وظل ربط الريال عند معدل 3.75 مقابل الدولار سارياً منذ عام 1986، وتتعدد الأسباب ومنها الاقتصادية والمالية فالأولى تتمثل في انخفاض درجة تنوع وعمق الاقتصاد الوطني مما يجعله أكثر عرضة للتأثر بأي صدمات خارجية، وهذا وضع يتطلب استقرار سعر الصرف حتى يسهل التعامل مع المتغيرات الاقتصادية، أم الثانية فتتخلص في أن الدولار هو عملة تسعير النفط محلياً وعالميا. وفي وقت سابق قال محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر إن أسباب احتفاظ المملكة بالدولار كعملة ربط اقتصادية بحتة، على رأسها أنه لا يزال عملة التدخل الرئيسة في أسواق العالم وان 60% من احتياطي العالم مقوم به. وأوضح الدكتور سعود المطير أستاذ الاقتصاد في جامعة الإمام أنه لاشك توجد إيجابيات وسلبيات لربط الريال بالدولار وتعد أبرز الإيجابيات أن الدولار هو العملة التسعير الأولى للسلع الأساسية في العالم وفي مقدمتها الذهب والنفط، ومن ثم الارتباط بالدولار يجعل من السهل تحديد قيمة تلك السلع بالريال. ورغم ذلك فإن خبراء اقتصاديين قالوا إن خيار ربط الريال بالدولار يجب أن يخضع لمراجعة دورية في ظل تغير أسباب الربط خاصة ما فقد الدولار لما بين 35 إلى 40 % من قيمته خلال فترة الأزمة المالية العالمية. ورأى الدكتور المطير أن هذا الانخفاض في قيمة الدولار أدى إلى ضعف قوته الشرائية وهو الذي انعكس بشكل مباشر على الريال وهذا أشبه بالضريبة الصامتة المفروضة وبالتالي انخفض دخل المواطن أو بشكل أصح تدنت قدرته التسوقية. وراوح معدل التضخم في السعودية بين عامي 1986 و2006 عند مستوى 0.5 بالمائة في المتوسط، وحسب تقارير صندوق النقد الدولي ظل سعر الصرف الفعلي للريال مستقراً نسبياً باستثناء الفترات التي وهنت فيها قوة الدولار. وأشارت بيانات مركز الإحصاءات العامة والمعلومات في السعودية إلى تراجع معدلات التضخم في المملكة إلى نحو 5% خلال العام الماضي مقارنة بمستويات التضخم التي لامست 10% خلال 2008. وحول نصيب ربط الريال بالدولار من هذا التضخم قال الدكتور المطير إن عملية الربط تتحمل الجزء المعروف اقتصاديا بالتضخم المستورد فقط وليس مسئولا بشكل كامل عن كل النسبة، وتأتي مجموعة الأغذية على رأس مصادر التضخم، حيث أن أسعارها ارتفعت عالمياً ومحلياً، ولكن لا علاقة لذلك بسعر الصرف. والمدافعون عن ربط الريال بالدولار يؤكدون أنه يدعم القدرة التنافسية للسلع السعودية، من جانبه أشار الدكتور المطير أن هذا الأمر يعتمد على نوعية السلع فبالنسبة لقطاع البتر وكيماويات التي تستحوذ المملكة على نحو 10% من الإنتاج العالمي فإنه يفضل بالطبع أن يكون الارتباط موجود على أساس أن الدولار هو عملة التسعير الأساسية لتلك السلع ولكن قد لا يكون ذلك مجديا في قطاعات أخرى. يأتي هذا فيما يرى البعض أن ربط الريال بالدولار وعدم رفع قيمته يعطي الصادرات غير البترولية للمملكة ميزة تنافسية في الأسواق العالمية، وقد يؤدي رفع قيمة الريال إلى تراجع القدرة التنافسية لهذه الصادرات، ومن ثم تراجع حصيلتها. وحول تأثير عملية ارتباط الريال بالدولار على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة أكد الدكتور المطير أن الأمر يعتمد أيضا على نوعية المستثمر فإذا كان المستثمر أمريكيا فإن الارتباط أفضل، وإذا كان أوروبيا فالأمر مختلف. وعلى الرغم من اعتراف الدكتور المطير بأن الدولار مازال خط دفاع اقتصادي خاصة في ظل التقلبات التي يشهدها اليورو حاليا إلا أنه أكد أن الارتباط بالدولار لا يعطي المملكة سياسة مالية مستقلة، ويجعلها دائما عرضة لتقلبات الاقتصاد الأمريكي وسعر صرف الدولار مقابل العملات الأجنبية. وأوضح أنه على الرغم من التحسن الملحوظ على الدولار إلا أن المشكلة الحقيقة لا تزال تكمن في الاقتصاد الأمريكي بشكل عام والذي يمكن أن تشكل انتكاسة قادمة للدولار وخاصة أن حجم الدين العام في الولاياتالمتحدة بلغ 11 تريليون دولار، إضافة إلى العجز المتراكم للاقتصاد الأمريكي. وقال الدكتور المطير إن الحل قد يكون في ربط الريال بسلة عمولات لحمايته في تقلبات العملة الواحدة وحذر من بعض الآراء التي تطالب بتعويم الريال مشيرا إلى هذه الخطوة تقدم عليها الدول ذات الاقتصاد المتنوع فقط وهو ما لا ينطبق على الاقتصاد السعودي حاليا. وتحديد نظام الصرف المناسب لكل دولة يعتمد على العديد من المعطيات الاقتصادية لتلك الدولة، والتي يبدو أنها تصب حتى الآن في السعودية باتجاه ربط الريال بالدولار وفقا للمؤشرات التي تخرج من وقت إلى أخر على المشهد الاقتصادي من مؤسسة النقد.