إلى تلك الأيام القديمة التي جمعتنا ، إلى تلك الضحكات والابتسامات التي صحبتنا، و في كل لقاء كانت ابتساماتنا كالبنات الرقيقات الحانيات على آبائهن. إلى تلك الأماكن التي لطالما اختارتنا لتكون مسرحاً للقائنا ، فاستقبلتنا بأحضانها الدافئة ومنحتنا عناقها المكلل بمشاعر الشوق في كل مرة نصل إليها . إلى طاولات المطاعم وجلسات المقاهي التي احتضنت شجوننا وأصغت لحكاياتنا ونحن نبث شكوانا من هموم الحياة وننثر أخبارنا السعيدة لبعضنا..! إلى المرات التي أحاطتنا كثيراً وتمددت أمام أقدامنا حينما كنا نربت فيها على أكتاف بعضنا لنشد من أزر أنفسنا في موقف خيبة حدثت أو معضلة وقعت ..! إلى رحلاتنا الطويلة سوياً داخل البلاد وخارجها..! حينما كنا نجوب البلدان ونكتشف الدول والأوطان ، كم من ليلة بتنا فيها على ضفاف الانهار أو اعتلينا سوامق الجبال وكم ضحكنا ولعبنا وكم تعبنا وارهقنا فسندنا بعضنا كالبنيان يشد بعضه بعضا . إلى تلك المواعيد التي لم نتمكن من اللقاء فيها وتلك التي رتبناها وننتظر أن تحين ساعتها..! إلى كل ذلك وأولئك يا صديقي عزائي وفيض وجدي وحزني الذي أتمنى أن يلامس روحك الطيبة المطمئنة يا أيها النقي البهي وأنت تقضي يومك الأول في عالمك الجديد بعيداً عنا ، هناك في كنف ربك الكريم ذو الجود والفضل العميم. فلكم كنت بساماً معطاءً صادقاً وفياً..! عزائي فيك أنك رحلت بعد طاعة وصيام وصلاة وخشوع..! وعزائي أن كل الذين عرفوك أجمعوا على حبك وراهنوا على طيب قلبك..! وإنما الجنة للطيبين والنعيم للمتقين الصادقين .