من المعروف أن مصطلح «لزبين» يطلق على السحاقيات، والمصطلح يشير إلى المرأة التي تمارس الحب الحرام(اشتهاء المماثل)، وانتشرت هذه الظاهرة الغريبة على مجتمعنا بصورة مقلقة في السنوات الأخيرة داخل مدارس البنات بمراحلها الثلاث والكليات والجامعات، وتحكي الطالبات العديد من قصص الغرام بين فتاة وأخرى، وأحياناً بين طالبة ومعلمتها. وأرجع العديد من المختصين تفشي هذه الظاهرة الخطيرة إلى القنوات الفضائية والأفلام الهابطة، وأجهزة الاتصالات الحديثة، ومقاطع البلوتوث، والانفتاح الاجتماعي، مشيرين إلى أن سهولة التواصل بين الفتيات داخل مجتمعاتهن المغلقة دون رقابة، والحياء الاجتماعي وامتناع المجتمع عن مناقشتها، للحد منها ووضع الحلول المناسبة لها، من الأسباب التي ساهمت في انتشارها. تجارب مريرة كشفت طالبة جامعية عن تجاربها المريرة قبل التوبة حسب تعبيرها وسردت العديد من القصص الواقعية التي حدثت في إحدى الجامعات، قبل أن تحكي لنا هذه القصة التي حدثت العام الماضي في كليتها، وانتشرت روايتها بين جميع الطالبات، حيث قالت «تعرضت إحدى الفتيات لتحرش من بعض طالبات الكلية، بعد أن حدث تسابق من الطالبات للاستحواذ عليها فقاموا بإرسال رسائل غرامية لها، ولما وجدوا الرفض التام منها وتهديدها المستمر لهن بأنها ستبلغ إدارة الكلية توعدنها بالانتقام وقمن بضربها في دورة المياه حتى أغمي عليها». تهديد بالتشهير وتقول آمنة «أدرس في المرحلة الثانوية وكانت لي صديقة مقربة جدا على نفسي وتطورت العلاقة بيننا لتتجاوز حدود العلاقة العادية إلى أكبر من ذلك حتى وصلت إلى درجة العشق، لدرجة أنني أصبحت لا أستطيع الاستغناء عنها، ومع الأيام اكتشفت أنها تريد تدميري بطريقة أو بأخرى عندما علمت بتقدم شاب لخطبتي، حيث غضبت مني غضبا شديدا لأنني لَمْ آخُذ رأيها، وطلبت مني عدم القبول بالزواج وهددتني في حالة موافقتي على ذلك الشاب بأنها ستقوم بنشر رقمي والتشهير بي وأصبحت حائرة بين الموافقة وتحمل النتائج والخضوع لها خوفا على سمعتي». لحظة ندم وتضيف سالمة (طالبة في إحدى الكليات الخاصة)، قائلة «بدأت قصتي مع زميلتي في المرحلة الثانوية، وكنت لا أرى غيرها من الصديقات، وفي ذات مرة وعبر الهاتف، طلبت مني الحضور إليها، وأكدت لي في حالة عدم حضوري بأنها ستؤذي نفسها بشرب أدوية منتهية الصلاحية للخلاص من حياتها، فتأثرت بكلامها وتوجهت لزيارتها خوفا عليها، وأثناء تواجدي لم يكن أحد في البيت وصعدت معها الطابق العلوي وأخذت في البداية تتحدث لي عن إصرار والدها على زواجها من رجل يكبرها في السن وهي لا تريده ولكن والدها قام بإعطاء الرجل كلمة وسيتفق معه على كل شيء وفي أثناء حديثها قامت بإغلاق الباب وزادت صوت التلفاز، وعندما سألتها عن السبب قالت «حتى إذا قدمت زوجة أبي من الخارج لا تسمع حديثنا»، وفجأة حدث ما كنت أخشاه ولم أستطع منع نفسي ولا منعها، وصدمتي الكبرى التي كانت سبباً في هدايتي أن زميلتي التي كنت أعشقها توفيت في حادث حركة، لأُصاب بانهيار عصبي من هول الصدمة، تم تنويمي على إثره في المستشفى، وبعد تماثلي للشفاء، وتذكري لما آلت إليه صديقتي شعرت بالندم وعاهدت نفسي ألا أعود إلى ذلك مرة أخرى». طالبات الابتدائية وتقول (نجاة) أنا أم لطفلة في المرحلة الابتدائية، تفاجأت بعد رجوعي من عملي بأن ابنتي، تخبرني بأن مديرة المدرسة طلبت حضور أمهات طالبات الصف السادس للأهمية وعندما سألت ابنتي عن سبب الإصرار في الحضور قالت لي «تم ضبط طالبتين من الصف السادس في إحدى الفصول بعد خروج الطالبات وهن (عاريات) يتبادلن علاقات غير سوية»، وبعد حضوري علمت أنه تم فصل الطالبتين من المدرسة». هواجس التفكير تقول المرشدة الطلابية التي رمزت لاسمها «ي.ف» «تم ضبط طالبة أثناء الفسحة وهي تدخن داخل حمام المدرسة وعند جلوسي مع الطالبة لمعرفة سبب تصرفها أخبرتني أن السبب ما تراه بين الفتيات وانجرافها في ذلك مما جعلها أسيرة تفكيرها». وأضافت: «عند اجتماعي بالطالبات قمت بتنبيههن عما يقترفنه في حق أنفسهن وأهلهن وأنه لا بد من مراقبة الله في كل شئ، وأنا أنصح كل أم بمراقبة الله في نفسها وسلوكها أولاً باعتبار أنها قدوة ومثل أعلى لأبنائها ثم مراقبة الله في أبنائها وبناتها فهي مسؤولة مسؤولية كاملة عنهم أمام الله». تفاقم الظاهرة وأكدت مديرة إدارة التدريب والتأهيل بجمعية الشقائق الاجتماعية ابتسام الحربي تفاقم ظاهرة العلاقات المحرمة بين الفتيات، مطالبة بضرورة القضاء عليها، وقالت «إن أسباب انتشارها يعود لضعف الوازع الديني، إلى جانب عدم متابعة الأسرة لوضع الفتاة وعدم التعرف على صديقاتها، كذلك التقليد والمحاكاة لما يحيط بها من سلوكيات تحت وطأة الاحتياج والفراغ العاطفي، كما أن للتفكك الأسري له دوركبير فعندما يكون الأب والأم منفصلين ولا تجد الفتاة العاطفة عندهما، قد تجدها عند إحدي صديقاتها». الوازع الديني وطالبت الحربي بتعزيز الوازع الديني للفتيات بعقد المحاضرات والندوات داخل المدارس وخارجها وتوضيح أثر هذه الظاهرة وعقوبتها، ومعالجة الحالة النفسية لدى الفتاة وإخراجها من الضغوط التي تعانيها والتقرب لها وتفهم حالتها النفسية ومساعدتها في ذلك وتوعيتها بدورها كأم في المستقبل. وقالت «لابد من إدراج الحلول من توعية وإرشاد وتوجيه وإيضاح بأن هذا الفعل منكر ومن الكبائر التي تبعد عن رحمة الله والتوعية بضرورة اختيار الصديقة السوية، كما أنه لابد من استشعار الطالبة بأن هذه العلاقة المحرمة قد تجر وراءها مساوئ تنعكس سلباً على حياتها العلمية والعملية، بعد ذلك يأتي دور إيقاع العقوبات البسيطة بأساليب تربوية بعيدا عن العنف والشدة حتى نستطيع الحصول على نتيجة إيجابية، كما لا ننسى إشراك ولية الأمر في حل المشكلة وتوعيتها بدورها في ذلك، ونطالب الأسرة بحرصها الدائم للفتاة ومتابعتها المستمرة بما يطرأ على سلوكها وأن تتفهم الأم التغيرات النفسية والجسدية في مراحل المراهقة». مشكلة أزلية وتشير المدربة المعتمدة بالجمعية سهى النقيطي إلى أن مشكلة إعجاب الفتيات ببعضهن مشكلة أزلية منذ العصور القديمة، ولكن ازدياد ظهور هذه المشكلة في فتياتنا أكد على ضرورة دراسة هذه الظاهرة الاجتماعية بتعمق أكثر، وقالت «إن الإعجاب قد يصل إلى مراحل سيئة من الشذوذ العاطفي والأخلاقي وقد يتبين أن الإعجاب في بدايته لم يكن مقصودا وإنما كان مجرد إعجاب بلباس أو حسن خلق أوغيرهما من صور الإعجاب الطبيعي ومع الوقت يزداد إلى أن يصل إلى التعلق المحرم». تدخل عاجل وأوضحت الأستاذة المساعدة في كلية التصميمات والفنون بجامعة الملك عبدالعزيز والمستشارة في الإرشاد الأسري الدكتورة تغريد الجدعاني قائلة «إن العلاقات غير السوية بين الطالبات، أصبحت من أهم المظاهر التي يجب أن تناقشها الأسرة السعودية، والمؤسسات الاجتماعية نظرا لخطورتها علي المجتمع وتحول تلك العلاقات إلى انحرافات لها عواقب بعيدة». وتضيف: «تعد ظاهرة الإعجاب التي ترافق مرحلة المراهقة لدى الفتيات من مظاهر النمو الطبيعية، التي تندرج تحت رغبتها في تكوين علاقات اجتماعية جديدة من خلال البحث عن القدوة التي تتمثل غالبا في المعلمة أو في صديقة ذات شخصية قوية، وتعتبر هذه المظاهر طبيعية إذا تمت تحت توجيه وإرشاد من قبل أولياء الأمور والمعلمات في المدرسة بحيث تظل في حدود العلاقات الطبيعية الهادفة، ولكن ما تشهده الهيئات التعليمية من تحول للعلاقات بين الفتيات أصبح يستدعي تدخلاً عاجلاً من قبل المؤسسات التعليمية التربوية في المجتمع لدراسة هذه الظاهرة والعمل على معالجة أسبابها قبل أن تتفاقم». اضطرابات الشخصية ويحلل المستشار في العلاقات الأسرية والتربوية والتعليمية وخبير تحليل الشخصية جزاء المطيري أسباب الظاهرة، قائلاً «إن كثيرا من الفتيات يمارسن الشذوذ العاطفي في مرحلة المراهقة وذلك نتيجة اضطراب الشخصية الناتجة عن عدة عوامل منها العمر والتغيرات الطارئة على هرمونات المراهقة وانعدام الثقة إلى جانب مدى احتياج هذا العمر للدعم النفسي لتعزيز الثقة بالنفس إضافة إلى الفراغ العاطفي الناتج عن إهمال الأسرة لها ونتيجة لتلك العوامل تجد الفتاة تبحث بطريقة غير سوية عمن يحتويها ويملأ فراغها العاطفي و يشبع احتياجاتها». وأضاف المطيري «هناك سبب آخر يجعل بعض الفتيات يمارسن الشذوذ العاطفي وهو عدم وجود توجيه صحيح من قبل الوالدين للفتاة في سن المراهقة مما يؤدي بالمراهقة بعد مشاهداتها لما يبث من مسلسلات وأفلام إلى استشارة رفيقاتها وأخذ معلومات مغلوطة من رفيقاتها قد تؤثر عليها في مستقبل حياتها». علاج بيني وعن العلاج يقول المطيري «يجب على الأسرة والمجتمع البحث عن السبب الحقيقي لرغبة الفتاة لممارسة هذا الشذوذ فقد يكون السبب الحقيقي نفسياً فحينها تحتاج الفتاة للمساعدة من مرشد نفسي إلى جانب إرشادها إلى الأضرار الصحية لتلك الممارسات، وتحذيرها من أخطار الانحراف الجنسي بأسباب علمية، وعلاجها عن طريق العلاج البيني وتحسين العلاقة الاجتماعية، وتشجيع الميول والهوايات، والتربية الدينية، والخلقية، والجنسية، والعلاج السلوكي». آلية حديثة واعتبرت رئيسة جمعية حماية الأسرة في جدة سمية الغامدي أن العلاقات المثلية نابعة من اضطرابات الشخصية، مبينة عواقبها الكبيرة وقالت «لابد من التعامل مع هذه الحالات بآلية حديثة ومختلفة، فسكوت الأهل أو مهاجمتهم للبنات خصوصاً المراهقات ليس حلاً وإذا كانت الأم تفتقد الإمكانية في مواجهة ابنتها لابد من التوجه لاختصاصية نفسية ولابد من توعية الأهل للبنات لأن المراهقات يستجبن فوراً لأن سلوكهن الخاطىء نابع من عدم ثقافتهن بالفرق بين البنت والولد وإلى أين توجه عواطفها بالضبط». وأضافت «لابد أن تلاحظ الأم علاقة بناتها بصديقاتهن وعدم سماحها لهن بالمبيت عند صديقاتهن، كما نطالب المدارس بتكثيف التوعية، وعدم وضعها في خانة العيب بحيث لا يتم التحدث عنها، وبذلك نتستر على مشكلة لها عواقب وخيمة على المجتمع بأكمله ولابد من وجود اختصاصية نفسية ودينية داخل المدارس للتعامل مع هذه الحالات الشاذة». الأفلام الهابطة أكد المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن بن ناصر العبيكان أن الشرع يحرم العلاقة الجنسية بين النساء وقد اتفق الفقهاء على تحريم السحاق، مبيناً أن الأسباب التي تدعو إلى مثل هذا الفعل هي ضعف الوازع الديني، ونقص التربية والتوجيه من الأسرة، وعزوف الشباب عن الزواج، ومشاهدة الأفلام الهابطة في القنوات الفضائية، والفيديو، والإنترنت. وعن علاج هذه الظاهرة يقول العبيكان «إن علاجها يكون بالتوجيه من قبل الوالدين ومن الأسرة التعليمية، وعبر وسائل الإعلام، والحرص من المسؤولين في التربية والتعليم، والإشراف والمراقبة الشديدة على الطالبات». مشيرا إلى أن المشرفة التربوية لها دور كبير في معالجة مثل هذه الأمور بين الطالبات لأنها الأقرب لهن. ثقافة عاطفية وقال استشاري الطب النفسي واختصاصي الصحة النفسية لدى الأطفال والمراهقين الدكتور سعد عمر الخطيب «إن المجتمع السعودي المحافظ تعرض لعدد من العوامل والضغوط التي ساهمت في انتشار بعض الظواهر الغريبة ومن ضمن هذه الظواهر العلاقات الشاذة بين الفتيات ويمكن تلخيص أهم الأسباب التي ساعدت على انتشارها في ضعف أو عدم وجود ثقافة عاطفية سليمة وسوية في المجتمع تخضع للأسس الشرعية والعلمية، فالثقافة العاطفية تكتسب من مصادر غير مناسبة مثل أصدقاء السوء والفضائيات الإباحية، كذلك وجود الفضائيات ومواقع الإنترنت التي تبث فيها البرامج الإباحية المحرمة والسلوكيات غير السوية بين الجنس الواحد من خلال قنوات مخصصة لهذا الجانب أو من خلال المسلسلات الخليعة التي تظهر هذه العلاقة على أنها علاقة عادية، وأيضاً البعد عن المنهج الإسلامي في التربية وترك الأطفال للعاملات المنزليات اللاتي قد يعانين من اضطرابات تساهم في نشر بعض أنواع الشذوذ العاطفي لدي الأطفال والمراهقات. أسباب الظاهرة 1- ضعف التربية الدينية 2- غياب القدوة التربوية للفتاة 3- الفراغ العاطفي 4- التجمل الزائد 5- فساد بعض وسائل الإعلام 6- الحرية الزائدة حلول مقترحة لمعالجة الظاهرة المداومة على ذكر الله تعالى مصاحبة الصالحات تغيير البيئة الفاسدة التعريف بحقيقة الحب في الله وماهي معاييره وضوابطه نشر الوعي وخطر المشكلة التمسك بالآداب الإسلامية في التربية والتثقيف الصحي وعدم الحياء في تثقيف وتدريس الثقافة العاطفية الشرعية السليمة في المناهج الدراسية. – تشجيع الزواج المبكر. – الرقابة على المجتمعات النسائية وتوعية الفتيات. - توفير الخدمات الصحية النفسية لعلاج الفتيات اللاتي يعانين من هذه الاضطرابات في جو من السرية.