هكذا يتم حسم المعركة =============== نشرت المواقع الحوثية يوم أمس خبرا يفيد بأن طائرات سعودية قد ألقت آلاف المنشورات على المناطق الشمالية من اليمن تحتوي على مثل هذه العبارة الرائعة : ( أخي ابن اليمن إن قيادة وشعب المملكة لا تريد بكم الأذى وغايتها أن تعيشوا بسلام ولسنا أعدائكم !! ) ورغم أن قادة الحوثيين قد سخروا من هذه البادرة , وقللوا من أهمية هذا المنشورات , وانتقدوا محتواها – إلا انه يبدو واضحا بأنها قد أصابتهم في مقتل , يشهد على ذلك حدتهم المفاجئة التي لم يستطيعوا إخفاءها , وارتباكهم الظاهر الذي يدل بأنهم قد شعروا بقرب نهايتهم , وان وسائل الحرب قد أخذت منعطفا جديدا ليس في صالحهم البتة . فقد استغلوا انغلاق بعض المناطق التي يتحصنون فيها وانعزال أهلها عن العالم وجهلهم , فأخذوا يشحنونهم بمختلف السبل , وينشرون الإشاعات والأكاذيب بين صفوفهم مستغلين عدم وجود أي طرف آخر يخالفهم أو ينقل الحقيقة كما هي وكأن هؤلاء القوم داخل سجن كبير , أما الآن فقد تم اختراق سجنهم الحصين من حيث لا يحتسبون , وبات الأطفال ينتشرون في كل مكان هناك يجمعون هذه المنشورات ليطلعوا أهاليهم على ما تحتوي هذه الأوراق الملونة من عبارات تفضح سادتهم , ورسائل ود ومحبة تخالف ما لقنوا إياه من قبل سادتهم , وتبين حقائق دامغة كانوا يجهلونها . ان هذه البادرة الذكية – في الحقيقة - قد أثلجت صدري , وكنت أنتظر من الجهات العسكرية القيام بها وبمثلها منذ أول يوم من الحرب , لإدراكي التام بأن وقعها أشد فتكا على العدو من القذائف والصواريخ , وسوف تعجل بقطع دابر الحوثيين أقصر مما يتوقع الكثير , وتحفز القبائل المندسين فيها على طردهم من أراضيها وملاحقة فلولهم كما تُطرد الكلاب الضالة , ويلاحقونهم في كل جحر من جحورهم كما تلاحق الفئران . إذا ما استغلت هذه المنشورات الاستغلال الأمثل وكانت الرسائل فيها أكثر تركيزا وتأثيرا .. وذلك لعدة أسباب من بينها : 1- إن مثل هذه الحرب لا يمكن حسمها بالقوة فقط , وخاصة بأن العدو يكرر اعتدائه علينا من خارج الحدود , ولذا فلابد من أن يترافق مع المجهود العسكري مجهود سياسي وتكتيكي يتلائم مع طبيعة هذا الصراع , وبالطبع فما هذه المنشورات التي ألقيت على المناطق الحدودية إلا واحدة منها . 2- إن الحوثيين يستندون على ثقل عدد من القبائل اليمنية القوية في شمال اليمن , والتي استطاعوا استمالتها كليا أو جزئيا مستغلين عداء وخلافات قديمة ومعقدة بينها وبين الحكومة اليمنية , والتي تمثل للحوثيين غطاء وملاذ آمن عند اشتداد الأمور , ومعين لا ينضب من المقاتلين , وكأنها حبل سري يبقى على حياة هذا الجنين الخبيث , وحتى يتم قصم ظهر هذا التنظيم فلابد أولا من تحييد هذه القبائل أو فصلها عن سيطرة هذه الجماعة , وقطع الحبل السري الذي يغذيها . 3- هناك قبائل عدة خلف الحدود مازالت تقاوم بشراسة وشجاعة للمد الحوثي ومن يقف معهم , وقد ضاقت بها الأرض بما رحبت , وأصبحت بين حجري رحى تطحنها من جانبين , ولم تعد تدري أهي تعتبر عدوة أم صديقة , وهل هي مستهدفة أم غير مستهدفة بين هذا الغبار الذي يحجب الرؤية الواضحة . ومثل هذه الرسائل تطمنها وترفع من معنوياتها , وتعطيها نفس طويل لمواصلة المقاومة حتى وان حدثت بعض الأخطاء غير المقصودة من خلال القصف الجوي وتحديد الأهداف بدقة . 4- من الواضح جدا بأن الطيران السعودي لا يستهدف في قصفه إلا مواقع معادية تم تحديدها بدقة عالية , وبعيدة عن التجمعات السكانية والمدنية ولا يمكن بأي حال من الأحوال استهداف الأبرياء أو التدمير لغرض التدمير أو تعمد الإضرار بالبنية التحتية لتلك المناطق , و لكن هل الطيران اليمني له نفس الإمكانات أو يفعل نفس الشيء ؟!! فليس من السهل أن يعيش المرء بين دوي القنابل وانفجارات القذائف والصواريخ التي تهز الأرض أو تصم الآذان من مسافات بعيدة فكيف بمن تسقط عن يمينه وشماله , أو تفقده اعز من يحب .. إن مثل هذا يولد الحقد والكره ويثير الناس للثأر والانتقام , وتسبب جروح غائرة في القلوب لا تندمل مع مرور السنين , ونحن لا نريد أن يخلق لنا ( الآخرون ) عدوا ( جديدا ) لا ذنب لنا في عداوته . أتمنى من الجهات الرسمية والعسكرية أن تستمر في هذا الاتجاه , وأن تكثف من مجهودها التكتيكي على الأقل بهذه المنشورات ذات التأثير السحري في نفوس الناس , ويا حبذا لو كان من ضمن تلك المنشورات بعض الفتاوى أو التصريحات البارزة لبعض القيادات الهاشمية والمرجعيات الزيدية التي تعارض توجه الحوثيين وتفضح فكرهم , وأن يشمل إلقاءها حتى على المقاتلين الحوثيين في جحورهم على جبهات القتال , فمعظم هؤلاء صبيان غُرِر بهم وخُدعوا , وهم في الأساس من قبائل عربية عريقة , ولن يرجعوا لجادة الصواب إلا بالكلمة الأكثر تأثيرا وحكمة , والتي تثير حميتهم وتحيي شهامتهم ورجولتهم للوقوف في وجه من استعبدهم وأذلهم ويرمي بهم كل يوم في منحدرات المهالك بينما هو نائم في فراشه لا يجيد إلا تنسيق وإصدار التصريحات .