الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد فإن المسلم الحقيقي يكون وفيا -أعظم ما يكون الوفاء- لوطنه، محبا -أشد ما يكون الحب- له، مستعدا للتضحية دائما في سبيله بنفسه ونفيسه، ورخيصة وغالية، فحبه لوطنه حب خالص أصيل، حب طبيعي مفطور عليه، حب أجل وأسمى من أن ترتقي إليه شبهة أو شك، حب تدعو إليه الفطرة، وترحب به العقيدة وتؤيده السنة، وتجمع عليه خيار الأمة. فيا له من حب. فلا تعارض بين الولاء للعقيدة والولاء للوطن ، ولا تناقض بين أن نعتز بأننا مسلمون، وبين أن نقدس الوطن الذي نعيش فيه ،فالعقيدة والدين فوق كل مقارنة ، فإذا كان حب الوطن نابع من عقيدة سليمة تصبح التضحية بالدم والمال والأهل واجباً شرعياً علينا ، فحياتنا لا قيمة لها بدون وطن ، هذا الوطن الذي خدم الإسلام والمسلمين في شتى بقاع الأرض ، وكرم الإنسان الذي يعيش فيه وأمّنه على حقوقه، وماله وعرضه ، حتى أصبحت كرامة الإنسان وحقوقه هي كرامة و حقوق وطنه، وأن آماله هي آمال وطنه ومن نعق بذلك التعارض فإنما هو من بين كثير من الاتهامات التي توجه إلى الإسلام والإسلام منها براء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب؟ وقد أثار هذا الاتهام الباطل عجب الكاتب الكبير زين العابدين الركابي، وجعله ينبري لكشف حقيقته وتفنيده، فيقول متسائلا متعجباً مغضبا:لا ندري من هو أول من افتعل (التناقض) بين الدين والوطنية، فصور للناس وأضلهم بمقولة: إن المتدين غير وطني، وإن الوطني لايكترث بالدين... من هو الجاهل الشقي الذي أطلق هذا الوهم ونشره وأصّله؟!\". لقد ثبت حب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لوطنه مكةالمكرمة، فقد صعب عليه خروجه منها، وكان يحن إليها وهو في المدينةالمنورة، فقد ذكرت كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار -في هجرته- بظاهر مكة التفت إلى مكة وقال- بلهجة حزينة مليئة أسفا وحنينا وحسرة وشوقا- مخاطبا إياها: \"والله إني لأخرج منك، وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله، وأكرمها على الله، وإنك لأحب أرض الله إليّ، ولولا أنّ أهلك أخرجوني منك قهراً ما خرجت من بلادي\". بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام ولقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف مكة من \"أصيل\" فجرى دمعه حنينا إليها، وقال: \"يا أصيل دع القلوب تقر\" أرأيت كيف عبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن حبه وهيامه وحنينه إلى وطنه بقوله: \"يا أصيل دع القلوب تقر\"، فإن ذكر بلده الحبيب -الذي ولد فيه، ونشأ تحت سمائه وفوق أرضه، وبلغ أشده وأكرم بالنبوة في رحابه -أمامه يثير لواعج شوقه، إن التنشئة الدينية التي درجت عليها سياسة هذه البلاد ساهمت بدور كبير في تعزيز وغرس مفهوم الوطنية الصحيح في قلوب أبنائه من بداية حياتهم، ويعتبر ذلك سببا رئيسيا في نجاح عملية التنشئة الوطنية لأبناء هذا الوطن؛ فحب بلادنا خاصةً دين قبل أن يكون غريزةً؛ لأنه بلد يحتضن البقاع المقدسة (الحرمين الشريفين) وبلد يحكم فيه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.هذا هو ديننا و تلك هي مفاهيمنا .. نعم! إن المسلم الحقيقي يكون وفيا -أعظم ما يكون الوفاء- لوطنه، محبا أشد مايكون الحب له مستعدا دائما بالتضحية في سبيله بالنفس والنفيس والذود عن حدوده وممتلكاته وثرواته ، والمحافظة على مكتسباته قولا وعملاً ، وعدم إتاحة الفرصة للحاسدين والحاقدين والباغين للنيل منه مهما كلفنا الثمن .. ولقد قرأنا وسمعنا ما جاء في حديث رئيس هيئة كبار العلماء السعودية أن الحوثيين أضافوا خطأ إلى أخطائهم الكثيرة بمحاولة فرض عقيدتهم الفاسدة داعيا البلدان الإسلامية إلى عدم الرضى بالأفكار الفاسدة البعيدة عن الشريعة الإسلامية وأثنى المفتي العام للمملكة على أداء رجال الأمن مثمنا جهودهم في الحفاظ على ثغر من ثغور الإسلام وهم على خير وأجر عظيم في الدفاعن الوطن وممتلكات فدفاعنا عن وطننا وعن ممتلكاته هو واجب محض يمليه علينا ديننا وعقيدتنا السمحاء ننشد الحياة السعيدة على ترابه الطاهر في ظل عهد مليكنا المفدى وولي عهده الأمين والنائب الثاني يحفظهم الله ، ومن قضى نحبه منا أو من جنودنا فهنيئاً له الشهادة في سبيل الله نسأل الله لجنودنا البواسل السلامة ولوطننا الأمن والسلام أبو القاسم جابر حريصي المنسق العام لمخيم الادارة العامة بمركز الإيواء