رعى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، اليوم حفل تدشين "رؤية العلا" للإعلان عن خطتها الرامية إلى تطوير العلا بطريقة مسؤولة لتحويلها إلى وجهة عالمية للتراث، مع الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي في المنطقة بالتعاون مع المجتمع المحلي وفريق من الخبراء العالميين، وذلك بحضور أصحاب السمو الملكي الأمراء، ومعالي وزير الثقافة الفرنسية فرانك رييستر، وأصحاب المعالي الوزراء، إلى جانب نخبة من كبار المسؤولين والمستثمرين المحليين والدوليين، بالإضافة إلى شخصيات فنية وثقافية عالمية، وخبراء عالميين في التراث والطبيعة. وفي مستهل الحفل الذي أقيم بهذه المناسبة ألقى صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة ومحافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا كلمة أوضح فيها أن العلا تقدم للمستكشفين من جميع أنحاء العالم وجهة فريدة، من خلال ماضيها الذي يمثل تاريخاً حقيقياً للتبادل الثقافي والتجاري بين الحضارات المختلفة، داعيًا سموه علماء الآثار والمفكرين من جميع أنحاء العالم للمشاركة في استكشاف تاريخ الإنسانية في العلا، خاصة مع الدعم والاهتمام التي تحظى به منطقة العلا من سمو ولي العهد – حفظه الله – لتحويلها إلى وجهة عالمية للتراث، وهو ما يمثل أحد أهداف رؤية المملكة 2030". وبين سموه أن محافظة العلا تحتضن مناظر خلابة للصحراء وتشكيلات صخرية متميزة ومجموعة من المواقع الأثرية البارزة في المنطقة مثل المواقع الخاصة بالحضارتين اللحيانية والنبطية خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، وتُعدُّ العلا من عجائب العالم العربي القديم وتقع ضمن حدودها "الحجر" أول موقع في المملكة العربية السعودية يتم إدراجه ضمن قائمة منظمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، الذي يعد العاصمة الجنوبية لمملكة الأنباط، مشيراً سموه إلى أن الهيئة الملكية لمحافظة العلا تعمل على مشروعات مستقبلية لتطوير مراكز للزوار في المواقع الرئيسية الثلاثة : الحجر، وجبل عكمة، ودادان وتهيأتها لاستقبال الزوار من أنحاء العالم. وأكد الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان أن "رؤية العلا" تسعى إلى إحداث تحولات مسؤولة ومؤثرة في المحافظة، وذلك من خلال العمل المتوازن بين حفظ وصون التراث الطبيعي والثقافي الغني، والمشروعات الطموحة للمملكة العربية السعودية لتهيئة المنطقة للترحيب بالزوار من جميع أنحاء العالم. بدوره قال الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا المهندس عمرو المدني: "إن تدشين رؤية العلا يعدّ خطوة طموحة نحو حماية التراث الطبيعي للمنطقة ومشاركة تاريخها الثقافي الثري مع العالم أجمع، وبالنسبة للسيّاح، فإن زيارة العلا تعدّ رحلة عبر الزمن؛ فلكل صخرة فيها قصة تحكى، ونحن نسعى للكشف عن مكامن الجمال في هذا المكان وتقديمه كهدية للعالم أجمع، مشيراً إلى أن الهيئة الملكية لمحافظة العلا تعمل على تطوير المنطقة بعمل شراكات قوية مع خبراء ومختصين عالميين، وإحدى هذه الشراكات مع الوكالة الفرنسية لتطوير العلا ( AFALULA ) . من جانبه أكد الرئيس التنفيذي للوكالة الفرنسية لتطوير العلا جيرارد ميستراليت، أن تدشين الرؤية لهذه الوجهة الاستثنائية يبعث على الإلهام، ونحن نتطلع إلى مواصلة تعزيز شراكتنا مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا لإنشاء وجهة عالمية للزوار من مختلف أنحاء العالم". وتضمن الاحتفال إطلاق الهيئة لمحمية شرعان الطبيعية، حيث تسهم المحمية بحماية المناطق ذات القيمة البيئية الاستثنائية، وستعمل على استعادة التوازن الطبيعي في المنطقة بين الكائنات الحية والبيئة الصحراوية، بالإضافة إلى ذلك، تهدف المحمية إلى الحفاظ على النباتات الطبيعية والحيوانات وغيرها من الأنواع المهددة ذات القيمة العالمية البارزة، سعياً إلى إعادة توطينها وإكثارها. كما أُطلقت في المحمية أنواع حيوانية مهددة بالانقراض، بما في ذلك الوعول وطيور النعام أحمر الرقبة والغزلان. وكجزء من مبادرة المحمية، أعلنت الهيئة الملكية عن سعيها لإنشاء الصندوق العالمي لحماية النمر العربي، وهو أكبر صندوق في العالم لحماية هذا النوع من القطط الكبيرة المهددة بالانقراض والذي يستوطن جبال المنطقة. كما تضمن الاحتفال عرض عن منتجع شرعان وهو منتجع منحوت في الجبال يضم عدداً من الأجنحة الفندقية، وموقعاً يضم مساحات مبتكرة ومجهزة بأحدث الوسائل والخدمات التقنية لعقد لقاءات قمة وقياديي الأعمال والرؤساء التنفيذيين وغيرهم، حيث سيتم تجهيزه بأحدث الوسائل والخدمات التقنية ليستقبل ويستضيف لقاءات واجتماعات قمة على مستوى المنطقة والعالم، وقد ُصمم بشكل مبتكر بالتعاون مع المعماري الفرنسي الشهير جون نوفيل. وينبثق منتجع شرعان من جبال العلا الشامخة، وسيحمل إرث الحضارة النبطية في ضيافة الطبيعة الخلابة ويمزج المنتجع بين الضيافة والحفاوة العربية، مما سيعزز من موقع العلا كمقصد عالمي يوفر تجربة فريدة للزوار والمستكشفين من كافة أنحاء العالم، وذلك كله بمشاركة المجتمع المحلي. وتعمل الهيئة الملكية على إشراك المجتمع المحلي بشكل مكثّف ليكون لهم دور بارز وفعال في هذه المشروعات من خلال برنامج "حماية"، الذي يُتيح الفرصة لِ 2,500 من أهالي العلا ليكونوا حماة للتراث الطبيعي والإنساني في العلا. كما أطلقت الهيئة الملكية المرحلة الثانية من برنامج الابتعاث الدولي، الذي يُوفّر لأبناء وبنات العلا فرصة الدراسة في الولاياتالمتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا في مجالات مختلفة تتعلّق بخطط التنمية الخاصة بالعلا، مما سيسهم بشكل كبير وفعال في دعم هذه المشروعات وإعطائها طابعاً محلياً بمعايير عالمية من خلال أيدي أبنائها، وهو الأمر الذي يمثل أحد أبرز مرتكزات هذه الرؤية الطموحة. ومع انطلاق هذه المبادرات، تواصل الهيئة الملكية في العلا التزامها بأعلى معايير التميّز وأفضل الممارسات العالمية، والعمل مع شركائها من الجامعات والمؤسّسات المتخصصة في جميع أنحاء العالم وفي كافة المجالات ذات الصلة، كما تستمر الهيئة في دعم برنامج المسح الأثري والتراثي لمحافظة العلا بهدف حماية وتطوير المواقع التراثية والتاريخية للمحافظة تحقيقاً للتحول المستدام، ولتمكين الزوار المحليين والدوليين من التعرف على ثراء إرثها الثقافي والتاريخي والطبيعي، وعلى الحضارات العربية والقيم المحلية، وسيشكل هذا العمل نواة لتبادل المعرفة وأفضل الممارسات والبحث في مجالات علم الآثار والتراث وحفظ وصيانة الآثار.