يلتهم خروفا في 30 دقيقة    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    إصابة طبيب في قصف إسرائيلي استهدف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    اختبارات الدور الثاني للطلاب المكملين.. اليوم    "مركز الأرصاد" يصدر تنبيهًا من أمطار غزيرة على منطقة الباحة    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    «الغرف»: تشكيل أول لجنة من نوعها ل«الطاقة» والبتروكيماويات    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    رصد أول إصابة بجدري الماء في اليمن    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    آل غالب وآل دغمش يتلقون التعازي في فقيدهم    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    المملكة تعزز التعاون لمكافحة الفساد والجريمة واسترداد الأصول    نائب وزير التجارة تبحث تعزيز الشراكة السعودية – البريطانية    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    القِبلة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    30 عاماً تحوّل الرياض إلى مركز طبي عالمي في فصل التوائم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    تأثير اللاعب الأجنبي    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    مستقبل جديد للخدمات اللوجستية.. شراكات كبرى في مؤتمر سلاسل الإمداد    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشّذوذ الجنسي.. الغواية الشيطانيّة حينما تتلبّس الفطرة الإنسانية..!!
نشر في المدينة يوم 17 - 06 - 2011

باتت ظاهرة «الشذوذ الجنسي» الشغل الشاغل لكثير من الشرعيين والتربويين والخبراء النفسيين والأطباء الذين تباروا جميعهم في تقديم أسباب هذه المشكلة وطرق علاجها، كل بما يعلم وبحسب الخلفية العلمية التي يتمتع بها، فهناك من يرى أنّ أسباب الشذوذ الجنسي تعود في بعضها إلى أسباب عضوية أو وراثية كإفرازات في الغدد الصماء الداخلية، أو إلى أسباب نفسية، وبالتالي فهو أمر خارج عن سيطرة كثير من الناس، وهنا من يرجعها إلى أسباب شرعية وأخلاقية وتربوية بالدرجة الأولى، إضافة إلى ذلك فإنّه انتشرت في الآونة الأخيرة حالات وأنواع مختلفة من الشذوذ الجنسي غير اللواط والسحاق، مثل: السادية والماسوشية فما هي الأسباب التي أدت إلى انتشار أنواع جديدة من الشذوذ؟، أسئلة طرحناها على عدد من الشرعيين والخبراء النفسيين والاجتماعين في هذا التحقيق التالي:
بداية يعتبر الخبير في الشؤون الاجتماعية والأسرية الشيخ مازن الفريح الشذوذ الجنسي جريمة دينية وأخلاقية، ويقول: أعلن الله عز وجل الحرب على من مرتكبي هذه العادة الذميمة بالقذف بالحجارة حيث عاقب قوم لوط بهذه الجريمة النكراء، ولو كانت هناك مبررات أخرى للشذوذ غير الوازع الديني لما عاقب الله سبحانه وتعالى قوم لوط على أفعالهم، فهي ناتجة بالدرجة الأولى عن الحس الديني والأخلاقي، المجتمعات المحافظة نجدها من أقل المجتمعات التي تظهر فيها هذه الجرائم وهذا يدل على أنّ الانفلات الأخلاقي من أكبر الأسباب التي تصيب المجتمعات بهذه الظاهرة، فالمجتمعات الغربية يكثر فيها هذا الشذوذ نتيجة البرود الجنسي الناتج عن التعري والذي يؤدي إلى إيجاد الشذوذ.
ويؤكد الفريج أنّ المجتمعات الغربية تسعى بسبب انتشار حالات البرود الجنسي لديهم إلى إيجاد وسائل إثارة جنسية من خلال اللجوء إلى الشذوذ سواء بإتيان الزوج لزوجته في دبرها أو إتيان الذكر مع نظير مثله، أو المرأة لامرأة مثلها، حتى وصل بهم الحال إلى إعلان تشريعات وقوانين تحمي من يمارسون هذه الأفعال الشاذة التي ترفضها البهائم.
وقول الفريح: ابتعاد المرء عن ربه وقلة الوازع الديني لديه أدى إلى هذا الانحراف، ودليل هنا قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)، إضافة إلى أنّ ضعف التربية الإٍسلامية من أهم الأسباب التي أدت إلى ظهور الانحرافات الأخلاقية، علاوة على أنّ وسائل الإعلام والاتصال وسهولة الوصول إليها من قبل المراهقين واستخدامها بطريقة غير سليمة أدت كلها مجتمعة إلى انتشار ظاهرة الشذوذ في المجتمعات العربية.
ويبيّن الفريح أنّ الفقهاء أقروا بوجود حالات شاذة بها تشوّه خلقي في الشخص منذ ولادته مثل: الخنثى الذي توجد لديه أعضاء ذكورية وأنثوية واضطراب في الهرمونات، لكنهم لم يجعلوها ذريعة لممارسة الانحرافات الأخلاقية، مشدداً على أنّ توفر البيئة الأخلاقية والتربوية والإجتماعية الصحيحة تعصم المرء من مثل هذا الانحراف.
سبب الشذوذ
من جانبه يؤكدّ الخبير النفسي والتربوي والعضو المؤسس للهيئة العالمية للمرأة والأسرة المسلمة الدكتور خالد باحاذق أنّ الله سبحانه وتعالى خلق الناس ذكوراً وإناثاً، لكن هناك أشخاص يكونون في طبيعتهم كرجال لكن بعض الخصائص الذكورية لديهم ناقصة ويحملون بعض الخصائص الأنثوية والعكس صحيح، وهذا يعود إلى عدة أٍسباب من ضمنها اختلاف الهرمونات وهذا يحتاج إلى عملية طبية لكي يتحول إلى شخص آخر.
وينتقل باحاذق للحديث عن السبب النفسي في الشذوذ الجنسي كظاهرة زنا المحارم التي هي أحد الأسباب في تحوّل كثير من النساء إلى الشذوذ الجنسي، فكثير من الإناث يعلن عدم رغبتهن في الزواج بسبب مشهد أو منظر رأينه في حياتهن أدى إلى كرههن للرجال، فبسبب تعرضهن لاغتصاب من أحد الأقارب أو مشاهدة لحالة من زنا المحارم فإنّه يصل الحال بهؤلاء إلى عدم قبول أي رجل للزواج، منوهاً إلى أنّ كثيراً من الفتيات لديهن الرغبة في العلاج من هذه الظاهرة، لكنّها بحاجة إلى علاج طويل وجلسات مع طبيب نفسي للتغلب عليها.
ويشير باحاذق إلى أنّ بعض الصبيان الذين يتعرضون لعملية اغتصاب في سن مبكرة قد يؤدي بهم الحال إلى الشعور بلذة عاطفية وليست جنسية، فتتطور هذه الحالة معهم وتظل تطارده حتى عندما يكبر في السن، إضافة إلى أنّ دافع الفضول لدى البعض قد يؤدي بهم إلى ممارسة هذه الظاهرة من باب تقليد الآخرين، مشدداً على أنّ الشخص الفاعل في اللواط لابدّ أن يتحول إلى مفعول به بعد مرور الزمن، خصوصاً عندما يكبر في سنه وعندها ترى كثير من الأشخاص الكبار في السن يلاحقون الصبيان ليفعلوا به، موضحاً بأنّ أي شخص لديه القدرة على الامتناع عن ممارسة الشذوذ الجنسي إذا أراد، حتى وإن كانت هناك أسباب أخرى تقوده إليها، إذ أنّ هناك ضوابط شرعية وأخلاقية يستطيع الإنسان من خلالها أن يمنع نفسه عن ممارسة مثل هذه الأفعال، منوهاً إلى أنّ قضية الاحتياج لإشباع رغبات الإنسان موجودة في فكره، حيث لابدّ من توفر ضوابط معينة تحكم هذه الطبيعة في النفس حتى لا تخرج عن إطارها الصحيح.
وحول انتشار حالات وأنواع مختلفة من الشذوذ الجنسي كظاهرة «السادية» فإنّ باحاذق يعتبرها مرض نفسي ويمكن علاجه، ويقول: يعود السبب الرئيسي لهذه الظاهرة إلى تعرض الشخص إلى علاقة سيئة مع طرف آخر، سواء كان من طرف الوالدين، أو بسبب افتقارهم لحنان الآباء واحتضانهم لهم، مما يجعل الشخص يشعر بأنّ هذه الحالة أمر طبيعي بالنسبة له، فيؤدي به الحال إلى ممارسة العنف مع زوجته ويشعر بعدها بنوع من المتعة أثناء ذلك ويشعر براحة نفسية كبيرة ، مشدداً على أنّ مثل هذه الظاهرة تستدعي علاج الشخص المصاب بها خصوصاً إذا ما تحول إلى العنف الشديد.
ويؤكدّ باحاذق أهمية علاج الجانب النفسي المتسبب في ظاهرة الشذوذ الجنسي من خلال تعديل السلوك ومحاولة الوصول إلى وجدان الشخص والمشاعر التي صاحبت تعرضه لهذا الحدث، مشيراً إلى أنّ كثيراً من الفتيات اللواتي مارسن السحاق كن قد تعرضن للاغتصاب ومارسن الزنا ومن ثم وصل بهن الحال إلى الشذوذ الجنسي، لكن ومع ذلك يستطعن التغلب على مثل هذه الحالة وتعديل السلوك من خلال القيام بعدة جلسات مع طبيب أو خبير نفسي، موضحاً بأنّ الاكتفاء بتحريم الأمر دون دراسة الظاهرة وتحليلها جيداً لا يكفي لعلاجها مع توفر الرغبة الصادقة لدى الشخص المريض في العلاج والتخلي عن ممارسة الشذوذ، أما إذا لم تتوفر للشخص الرغبة في العلاج فلن يتمكن الخبراء والأطباء النفسيين - بحسب باحاذق - من علاجه وتعديل السلوك الذي يعاني منه.
مرض يحتاج للعلاج
من جهته يعتبر الأستاذ المساعد في علم النفس الجنائي والخبير النفسي الدكتور ناصر العريفي، أنّ الشذوذ الجنسي يعدّ مرضاً يحتاج إلى العلاج، مشيراً إلى أنّ أسباب ممارسة الكثيرين لظاهرة للشذوذ الجنسي تعود إلى بعض العوامل الدافعة لذلك مثل: العوامل الاجتماعية كأن يتعرض لحادثة مسبقة من خلال الاعتداء عليه سواء كان شاباً أو فتاة فيمكن حينها أن تؤدي به إلى ممارسة الشذوذ الجنسي، موضحاً بأنّ هناك بعض الدراسات الحديثة توصلت إلى أنّ هناك جينات وراثية اكتشفها بعض العلماء تؤكدّ بأنّ هناك جين خاص يكون مسؤولاً عن التصرفات العدوانية وجين آخر يكون مسؤولاً عن الشذوذ وهذا يعود بطبيعة الحال إلى وجود خلل في الجين الوراثي وقد يؤدي إلى الشذوذ الحاصل عند بعض الأشخاص، إضافة إلى أنّ العوامل الاجتماعية، والعوامل المحيطة به فإذا كان ذكراً فإنّه يكون نتيجة تعرضه إلى اعتداء في سن مبكرة، والممارسة الجنسية مع الأطفال تؤدي إلى التعود عليها فأصبحت عادة سلوكية له، أما إذا كانت فتاة فإنّه قد يكون السبب في ذلك هو ميل الأنثى إلى تكوين علاقات جنسية مع مثيلتها في الجنس و هذا يعود إلى الكبت النفسي أو إلى خبرات سابقة قد تعودت عليها ومن ثم تحولت إلى عادة سلوكية مما يؤدي إلى عدم تكوين علاقة جنسية صحيحة مع زوجها أثناء الممارسة، وهذا يؤدي في نهاية الأمر إلى الطلاق، فكثير من حالات الطلاق يكون سببها الشذوذ الجنسي المتأصل لدى أحد الطرفين.
ويتحدث العريفي حول ظاهرة السادية والماسوشية المنتشرة بين النساء والرجال، مؤكداً بأنّه قد تكون عندهم الرغبة الملحة في إيذاء الغير وهذه تكون ناتجة عن شحنات عدوانية أو نوع من القهر والحب والرغبة في الانتقام من الطرف الآخر أو التلذذ بتعذيب الغير، بينما الماسوشية تعني التلذذ في إيذاء النفس والاستمتاع بتشويهها عبر جرح الجسد ونحو ذلك، وبعض الماسوشيين يرغبون أثناء الممارسة الجنسية بتعذيب النفس أو إيذائها وإلحاق الضرر بها، موضحاً بأنّ مثل هذا الأمر يعدّ نوعاً من الاضطراب النفسي سواء كان ذلك في ظاهرة السادية أو الماسوشية فيحاول الشخص تفريغ الرغبات العدوانية والمكبوتة، معتبراً أنّ هذه الظاهرة إذا ما كانت فيها ممارسة جنسية معتدلة لا تتعدى تحولها إلى إلحاق الضرر بالنفس أو الإيذاء الجسدي من خلال ممارسة العنف فإنّ هذا يعدّ صورة من صور التفريغ الاجتماعي دون أن يصل ذلك الأمر إلى العنف، أما إذا تعدى الشخص الحد الفاصل في هذه الظاهرة بالتلذذ دون السلوك العادي عندها تتحول إلى حالة مرضية لها آثارها الاجتماعية والنفسية ويستدعي علاجها بأسرع طريقة.
ويعتقد العريفي أنّ التفسير الشرعي لظاهرة الشذوذ الجنسي يعدّ الأفضل في كل جوانب الحياة، لكن لا يمكن على حد قوله أن نهمل الجوانب الأخرى الاجتماعية والنفسية والتربوية لأنّ لها آثارها الكبيرة، فقد يكون الشخص المصاب والمبتلى بهذه الحالة كاره لهذا التصرف لكن بسبب تعرضه لظروف سيئة في أيام حياته كالاعتداء عليه منذ الصغر عندها يكون هناك عامل اجتماعي ونفسي تسبب في تحوله إلى الشذوذ، وكذلك الجانب البيولوجي الذي وجد عند البعض إذ أنّ هناك تركيبة هرمونية داخلية ناتجة عن جين وراثي وهي نادرة جداً ولكنها موجودة وثبت ذلك من خلال الفحص الطبي المخبري وجود بعض الجنيات التي تلعب دوراً في الشذوذ الجنسي من خلال إفراز الجينات، مع عدم التشكيك بحسب رؤية العريفي في الجانب الديني و الأخلاقي و التربوي الذي يعدّ الأساس في الحد من هذه الظاهرة، فلا بدّ من الأخذ بجميع الأسباب المسببة للظاهرة حتى يؤدي ذلك إلى علاج الشخص و حمايته من الانحرافات الجنسية و السلوك الشاذ.
قضية اجتماعية
وفي الصعيد نفسه يرى المستشار الأسري و النفسي الدكتور حمود الصميلي أنّ الموضوع بالدرجة الأولى له علاقة بالجانب الاجتماعي و طبيعة البيئة التي ينشأ فيها الشخص منذ صغره، وكذلك عدم إغفال الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة، موضحاً بأنّ كل حالة يجب دراستها على حدة، فمثل هذه الظاهرة ينبغي على المعالجين أن لا يعمموها على الجميع، حيث أنّ هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة كالناحية الفسيولوجية و التكوين النفسي للإنسان، مشيراً إلى ظاهرة بنات «البوية» التي تبين أنّ أسبابها يختلف من شخص لآخر، فمثل هذه الحالات يتم علاجها بشكل منفصل عن أي شخص آخر و لا يتم تعميم الأسباب على الجميع.
ويعتقد الصميلي أنّ الله سبحانه وتعالى خلق كل إنسان على الفطرة ولا يعقل أن يخلقهم على ما دون الفطرة، منوهاً إلى أنّ كل شيء في هذه الحياة لابدّ أن ينظر له من النظرة لشرعية والاجتماعية، فإذا كان هناك أسباب أخرى تستدعي أن ينظر فيها فلا مانع من ذلك لكنّها تعدّ قليلة و نادرة.
أسباب أخرى
من جانبها تبدي عضو المجلس التنفيذي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين، استغرابها من وجود أسباب نفسية أو عضوية أو وراثية مسؤولة عن الشذوذ الجنسي: وتقول: «هذا غير معقول لا يمكن أن نعطي لجريمة الشذوذ الجنسي تبريراً بالمرض النفسي، و حتى إن كان يحمل مرضاً عضوياً أو نفسياً أدى إلى ممارسته الشذوذ فإنّه لابدّ من علاجه، فليست المسألة مرتبطة بالدرجة الأولى بخلل في الغدد الصماء أو في الهرمونات»، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنّ الوازع الديني و الخوف من الله هو من أشدّ العوامل لردع الشخص عند ارتكاب هذه الجريمة حتى إن كان يعاني من مرض أو خلل عضوي.
و عن ظاهرة السادية والمازوشية تعتبر زين العابدين أنّ هذه الظاهرة هي مرض نفسي لا بدّ من معرفة الأسباب التي تعرض لها الشخص منذ الصغر، كحادثة معينة أثرت عليه وأدت إلى تطورها حتى أصبح بهذه الصورة، فهي أساساً حالات شاذة ونادرة تعود بالدرجة الأولى إلى أسباب نفسية لا بدّ من معرفتها و معالجتها عند خبير نفسي. لكنّ زين العابدين ترى أنّه لا يوجد هناك أي مانع من البحث في جميع الأسباب المؤيدة لظاهرة الشذوذ الجنسي، فإذا ثبت فعلاً أنّ السبب في ذلك يعود إلى العوامل النفسية فلا بدّ على الفور من البحث عن العلاج، وإن كان عضوياً أو يتعلق بخلل في الغدد أو الهرمونات يجب أيضاً أن يسعى الشخص لإيجاد حل لها، مع عدم إغفال أنّ الوازع الديني هو السبب الأقوى في القضاء على هذه الظاهرة، مذكرة الباحثين والخبراء بأهمية التأكد من صحة الأبحاث التي تقول بأنّ هناك أسباب أخرى غير الأسباب التربوية و الأخلاقية تؤدي إلى ارتكاب ظاهرة الشذوذ حتى لا تتخذ مبرراً أو مسوغاً لارتكاب هذه الجريمة.
و ترى زين العابدين أنّه إذا ما ثبت فعلاً أنّ الشخص الممارس لجريمة الشذوذ لديه اضطرابات نفسية أو هرمونية في الغدد فإنّه هنا لابدّ من العمل على علاجه، و إعادة تأهيله مرة أخرى ليعود إلى طبيعته، أما إذا لم يكونوا كذلك و ثبت أنّ السبب يعود إلى عامل أخلاقي وقلة في الوازع الديني فهنا لابدّ من السعي إلى معاقبته من قبل الجهات المختصة.
العامل الاجتماعي
من جهته يعتبر الخبير و المرشد النفسي الأستاذ عبد اللطيف الجعفري أن التنشئة الاجتماعية لها الدور الأكبر في تحديد هذه الظاهرة، ويقول: حتى إن كان الشخص مصاباً بخلل في الجانب الفسيولوجي كاضطراب في الهرمونات أو الجينات، إذ أنّ التنشئة داخل الأسرة والعادات التي يكتسبها الشخص منذ نعومة أظفاره تعدّ هي الأساس في تحديد سلوكيات الشخص، لكن ربما يكون بحاجة إلى علاج طبي في هذا الجانب لتخفيف الحالة لديه ومحاول تعديل سلوكه، مؤكداً بأنّ هناك بعض الحالات النادرة قد خلقت منذ الصغر وتحمل بعض الخلل في الوظائف والأعضاء، إلاّ أنّ هذه الظاهرة و مع ذلك عائدة بالدرجة الأولى إلى التنشئة الاجتماعية، فإذا كانت هذه التنشئة سليمة فإنّه لن تستطيع الهرمونات أو الجينات أو الأسباب الأخرى التغلب على إرادة الإنسان ودفعه لممارسة هذه العادة.
ويرى الجعفري أهمية أن يكون هناك رقابة دينية وأخلاقية منذ الصغر على الطفل، حتى لا يؤدي إلى تعليم الطفل على سلوكيات منحرفة و شاذة، فالرقابة من شأنها أن تسهم في التغلب على العوامل الأخرى المسببة للشذوذ الجنسي كالخلل في الهرمونات أو الجينات، إذ أن تعويد الطفل منذ صغره على مكتسبات سلوكية وتوجيهه نحو العادات والتصرفات الصحيحة حتماًَ سيؤثر على شخصيته في الكبر، موضحاً بأنّ الأسرة التي لديها ابن واحد أما البقية فهن فتيات خصوصاً إذا ما كانت هذه الفتيات يتقدمن عليه في السن فإنّ السلوكيات التي سيكتسبها هذا الطفل ستكون أنثوية، وهنا البيئة فرضت عليه الجانب الأنثوي أكثر من الذكوري رغم أنّه لا يوجد عنده أي خلل عضوي في الغدد أو الجينات لكن البيئة أجبرته على تشرّب هذه السلوكيات والعادات التي عند الأنثى.
أسباب مختلفة
أما الخبير والمستشار الأسري الدكتور عوض مرضاح، فإنّه يرجع هذه الظاهرة إلى أسباب مختلفة يحددها بقوله: من الأسباب الشائعة الناحية المتعلقة بتربية الطفل على عادات سلوكية واجتماعية معينة منذ الصغر، وكذلك فإنّ هناك سبب آخر مثل تأثر الشخص ببيئات مختلفة قد نشأ بها كالمدرسة والأسرة والمجتمع، خاصة المراحل الأولى المبكرة من نشأته، إضافة إلى أنّ الاستمرار في ممارسة الفعل مرة تلو أخرى يؤدي إلى تكوين برمجة سلبية سلوكية عند الشخص من الصعب أن يتركها، وكل سبب من هذه الأسباب له تفريعاته ودوافعه، علاوة على أنّ وسائل الإعلام في العصر الحديث باتت تلعب دوراً مهماً وواضحاً في بلورة سلوكيات الإنسان.
وحول ظاهرة السادية والماسوشية يرى مرضاح أنّها متعلقة بوجود اضطراب نفسي وسلوكي أو قد تكون اضطرابات جنسية وهرمونية، حيث إنّ الجنس موجود في كل شخص لكنّه قد ينحرف عن مساره الصحيح بسبب هذا الاضطراب، أما الاضطراب النفسي فقد يكون متعلقاً بخلل في الدماغ أو عوامل نفسية كالقلق والاكتئاب فيضطر الإنسان إلى تفريغ حالته النفسية عن طريق ممارسة الشذوذ، وقد يكون اضطراباً سلوكياً بحيث لا يكون سوياً في تصرفاته وأفعاله، منوهاً إلى أنّ البعض لا يحبذ إثارة مثل هذه القضايا أمام الآخرين إما حياء منهم أو خوفاً من إثارتها أمام العامة، لكنّ في ظل الانفتاح الإعلامي العالمي إذا لم تتحدث الشخصيات من أصحاب الفكر المستنير في مثل هذه القضايا ويعملوا على طرحها بشكل إيجابي فإنّه حتماً سيعمل الآخرون على طرحها بشكل سلبي وبالتالي ستوثر على المجتمع.
المسؤولية الأخلاقية
وفي نفس الإطار يقول رئيس المحكمة العامة بمحافظة القطيف الدكتور فؤاد الماجد: الجانب الأخلاقي هو المسؤول بشكل أساسي على تحديد سلوكيات الإنسان، أما فيما يخصّ الجانب الوراثي فهذه الحالات نادرة وليست موجودة بكثرة، إذ أنّ البيئة لها تأثير كبير على الشخص لقول النبي صلى الله علبه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»، فإذا كان الوالدان متطبعان بأخلاق سيئة فإنّ الابن أو الابنة سيأخذون عن والديهم هذه الأخلاق السيئة، إضافة إلى أنّ بيئة المجتمع تلعب عاملاً مهماً في تحديد سلوكيات الشخص، وكذلك فإنّ طبيعة الأصحاب والأصدقاء تحدد طبيعة الإنسان ومساره في الحياة، فالصديق أو الصاحب لم يعد يقتصر على المدرسة أو العمل وإنّما تعدى ذلك إلى مواقع التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة والمحادثات التي أسهمت بشكل كبير في التأثير على كثير من الأشخاص في مراحل عمرهم، فأصبح الكمبيوتر والإنترنت أحد أهم وسائل التأثير على سلوكيات الإنسان إما سلباً أو إيجاباً.
ويؤكدّ الماجد أنّ الشريعة جاءت دائماً بالحرص على الوقاية من الداء قبل وقوعه، حيث إنّ الدفع أسهل من الرفع، فهذه قاعدة فقهية يذكرها العلماء، والعلاج قد يكون مكلفاً ومتعباً بالنسبة للشخص خصوصاً بعد وقوع الداء، موضحاً في الوقت نفسه بأنّ الأسباب الشرعية في تحليل ظاهرة الشذوذ الجنسي هي الأصل، ومسألة إيجاد أسباب أخرى لهذه الظاهرة يعطي مبرراً لنشر مثل هذه الظاهرة، فمادام أنّ الإنسان بالغ عاقل ومسلم فإنّ حدود الله تقام عليه ولا يتم تعطيلها، أما إذا كان هذا الشاذ مصاب بخلل نفسي تجعله لا يدرك أفعاله وتصرفاته التي يقوم بها هنا لابدّ من علاجه ومحاولة إعادة تأهيله في مراكز التأهيل حتى لا يؤدي ذلك إلى ضرر على المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.