نشرت الولاياتالمتحدة 17 وثيقة من بين أكثر من ستة آلاف تم العثور عليها في منزل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أبت آباد بباكستان أثناء العملية التي قتل فيها يوم 2 مايو/أيار 2011. وتظهر إحدى الوثائق أن بن لادن كان يخطط لشن هجوم كبير في الولاياتالمتحدة. وتكشف الوثائق رسائل داخلية ضمن تنظيم القاعدة بما يشمل رسائل كتبها بن لادن وقادة تابعون للشبكة في اليمن، وإسلاميون في الصومال وباكستان، مع توجيه مجموعات تابعة للتنظيم إلى الابتعاد عن استخدام اسمه لئلا يستقطبوا كثيراً من الأعداء. وتظهر إحدى الرسائل أن بن لادن كان يخطط لاستهداف طائرات تحمل الجنرال ديفد بتريوس وحتى الرئيس الأميركي باراك أوباما، ويرى أن اغتيال أوباما سيفتح الطريق أمام نائبه غير المهيأ جوزيف بايدن لتولي منصب الرئاسة، وبالتالي إدخال الولاياتالمتحدة في أزمة. وبشأن العلاقة مع إيران تتحدث الرسائل أنه بعد الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001، فر بعض زعماء القاعدة وأسرهم إلى إيران حيث وضعتهم السلطات هناك قيد الإقامة الجبرية. وفي السنوات اللاحقة أفرجت طهران عن بعض القياديين في القاعدة ومن بينهم أفراد من أسرة بن لادن، وأبقت على آخرين. وبحسب الرسائل، شكا عطية عبد الرحمن الذي أصبح الرجل الثاني في القاعدة بعد مقتل بن لادن بمرارة من تعامله مع الإيرانيين وما سماها أساليبهم البيزنطية في التفاوض. وقد قتل عبد الرحمن لاحقا في غارة أميركية. وكتب بن لادن نفسه أن السيطرة على الأطفال هي أحد مفاتيح الاختباء في المدن، كما فعل هو لسنوات بينما كانت الولاياتالمتحدة تبحث عنه على الحدود الباكستانية. وشجع بن لادن أتباعه على تعليم أطفالهم اللغة المحلية وعدم السماح لهم بالخروج من منازلهم إلا في حالات الضرورة القصوى، مثل العلاج الطبي. كما حذر بن لادن -بحسب الرسائل- أمير تنظيم القاعدة في اليمن ناصر الوحيشي من محاولة السيطرة على هذا البلد لإقامة دولة إسلامية، ونصحه بتركيز جهوده على مهاجمة الولاياتالمتحدة. وبدا أن بن لادن لم يكن مهتما في الاعتراف بحركة الشباب المجاهدين الصومالية عندما عبرت الجماعة عن ولائها له بسبب اعتقاده بأن أداء قادتها كان سيئا في المناطق التي سيطروا عليها وأنهم كانوا متشددين جدا في تطبيق الشريعة الإسلامية، مثل قطع أيدي اللصوص. وبحسب أسوشيتد برس فإن بعض الوثائق تصف القاعدة بأنه تنظيم منقسم يبدي زعيمه القلق حيال فعاليته والمستقبل، والثقة المتضائلة بالتنظيم من المسلمين الذين يسعى لتعبئتهم ضد حكوماتهم وضد الغرب. وقال بن لادن في إحدى رسائله عام 2010 إنه يخطط لإصدار بيان يعلن فيه بدء مرحلة جديدة لتصحيح الأخطاء التي ارتكبها التنظيم، ويؤكد أنه يسعى من وراء ذلك لاستعادة ثقة نسبة كبيرة ممن فقدوا ثقتهم بمن وصفهم بالجهاديين. وفي إحدى هذه الرسائل التي يعود تاريخها إلى مايو/أيار 2010، يبدي بن لادن قلقه حيال سقوط الضحايا المدنيين دون جدوى في صفوف السكان المسلمين والذي تسببه الهجمات التي تنفذها مختلف فروع القاعدة. وكتب بن لادن يقول "نطلب من كل أمير في المناطق أن يولي اهتماما كبيرا لمراقبة العمل العسكري"، و"يلغي هجمات أخرى بسبب احتمال سقوط ضحايا مدنيين دون جدوى". وفي رسالة أخرى لا تحمل توقيعا ولا تاريخا، يتساءل الكاتب عن فرصة للقاعدة لتغيير اسمها لأنه لا يحمل مدلولا إسلاميا. وكتب واضع هذه الرسالة أن "هذا الاسم لا يدع المسلمين يعرفون أنه يعنينا، ويسمح للعدو بالادعاء خطأ أنه ليس في حرب مع الإسلام والمسلمين وإنما في حرب ضد تنظيم القاعدة". ويقترح الكاتب عددا من الأسماء البديلة من بينها حزب توحيد الأمة الإسلامية أو مجموعة تحرير الأقصى. وتعود الرسائل التي كتبها بن لادن أو تسلمها ونشرت في صيغتها الأصلية وترجمت إلى الإنجليزية على موقع "مركز مكافحة الإرهاب" التابع للأكاديمية العسكرية في وست بوينت، إلى الفترة بين سبتمبر/أيلول 2006 وأبريل/نيسان 2011. وقد عثر على الوثائق في خمسة حواسيب وعشرات الأقراص الصلبة وأكثر من 100 جهاز تخزين، صودرت من منزل بن لادن بعد مقتله. وقد سمح البيت الأبيض بنشر هذه الوثائق التي رفعت عنها السرية. ولم يشر مايكل برمنغهام المتحدث باسم مكتب مدير الاستخبارات الوطنية إلى نسبة المواد التي ستنشر، لكنه أشار إلى أن بعض الوثائق ستبقى سرية لأسباب أمنية وعملياتية. ويأتي الكشف عن هذه الرسائل بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمقتل بن لادن الذي يعتبر نجاحا للرئيس الأميركي باراك أوباما الذي لا يدع فرصة تمر دون التذكير به في حملة إعادة انتخابه لولاية ثانية. 5