "سولاف" حسب المعطيات التي عاينتها بنفسي بغرفة العمليات إلا أن إدارة المستشفى لم يرق لها التقرير خشية أن يتقدم ذوو الطفلة المتوفية بشكوى ضد الأطباء الذين ارتكبوا الخطأ الذي أودى بحياتها، علمًا أن واجبي المهني والأخلاقي هو الذي دفعني إلى تسجيل الحقيقة بالتقرير، ولم أكن أعلم أن إدارة المستشفى سوف تذهب إلى حد طمس الحقائق وتزييف الواقع من أجل تبرئة هؤلاء الأطباء المحسوبين عليها، وتحديدًا اختصاصي المناظير وزميله اختصاصي التخدير. 4- ماذا بعد تورط الأطباء في الخطأ؟ إدارة المستشفى بعد أن تأكدت من تورط الأطباء الخمسة في وفاة الطفلة "سولاف" سعت نحو دفعي إلى الهروب ومغادرة المملكة حتى يتسنى لها إلباسي التهمة، والادعاء أن المتهم غادر إلى بلده خوفًا من العقوبة المترتبة على الحالة، حيث إن أفرادًا من إدارة المستشفى اقتحموا شقتي في غيابي للتأكد من هروبي المتوقع حسب ظنهم وتدبيرهم، إلا أنني بدلًا من الهروب ذهبت إلى مدير الشؤون الصحية بنجران "صالح المؤنس"، وشرحت له ما حدث بالتفصيل وفق ما شهدته وعاينته بغرفة العمليات، ووجدت منه تفهمًا كاملًا لموقفي، بعدها أبلغتني مديرة شؤون العاملين بالمستشفى أن عقد عملي المنتهي في منتصف مارس الماضي سيتم تمديده إلى حين النظر في القضية بحكم أنني طرف فيها وممنوع من السفر، وذلك حسب توجيهات مدير المستشفى الدكتور "عبده الزبيدي" إلا أنها عادت بعد أيام لتبلغني بالحضور واستلام جواز سفري للمغادرة بحجة أن إدارة الجوازات رفضت تمديد فترة إقامتي لأكثر من ستة أشهر حسب النظام المتبع بوزارة الصحة، وبعد اتصالات بين مدير الشؤون الصحية بنجران وإدارة الجوازات اتضح أن هذا الإجراء لا أساس له من الصحة، ونفته كذلك وزارة الصحة جملة وتفصيلًا واتضح أنه مجرد محاولة لإجباري على مغادرة المملكة وإثبات ضلوعي في مقتل الطفلة "سولاف". 5- حدثنا عن مجريات التحقيق؟ تم استدعائي في البداية أمام لجنتين شكلتا للتحقيق في ملابسات وفاة الطفلة "سولاف"، الأولى من صحة نجران والأخرى من رئاسة وزارة الصحة، وفي كلا الحالتين لم يتم إثبات أقوالي في محضر التحقيق لأوقع عليها، عادا هذا الإجراء تواطؤا بين إدارة المستشفى وأعضاء هاتين اللجنتين لاستبعاد شهادته من التحقيق نهائيا، وذلك بعد رفضه كل المحاولات التي قام بها بعض محسوبي الإدارة بغرض تغيير أقواله أمام أعضاء اللجنتين. 6- كيف قوبلت شهادتك بالمحكمة؟ تم تجاهلها حتى أمام قاضي المحكمة الشرعية حين تم استدعائي كشاهد من قبل والد الطفلة المتوفية مع أني وضعت كل التفاصيل المتعلقة بالقضية أمام المحكمة المعنية إلا أنها لم تعتمد شهادتي، واكتفت بشهادة رئيس قسم الجراحة بالمستشفى وهو ليس جديرًا بإبداء الرأي حسب تخصصه الفني في هذه القضية. 7- هل لديك أدلة تدعم ما ذهبت إليه؟ لقد تم تحويلي من شاهد دفاع إلى مدعى عليه دون مبررات كافية، ليس هذا فحسب، بل حدث تغيير كامل لكل محتويات التقرير الذي قمت بتدوينه عن ملابسات موت الطفلة سولاف، واختفى بعد أن بقي لمدة شهرين في مكتب مدير المستشفى قبل تقديمه للمحكمة، ولكن مع الأسف لا أملك دليلًا واحدًا على هذه الوقائع التي أنا متأكد تمامًا من حدوثها أثناء سير القضة، وحين أخبرت القاضي بهذا الأمر، قال لي: طهذا ادعاء وقذف، وعلي التراجع عنه وعدم تكراره وإلا اتخذ إجراءات قضائية في حقي، فالتزمت الصمت رغم أن شهادتي كانت هي الحقيقة".