في مرة، غنى الشاعر البحريني الكبير عبد الرحمن رفيع: "البترول في بلادنا شوي بس فيها الفن والإلهام / فيها ملوك الصوت اللي قعدوا فوق عرش الأنغام / فيها محمد بن فارس صوت نابع من صوت نهَّام / فيها ضاحي بن وليد صوت موجوع كله آلام" وملوك الصوت يقصد بهم مطربو فن الصوت، مثل: محمد بن فارس وضاحي بن وليد ومحمد زويِّد في البحرين، وهناك في الكويت: عبد الله الفرج، وخالد البكر، ويوسف البكر، وعبد الله فضالة، وعبداللطيف الكويتي وصالح الكويتي، وهذا الفن، أي فن الصوت هو فن غناء القصيدة العربية بكل ما يرافقها من غناء موقَّع ومُرسَل، وعزف وضرب إيقاع وزفن أي: رقص. وحكاية فن الصوت هي من حكايات الخليج الأسطورية المتعلقة بأحد الأسماء الثقافية النهضوية في منطقة الخليج الوارثة لحضارة عميقة الجذور منفتحة الصلة والتفاعل بين شرق وغرب على مستوى قارات كبرى مثل آسيا وأفريقيا. هو عبد الله الفرج الذي توفي عام 1900مطلع القرن العشرين المولود في الهند مع أبيه التاجر العربي هناك والذي درس العربية والموسيقى، وبرع في الخط والرسم قبل الشعر والموسيقى والعزف والغناء، وراسل أحمد الشدياق وأدباء عرباً آخرين، وزار البصرة وعاد إلى الكويت حيث عاش ونمت شخصيته الثقافية التي تركت أثراً كبيراً في مجموعة من جيل ورث عنه الكثير على صعد عدة فقد عمل بعضهم معه في البحر وسافر بعض آخر، وعاش آخرون في أكاديميته: ديوانية دخينة، للشعر والموسيقى، والتاريخ، والاقتصاد والاجتماع. مرت أسماء كثيرة محمد بن سمحان، والملا يعقوب إبراهيم، وخالد البكر ثم نقل الأخير فنونه وألحانه إلى أخيه الأصغر يوسف البكر الذي استمع إلى دروس وفنون يتلقاها آنذاك من سيكونون رواد التسجيلات الأولى في الخليج العربي مثل: عبد اللطيف الكويتي وصالح وداوود الكويتي كذلك محمود عبد الرزاق وعبد الله فضالة وآخرين. ولكن ما الحكاية، حكاية فن الصوت وعبد الله الفرج؟. الحكاية تقول بأنه: "عاش عبد الله الفرج في نهاية القرن التاسع عشر وكان كويتياً ثرياً استقر في الهند ثم وقع في غرام إحدى جاراته التي كانت راقصة محترفة. ونظراً لأن محاولاته للتقرب منها لم تحظ بغير فتور الراقصة، قرَّر عبد الله الفرج أن يستعمل الحيل المختلفة ليلفت نظر جارته الحسناء إليه. ففي ذات ليلة بادر إلى شراء جميع بطاقات الدخول إلى المسرح الذي كانت محبوبته ترقص فيه، ودعا لحضور الحفلة حوالي مئة كويتي من البحارة الراسية سفنهم في الهند أثناء سفرة تجارية. وعندما حانت لحظة ظهور الراقصة على المسرح قام جميع البحارة بإشارة من عبد الله الفرج وغادروا القاعة تاركين الفنانة وحيدة بلا مشاهدين. .. بيد أن عبد الله الفرج لم يكتف بذلك، لكن عندما عادت الراقصة الهندية الحسناء إلى منزلها وجدته تحت نافذتها وبيده عود يعزف عليه مغنياً ويصحبه البحارة بالعزف على آلات دق صغيرة (هي المراويس) أو الكفوف. ويقال إن تلك كانت أول أغنيات الصوت الحديث.. فغضبت الراقصة من إلحاح الرجل وذهبت إليه لتأمره بالكف عن الاستمرار في لعبته، لكنه لم يستمع إليها، إذ إن عبد الله الفرج كان قد بلغ ذروة طربه، ولم يكف عن الغناء إلا عندما بلغت محبوبته، هي الأخرى، مستوى الطرب فتأثرت بسحر غنائه وأدائه". حكاية العرب أينما كانوا وسعوا الحضارة في ترحالهم وغنوا للآخرين ورقصت شعوب مبتهجة بغنائهم وفنونهم.. هل يذكر العرب أساطيرهم، أساطير الحب والفن والجمال؟.