استكمالًا للحلقتين السابقتين 1و 2 المتعلقتين بالنشاط الأدبي والثقافي دولة الكويت ، وتتمة لهما نشرت صحيفة الجزيرة - القسم الثقافي ، أول من أمس السبت الخلقة الثالثةوالأخيرة.، كتب محرر القسم الثقافي ، الأستاذ محمد هليل الرويلي : وسألناك يا أعرابي: أكان حُسن تدبير منك أم أن نجوم الطوالع قادتك وجلبتك، في شهر أعيادنا الفبرارية، لتشهد عينيك ما شهدته، وتسوقك رجلك لمَّا ساقتك إلينا؟ تعال نرقص معًا وقد ملأنا الدلاء فلا رمضاء وجرار فارغة، بعد أن أمضت لنا الصحراء التي ظلت طويلًا مانعة وتتمنع على أن تقنع نفسها وتأتي طائعة، لتعيد تكوين نفسها لنا نحن الكويتيون، وإلا فانبعاثها القديم، كثبان وعراء، وحدود حوافها ممتلئ بالفراغ، ومحمل بالمجهول، ومأهول بلاشيء. وشيء يشحذ من الجدب لاشيء؟! فقط ليحدث سرًا نفسه مسليًا سريرته التي تعبت وقد أضناها نصحه ألا يعبرها قبل أن يتزود للغد من وجه الأمس العبوس بلمم من هم الدنيا فاقة يسد به خواء بطن الجوع المفجوع من الفراغ الذي عجز أن يصنع معجزة أو حتى أن يصدق كذبة تنسجها هذه الصحراء أملًا لو على طرف نطفة برحمها يتعلق به حمل كاذب! أو حتى لو كانت هذه النطفة على أطراف شحمة أذنها، نعم شحت يا أعرابي ولم تهبنا نطف اللؤلؤ فنغنى ولا حتى نطفة نبلل منها شفاهنا، أو نضمن تدفق نسلنا بها.. أما رأيتها اليوم وأدهشتك يا أعرابي وقد أخضعناها وعمرناها وبنيناها، حتى خميسها الأسود وعدة أشهر تلته وقفت فيه شاخصة مذهولة لكنا لم نتركها ينثني عزمها أو تتقهقر.. هذه إرادتنا يا أعرابي حملنا رمال الصحراء من جديد لتزهر فيها الحقول، فكل مستحيل تحول ببصمتنا الكويتية لخصوصية نوجزها في هذا الجزء الأخير المخصص حول أدب الصدمة، والكتاب قبل النفط، ولمحات من تاريخ الأغنية الكويتية القديمة والمطورة، والحركة المسرحية، وحديث خاص حول عظيمنا الراحل النجم الظاهر الأوحد على المسرح عبد الحسين عبد الرضا.. أدب الحرب أم أدب الصدمة؟ المتتبع للحركة الأدبية والثقافية الفنونية في الكويت يعرف أنها تشكلت منذ فترة حكم المرحوم الشيخ مبارك الصباح، وازدهرت بعد ذلك على أيدي الأدباء ومبدعين في كافة مساربها ونوافذها الإبداعية، حتى حل الخميس الأسود، 2 أغسطس 1990م «غزو الكويت»، التي انقشعت غمامتها في 26 فبراير 1991م. وبعيدًا عن التداعيات السياسية للأزمة - إذ ما يعنينا في سلسلتنا هذه وجميع الملفات التي نشرناها- سنتطرق للقضية من منظور أدبي أنتج ما يسمى «أدب الغزو أو أدب الحرب. كما أوضح «للثقافية» الروائي والإعلامي عدنان فرزات: هناك ما يسمى «أدب الحرب»، لكن هذا المصطلح له عمومية، إذ يطلقونه على كل أدب تناول مأساة الحروب أو إشكالياتها. وباعتقادي أن الأدب الذي ولد في الكويت بعد الغزو العراقي يمكن أن نسميه أدب الصدمة أكثر من كونه أدب الحرب. فأدب الحرب يكون غالباً في معارك مجهز لها مسبقاً بين الطرفين من عدوين، لكن ما حصل يختلف كثيرًا.. كما لم يكن أحد الطرفين عدواً للآخر لذلك يمكن تسمية الأدب الذي ولد آنذاك ب»أدب الصدمة». لأن معظم هذا الأدب كان يتحدث بشكل انطباعي أو توثيقي عن ممارسات غير إنسانية جرت في الكويت أو يؤرخ للمقاومة الكويتية. وأضاف: هناك عدد من الأدباء عايشوا الاحتلال بشكل مباشر، واطلعوا عن كثب على الواقع، ويعد أضخم عمل يرصد تلك الفترة ما قدمه الأديب الراحل إسماعيل فهد إسماعيل «إحداثيات زمن العزلة» فهذه الرواية صدرت في سبعة أجزاء ونشرها على التوالي في إحدى الصحف الكويتية، وقد جاءت الرواية تسجيلية بشكلها الفني مع إضافات إبداعية حيث دوّن الكاتب بمنهج أدبي تفاصيل عما دار في تلك الشهور الصعبة. ربما أن هذه هي أطول رواية عربية كتبت على أجزاء، تناول كاتبها ما جرى بشكل واقعي بعين الأديب والإنسان بما يمكن أن يكون عملاً تاريخياً وتوثيقيًا. وصنفها بعض النقاد على أنها رواية السيرة الذاتية. فقال عنها الناقد الكويتي د. مرسل العجمي في ملتقى السرد الخليجي الثاني: «إن إحداثيات زمن العزلة تمثل ذروة تذويب التاريخ في الرواية الخليجية، لأنها تعتمد على حدث تاريخي معاصر من حيث الموضوع، وعلى تجربة ذاتية عايشت ذلك الحدث من حيث الرؤية». وتابع فرزات: كما ظهرت أعمال أخرى فصدر للروائي سليمان الخليفي رواية «عزيزة» وصدر الروائي وليد الرجيب مجموعته القصصية «طلقة في صدر الشمال»، وأصدرت الروائية ليلى العثمان مجموعتها القصصية «الحواجز اسوداء»، بعد أن عايشت آنذاك تلك الأحداث. كذلك الكاتبة والفنانة ثريا البقصمي صدر لها «شموع السراديب»، بعد أن عايشت الأحداث عن كثب، الشيء نفسه قدمه الكاتب حمد الحمد في عدد من أعماله. جميع هذه الإصدارات كانت بمثابة رؤية تسجيلية بوشاح أدبي وإبداعي. لكن هل أثمر هذا الجهد الكبير والمتميز رواية أو عملا فنيا يتجاوز المستوى المعتاد، ليدخل في منطقة الخلود والتميّز، لعله من الصعب القول إن هذا تحقق، فتحققه مرهون بعمل غير عادي، يأتي في لحظة لا ندريها. وهذا هو المعهود في الأعمال الفنية، التي لا ترتبط بزمن معين». الكتاب قبل النفط الكويتي يكاد لا يخلو بيت من البيوت في الكويت من «المكتبات الخاصة».إذ لم يقتصر حضور المكاتب في زوايا وجنبات بيوت التجار والأثرياء فقط، وإن اختلف وجودها من جانب تنوع المحتوى لتفاوت الإمكانيات والقدرة المالية فنجد بين أرففها الكاسيت، الصور، الدوريات، التحف، العملات وطوابع البريد.. ووصفت الباحثة والمؤرخة المختصة بشؤون المرأة الكويتية، وعضو رابطة الأدباء الأستاذة أبرار أحمد ملك هذا الفعل الثقافي قائلة: حينما نتحدث عن تأسيس المكتبات الخاصة بتلك الفترة يأخذنا الحديث حول مكتبة الشيخ الراحل ناصر بن مبارك الصباح فقد كانت من أهم المكتبات ضمت ثلاثة آلاف كتاب من أهم المصادر والمراجع كما ضمت أكثر من 80 ديوان شعر بالإضافة لكتب التفاسير، والحديث، والأدب والاجتماع وعدد من المخطوطات - لاحظ أن الحديث هنا حول الكتاب قبل النفط - ونؤكد بأن المكتبات الخاصة أسست بالكثير من البيوت الكويتية آنذاك، فالكويت منارة ثقافية عربية قبل ظهور النفط وقبل أن يطلق عليها عاصمة للثقافة العربية 2001م. فاهتم رجالات الكويت بنشر الثقافة والمعرفة من خلال تأسيس العديد من المكتبات والنوادي الثقافية ودور العلم المدارس، فشهد عام 1329ه افتتاح «المدرسة المباركية» بعد أن كان التعليم لدى المطوع والملا، وفي عام 1341ه، رأت «المكتبة الأهلية» النور، ثم تأسس «النادي الأدبي» بعدها بعام. وفي العام 1923م، قام أدباء الكويت بتأسيس المكتبة الأهلية التي زودت من مكتبة الجمعية الخيرية الكويتية المؤسسة منذ العام 1913ه، وتقع المكتبة الوطنية اليوم بجوار متحف الكويت الوطني وأنيط لها مسؤولية جمع وتنظيم وحفظ وتوثيق التراث الوطني والإنتاج الفكري والثقافي في دولة الكويت، ومن منطلق دورها وحرصها كمنارة كويتية ثقافية منبرا للأدباء والمفكرين والمثقفين تبذل قصارى جهودها للارتقاء بالمجتمع الكريم والنهوض به وحرصت على احتضان المكتبات الخاصة للمحافظة عليها نظرًا للقيمة النادرة التي لا تقدر بثمن نقل مقر العديد من المكتبات الخاصة لمكتبة الكويت الوطنية، ويبلغ عددها اليوم 22 مكتبة تعود ملكيتها لرواد الحركة الأدبية والسفراء.. نذكر على سبيل المثال لا الحصر الشيخ عبد الله النوري، الأديب أحمد البشر، الشيخ عبد الرزاق البصير، السفير عبد العزيز حسين، والأديب محمد ملا.. كما نشير لما قامت به سفيرة الثقافية الكويتية والعربية د. سعاد الصباح إذ قدمت جزء من مكتبتها الخاة ومقتنياتها ولوحاتها الفنية التي قامت برسمها. لمحات من تاريخ الأغنية الكويتية القديمة والمطورة «أحسب أنني أغالي إذا قلت إن كل فناني اليوم، الذين يعيشون المرحلة الجديدة في الحركة الموسيقية والغنائية في دولة الكويت، يدينون فيما وصلوا إليه من سبقهم من الفنانين الكبار، الذين كان لهم دورهم الكبير في تعبيد الطريق أمام الأجيال التي تلتهم»، هكذا بدأ الباحث والإعلامي صالح غريب حديثه حول الحركة الفنية «الغنائية» الكويتية، مبينًا أن جميع ما حققته من شهرة في منطقة الخليج والجزيرة العربية حتى امتدت إلى العالم العربي يرجع إلى الأجيال المتعاقبة التي قدمت تضحيات كثير كانت وراء الثروة الغنائية من الأعمال الغنائية الأصيلة المتنوعة التي تزخر بها مكتبة التلفزيون والإذاعة الكويتية، مرتكزة في بداياتها على ثلاثة أنواع: الأغنية العربية القديمة في «الصوت»، وأغاني عرب البادية في «السامري»، وأغاني البحر والبحارة فن «النهمة». هذه المرتكزات كانت في البداية إذ زادت وتنوعت بعد ذلك. وقال «غريب»: إن من أبرز أعلام الغناء الذين شاركوا في المدرسة الكويتية القديمة الأولى محمد بن لعبون وعبدالله الفرج وإبراهيم بن يعقوب وخالد البكر وعبداللطيف العروي وناصر بن يعقوب ومرزوق مناحي ويوسف البكر. وأن المدارس التي تلت عصر ابن لعبون والفرج تعد نماذج جديدة من الفنون الشعبية لفن الغناء الكويتي قدمتها الفرق الشعبية كفرقة الدواسر برئاسة فرج الوتيد، وفرقة البحارة برئاسة جوهر اللنقاوي، والفرق النسائية برئاسة جوهرة المهنا. كما ظهرت بعد ذلك فرق شعبية كثيرة تجاوزت 14 فرقة انضمت لعضوية جمعية الفنانين الكويتيين التي أسهمت بدورها في توثيق الفنون الغنائية. فن «الصوت» الكويتي غير قابل للتحريف وبين أن فن الصوت المشهور، ضرب من الغناء عرفه الأولون في بداية نشأت تلك الأغنية العربية، والصوت صيغة فنية متفق عليها من حيث قابله الغنائي والإيقاعي وعدد الموازير (الحقول) غير قابل للتحريف إلا من بعض الزخارف اللحنية المرورية حسب مقدرة ومهارة العازف في حدود المقام والزمن والإيقاع المصاحب. إذ إن للصوت في منطقة الخليج كلون من ألوان الغناء - مكانة رفيعة، ففي غنائه التطريب. وفي نصوصه الوقار حسبما جاءت به النصوص المنظومة باللغة العربية الفصحى، إذ إن الغالب إن تصاغ نصوص الصوت فن الشعر الحميني المعروف باليمن والذي يستخدم فيه أربعة عشر بحراً من الستة عشر بحراً المعروفة في الشعر الفصيح. ويعتبر الفنان الأديب عبدالله الفرج(1836-1901م) أول من نسب إليه صنع ألحان الصوت في قالبه المعروف الآن. وقد تناقلت من بعده عن فناني الكويت خاصة ومنطقة الخليج عامة مجموعة كبيرة من الألحان والأصوات التي مازالت معروفة محتفظة بقيمتها الفنية وتعد من التراث. كذلك الفنان عبدالله الفرج أبو الأصوات والاستماعات في الكويت كما أطلق عليه المرحوم المؤرخ أحمد البشر الرومي. هذا الفنان توفي والده تاركًا له ثروة ضخمة بددها خلال وجوده في الهند وعندما فقد ثروته عاد إلى الكويت لا يحمل معه غير فنه. كان من بين أبرز الذين جالسوه ونقلوا فنه الفنان إبراهيم اليعقوب والأخوين خالد البكر ويوسف البكر، كما تناقل بعده فنانو الكويت بل منطقة الخليج بأسرها مجموعة كبيرة من ألحانه. إذ إن الأصوات التي لا تزال تعيش بيننا اليوم عدد كبير منها من أعماله. توارث هذه الألحان من الأصوات بعد وفاة عبدالله الفرج جيل من الفنانين نذكر منهم : خالد البكر، يوسف البكر، عبدالله فضالة، عبداللطيف الكويتي، وأحمد الزنجباري وعوض دوخي رحمهم الله جميعاً. الأصوات الكويتية لها مدرسة خاصة تمثلت بكثير من الفنانين القدامى مثل عبدالله الفرج وآخرهم المرحوم يوسف البكر. واستمرت بالمرحوم عبداللطيف الكويتي الذي سجل أول صوت على أسطوانة حجرية سنة 1927م وتبعه من الكويت المرحوم عبدالله فضالة ومحمود الكويتي وأحمد الزنجباري وحمد خليفة وسعود العروج وسعود الراشد وآخرين خاصة في فترة تطوير الأغنية الكويتية. عبدالله فضالة أبرز رواد الأغنية الكويتية وكشف الباحث والإعلامي «صالح غريب»: أن الفنان القدير الراحل عبدالله الفضالة ساهم بشكل واسع في انتشار الأغنية الكويتية إلى خارج نطاقها الإقليمي لقدرته المتميزة بين زملائه في الساحة الفنية، وصل بشهرة أعماله الغنائية إلى جميع دول الخليج والجزيرة العربية قبل ظهور الإذاعة. ويعد هذا الفنان أحد أبرز رواد الحركة الغنائية الكويتية، الذين أثروا المكتبة الغنائية بشتى ألوان الغناء الكويتي القديم الأصيل، وقام بعد ذلك بتطوير هذه الفنون التي أصبحت امتداداً لأسس وأصول الأغنية الكويتية اليوم. كما كان - رحمه الله- أحد أبرز الموصلين الأمناء لفن «أبو الأصوات» الفنان عبدالله الفرج، وقد قام بدور كبير في سبيل توثيقه والمحافظة عليه. محمود الكويتي شارك في البدايات والأغنية المطورة وأضاف: كما لا يختلف أي باحث أو متابع لتاريخ مسيرة الأغنية الكويتية على أن يعتبر الفنان القدير المطرب والملحن والموسيقي محمود الكويتي أحد وأهم وأبرز رواد الأغنية الكويتية القديمة والمطورة، وعلى الأخص في فن الصوت والسامري، والذي أثرى المكتبة الإذاعية والتلفزيونية بعدد كبير من الأعمال الغنائية من ألحانه بصوته وبأصوات مجموعة من المطربين الكويتيين والعرب. فالفنان القدير محمود الكويتي من أوائل المطربين الذين عايشوا بدايات حركة تطوير الأغنية الكويتية، وقد كان - رحمة الله عليه - أميناً وحريصاً في توثيقه للأغنية القديمة من خلال محافظته على الأداء الشعبي الأصيل للتراث الغنائي للجميل القديم من الرواد الذين سبقوه من المطربين والملحنين، سواء كان ذلك في تسجيلاته القديمة على الأسطوانات التي كانت فيما بعد من أهم المصادر التي حفظت وما زالت تحفظ التراث الغنائي والموسيقي لهذا البلد أو في تسجيلاته الإذاعية والتلفزيونية. سعود الراشد رائد تطوير وتجديد الأغاني وتابع مشيرًا للفنان سعود الراشد الذي شارك في البدايات التي قامت من أجل تطوير وتجديد الألحان عام 1956م عندما تكونت لجنة الفنون الشعبية الذي اختير ليكون أحد أعضائها مع الأساتذة عبدالعزيز حسين التركيت - أحمد البشر الرومي - أحمد العدواني - حمد الرجيب - محمد المضف، إذ كانت بداية الحركة الغنائية الكويتية الحديثة المطورة على يد عدد من الفنانين البارزين لتثبيت قواعد الفن وإبرازه في ألحان فنية غنائية تتفق وروح العصر،. بعد ذلك بعام قامت وزارة الشؤون الاجتماعية بإنشاء أول مركز لرعاية الفنون الشعبية لجمع التراث الشعبي ورعاية الفنانين الشعبيين والفرقة الشعبية، فتوافد عدد كبير من المؤلفين والملحنين والمغنيين على مركز الفنون رغبة في المشاركة في تطوير الحياة الموسيقية والغنائية وتطوير الكلمة فكان الفنان والملحن «الراشد» من أول من تألق في هذه الناحية، كملحن مبدع مطور للأغاني والأصوات الشعبية الكويتية، وذلك بتسجيل خمس أغاني مطورة في أواخر عام 1958م في «إستديوهات» إذاعة صوت العرب بالقاهرة وهي سامرية (فز قلبي)، وصوت شامي (في هوى بدري وزيني) و(ما ناح ورق) و (لولا النسيم) و (ياليلة دانة). معتمدًا على الألحان التقليدية الأصيلة وصهر ما تبلور منها في قوالب عصرية تتماشى وأسلوب أداء تطور الأغنية وإدخال ما هو متعارف عليه بالمصاحبة الغنائية ( الكورال)، فكانت ثمرة ذلك ظهور مجموعة غنائية تمثل البداية الحقيقية لتطور الأغنية الكويتية الذي طرأت على الأغنية الشعبية عموماً، في ألوانها القصيرة وإتحافها بالتراكيب الفنية كذلك ساعدت هذه الأعمال الغنائية المطورة المبدئية على تهيئة الجو المناسب لدخول أول فرقة موسيقية في عام 1959م. شادي الخليج أذيعت له أول أغنية مطورة وبمناسبة الاحتفال بأول «عيد للأم» يقام في الكويت الذي تغيرت تسميته فيما بعد إلى عيد الأسرة، أعد الفنان الراحل سعود الراشد لحناً لهذه المناسبة من كلمات الأستاذ أحمد بكر موجه اللغة العربية بوزارة التربية في ذلك الحين، ليغنيه الفنان القدير شادي الخليج الذي كان مهتماً للمشاركة بهذه المناسبة لما لها من وقع طيب وسعيد على نفسه ومجتمعه حيث إن الفنان شادي الخليج وقد ولد بنفس التاريخ وهو 21 مارس يقول مطلع الأغنية (أمي): أمي أمي أمي لك أعذب ألحان أثرى بعد ذلك الفنان القدير شادي الخليج الساحة الغنائية الكويتية والعربية في الفترة من 1960 - 1965م بالعديد من الأغنيات وأولها لي خليل حسين من كلمات الشاعر أحمد العدواني ومن ألحان أحمد باقر عام 1960م، بعدها غنى العديد من الأغنيات منها: (لا يقلبي) و(كويت العرب) و (وصدى الماضي) و (ياللي شغل بالي) و (طاب النشيد) ومجموعة من أغنيات فن الصوت كما زخرت مسيرته الفنية في غناء عدد كبير من الأوبريتات الوطنية. بعد ذلك انطلقت عدة أصوات شاركت في تسجيل الأغاني الكويتية المطورة منهم: عوض دوخي وعبدالحميد السيد وغريد الشاطئ وصالح الحريبي وعبدالكريم عبدالقادر ومصطفى أحمد وعبدالمحسن المهنا وثابت محمد وحسين جاسم وعائشة المرطة واليوم هناك جيل من المطربين يتحملون مسؤولية تقديم وتوصيل الأغنية الكويتية ومن أبرزهم: عبدالله الرويشد ونبيل شعيل ونوال الكويتية ومحمد البلوشي ومحمد المسباح والعديد من الأصوات الغنائية الشبابية. المسرح الكويتي ملامح البداية والريادة وحول تجربة الكويتيين مع المسرح أكد الناقد د. سليمان أرتي: أن المسرح الكويتي ارتبط منذ نشأته بالثقافة العربية والإسلامية، فجاءت مسيرته برموزه وشخصياته وعوالمه انعكاسا واضحا لتطور الحياة الثقافية والأدبية والفنية في الكويت فمنذ بدايته الأولى عام 1922م، وهي فترة مبكرة قياسا بولادة المسرح بأقطار وطننا للعربي استطاع أن يتوافق مع المؤسسة الدينية وذلك باستلهام أعمال تاريخية إسلامية وباللغة العربية الفصحى، كانت كل تلك العروض بمباركة رسمية وشعبية عريضة، فراحت مسرحيات مثل (عمر ابن الخطاب في الجاهلية والإسلام -1939م) و(فتح مصر-1940م) تشق طريقها في ظروف وعرة وكثيرة المحاذير، وانبرى لتك المواجهة أعلام الثقافة والفكر في الكويت أمثال عبد العزيز الرشيد وحمد الرجيب، إضافة إلى المتفرج الكويتي الذي هب منتصرا للمسرح. وأضاف: عقد حمد الرجيب العزم على تأكيد خصوصية المسرح الكويتي فقام أثناء دراسته بمعهد الدراسات المسرحية في القاهرة بدعوة الأستاذ الكبير زكي طليمات ليؤسس معهد الدراسات المسرحية في الكويت، ويقوم بتوجيه المواهب ورفدها علميا واحترافيا، وتم ذلك لاحقا باهتمام شخصي من صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد عندما كان وزيرا للثقافة والإرشاد آنذاك، كما استطاعت الدولة أن تلم الشتات المبعثرة للمسارح المرتجلة بضمها إلى فرقة مسرحية متخصصة هي فرقة المسرح العربي لتكون تحت تبعية وزارة الشؤون، وتبعتها فرق مسرحية أخرى مثل الخليج العربي والشعبي والكويتي وفي الفترة ما بين (1961-1967)، ولقد أيقن القائمون على المسرح أن النهوض به لا يكون بمنأى عن نصف المجتمع فجاءت الفنانات مريم الصالح ومريم الغضبان وحياة الفهد وسعاد عبدالله استكمالا لقواعد اللعبة المسرحية في الكويت. وتابع: إن تلك الفترة تميزت بالإبداع المحلي ما بين التأليف والإعداد والاقتباس للمسرح، وفي تواصل تام مع إبداعات المسرح العالمي وكانت تتأرجح بين العامية والفصحى، وفي ظل إقبال مسرحي كبير توجت جهود الرجيب وطليمات بإنشاء معهد الدراسات أو المعهد العالي للفنون المسرحية بأقسامه الثلاثة لاحقا تأكيدا لإرساء قواعد المسرح الأكاديمي في الكويت والخليج العربي، فاستطاع أن يقدم مجموعة كبيرة من الفنانين في مقدمتهم عبد الحسين عبد الرضا وسعد الفرج وصقر الرشود وخالد النفيسي وغانم الصالح وعلى المفيدي وكنعان حمد وآخرين، كانوا أقرب إلى الوصول لوجدان الجمهور عبر استبصارلهموم السياسية والاجتماعية في الكويت، وكذلك تشريح الحالة العربية بحرفية كوميدية ساعد على ذالك مناخ الحرية الممنوح من قبل الدولة فجاءت مسرحيات (ضحية بيت العز) (حفلة على الخازوق) (باي باي لندن) و(ممثل الشعب) تجسيدا لذلك الوهج الفني الذي حقق الريادة التي استمرت حتى عام 1990م، مسيرة عبرت فوق جسر تحدي المجتمع في بزوغ فن جديد، فن المسرح الأصيل والمبدع والإنساني النزعة. ظاهرة النجم الواحد عبد الحسين عبد الرضا. اختار المسرح الكويتي في معالجة القضايا الأسلوب الكوميدي الذي يلمس هذه القضايا لمسا خفيفا ويبالغ في إبراز سلبياتها ساخرا من بعض مظاهرها، أو عالجها من خلال تقديم العروض المسرحية الاجتماعية التي تهتم بتصوير الظواهر الاجتماعية أو تحليلها فترات التغير الاجتماعي. غير أن الظاهرة الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا استطاع أن يجمع بين أسلوب الكوميديا والمسرحية الاجتماعية، راصدًا مظاهر التغير الاجتماعي من ناحية ومحرضا على التغيير وتجاوز السلبيات من ناحية أخرى، وأوضح الناقد المسرحي د. سليمان أرتي: إن ظاهرة النجم في مسرح عبد الحسين عبد الرضا ظاهرة فريدة والأولى من نوعها محليا وإقليميا، إذ تصدى عبد الحسين لعملية للتحولات الاجتماعية الكبيرة لكويت ما بعد النفط على مستوى الكتابة والتمثيل، فكان نبض أمته ومرآة لعصره، تمتع بروح الجماعة فرغم تميزه الواضح على خشبة المسرح إلا أنه حرص بمشاركة كوكبة من زملائه النجوم بمساحة حوارية وحضور مشابه، كذلك تمتع بأداء فني راقي فلم ينحدر إلى مستوى رغبات الجمهور، فقدم مدرسة بكوميديا الالتزام وأناقة الحضور على المسرح مستغلا الكاريزما العالية التي يتمتع بها أمام المتفرجين. وتابع : كذلك لم يصعد على حساب غيره من الممثلين بل كان يضعهم في إطار محبب بالرغم من وقوعهم في إطار تعليقاته الساخرة، فأمتع جمهور المسرح الكويتي بأدائه المميز تمثيلا وأداء غنائيا، إضافة إلى أن لهذا لفنان قدرة متوهجة في التراجيديا لا تقل عن نجوميته في الكوميديا، كذلك كان ذلك الضاحك الباكي المعتل بمرض القلب،-قبل رحيله- الفنان الذي كان يدمي قلبه كل مرة ليسعد قلوب جمهوره.