"السلطة" هو ذلك المصلح الذي يمنح صاحبهُ حقاً خاصاً ينفرد ُبه دون غيره ألا وهو القدرة على الإقناع والتأثير في الآخرين.. والمتأمل لطريقة تعامل المحيطين بأصحاب السلطة يجد أنهم يتعاملون بطريقة خاصة يتجردون فيها من كل مظاهر القوة والثقة بالنفس إلى مظاهر التأثر أو الانقياد أو التبعية أو التنفيذ أحياناً, بل ويثقون بقرارات أصحاب السلطة وأحكامهم بشكل عام فهم ينظرون إليهم بأنهم مصادر نادرة متميزة في عالمهم الكبير. وعلى جانبي مصادر السلطة تستطيع اكتساب أحدها بينما قد لاتستطيع اكتساب الآخر.. كما تستطيع أن تكون ذا سلطة دائمة أو ذا سلطة مؤقته تزول بزوال مصدرها .. ولكن! لتكن أكثر ذكاء في اختيار المصادر الأكثر مناسبةً وديمومةً وإيجابيةً لك وللآخرين. وهذا يقودنا إلى تسليط الضوء على أبرز المصادر الشائعة للسلطة في مجتمعاتنا ومنظماتنا, وهي: سلطة المنصب: وهي تلك السلطة المكتسبة بالقرارات الرسمية رئيس الدولة ورئيس العمل ...الخ, إلا أنها سلطة سرعان ما تزول بزوال قراراتها, كما تنفرد بمنحها حق التأثير على المرؤوسين سواء بقناعة أو بغيرها.. فأحرص أن لا تغرق نفسك بالتسلط فيها وتذكر أنها الأسرع زوالا. سلطة الألقاب الشهادات والرتب: هي أحد أنواع السلطة التي تخلق قناعات معينة بالأفراد من حولنا ك: "الشيخ","الدكتور","التاجر" ...الخ. فعلى سبيل المثال حينما تسمع كلمة "دكتور" أمام اسم أحدهم فإن العقل يسجل بصورة آلية بأن هذا الشخص مميز ومثقف وتستطيع الوثوق بآرائه. وقد يتسأل البعض ما لفرق بينها وبين سلطة المنصب؟ قد يكون هناك رئيسا بالمنصب ويستطيع التأثير بسلطته الرسمية دون قناعة, بينما يستطيع أحد مرؤوسيه التأثير وإقناع الآخرين بل ويحظى بالاحترام والتقدير بسبب ما يحمله من هذه الألقاب. سلطة الزي: وهي أحد أنواع السلطة التي قد يعارض عليها البعض فهل الملابس تصنع الأشخاص؟ نعم في بعض الحالات. إن الزي لدى البعض دليل على سلطته, فمثلا رجل المرور يستطيع أن يفض اشتباك عجز عنه عشرات المتجمهرين بسبب زيه الرسمي. سلطة المكافأة: وتعد هذه السلطة من أسرع طرق الإقناع, إلا أنها من أسرع الطرق فقداً للتأثير عند الاستمرار عليها, لأنه عند برمجة المحيطين بتوقع شيء معين فإنهم سيبحثون عنه دائما مما يدفعهم لسلوكيات غير مرغوبه في حال انعدامها. سلطة الرأي العام: وهي إحدى مصادر السلطة المثيرة للجدل ويحدث هذا النوع غالبا عندما تتخذ قرارات تتعارض مع قناعات الأغلبية, مثل ما يحدث في العديد من الدول العربية الآن من تمكن ونشاط سلطة الرأي العام على أنواع السلطات الأخرى.. ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن تجاهل الرأي العام في العديد من المنظمات والمجتمعات الصغيرة والكبيرة خطأ مكلف جدا في بعض الأحيان. سلطة المعرفة: يكمن المصدر الأساسي لقوة المقنع على قناعة المحيطين بكفأته وتمكنه في مجال معين نتيجة امتلاكه معارف ومهارات وخبرات ترتبط باحتياجاتهم.. وهنا يجب على صاحب هذه السلطة التطوير والتجديد في ما يملكه من معارف ومهارات وخبرات تفاديا لفقد قدرته الإقناعيه. سلطة الجاذبية الشخصية: يمنح هذا النوع صاحبه حضور وسحر من نوع خاص, فطاقتهم تحرك وتحفز وتسعد المحيطين بهم فيشعرون بالراحة والرغبة في مقابلتهم, هي خاصية غامضة تجمع بين القيادة وتوكيد الذات والحماس وقوة الشخصية وفن التعامل مع الآخرين وأكثر من ذلك. ومن أروع الكلمات في وصفها ماذكره "جيري بيني" عندما قال عنها:" الجاذبية الشخصية هي طاقة تنبع من القلب فإذا لم يكن لدى المتحدث شعور, فلن يكون لديه شيء ليوصله. وهي طريقة لإيصال المتحدث مشاعره بأرقى وأنقى صورة ممكنه لغيره, فهي ليست شعورا ضعيفا أو خفيا بل هي توصيل مالديه من طاقة خام صافيه وحماس خام وخالص إلى الآخر".. إن هذه السلطة فطرية, ولاكتسابها لابد من مخالطة أصحابها والإصغاء إليهم لفترات طويله. سلطة الاحترام: هي السلطة الأصعب اكتسابا لأنها درجه عالية من التميز على الجانبين المهني والشخصي السلوكي وهي ترجمة عملية لتعاليم وقيم ديننا الإسلامي, وتتميز بأن مدى تأثيرها على الجمهور يدوم لفترة أطول بعد الغياب.. ومن العجيب هنا أن المحيطين بصاحب هذا النوع يقتنعون به دون الحاجة إلى تحليل شخصيته أو مواقفه. ختاما مجتمعاتنا ومنظماتنا لا تريدها سلطة فوضوية, ولا شكليه, ولا تسلطية.. نريدها سلطة تدير تلك العناصر البشرية لتصنع منها خلية نحل تفيض بالسعادة والتفاؤل والحماس والحب والتعاون والإبداع.. نريدها سلطة تمنحنا قناعة أننا لا نتأثر بالغث والسمين بقدر تأثرنا بمن جعل من نفسه أنموذجا رائعا للإخلاص والعمل وأسطورة لحسن خلقٍ يمتد أثرها مدى العمر.. نريدها سلطة نقول بعدها كلمتنا المعروفة الجميلة "الله يذكره/ا.. بالخير" كلما لاحت صورة الذكرى في أذهاننا.