هل هناك (وأد) أكثر من ذلك؟! للدكتور مرزوق بن تنباك رأي صائب يؤكد فيه أن قضية (وأد) البنات في الجاهلية لم تكن ظاهرة متفشية بين القبائل، ولكنها كانت شبه فردية ومقتصرة في زمن محدد على فئة قليلة من قبيلة معينة، ونظرا للبشاعة وفداحة هذا الأسلوب، نزل القرآن الكريم منددا بها بقوله تعالى: «وإذا الموءودة سئلت * بأي ذنب قتلت»؟! وحجة أو منطق الدكتور مرزوق يقول: لو أن ذلك الأسلوب كان ظاهرة شاملة لانقطعت أرحام النساء تماما وتبعها طبيعيا أيضا نسل الرجال كذلك. غير أنه من المؤكد أن أغلب الرجال - خصوصا (الملتزمين) منهم - يفضلون إنجاب الأبناء الذكور على الإناث، وعبر عن ذلك المولى عز وجل عندما قال: «وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم». وها هو أحدهم يزمجر قائلا المرأة لا بد لها من حارس، وهو الولي لأنها قاصر، فالنساء لحم على وضم إلا ما ذب عنه. وهذا ما هو إلا نوع مؤلم من أنواع (الوأد)، إذن فثقافة الوأد ما زالت تسري في شرايين هؤلاء منذ عصر الجاهلية حتى الآن، رغم حملهم لشعارات الإسلام ليل نهار، نعم، إن ما زال فيهم (جاهلية) تتخبّط. ولكي أثبت لكم ذلك، اقرأوا معي ما قالوه قبل خمسين عاما عندما عزمت السعودية إدخال بعض المواد الحضارية العصرية على مدارس البنات - وهذا كلام موثق لا افتراء فيه، اقرأوا بالله عليكم ما يقولون: «أيها المسلمون، يا أهل الغيرة والأنفة، اسمعوا لهذا التصريح الشنيع الذي يقصد منه إرغام أهل الخير، ومجاراة الأمم المنحلة، في تعليم بناتكم الحساب والهندسة والجغرافيا، ما للنساء وهذه العلوم، تضاف إلى ما يزيد على أحد عشر درسا، غالبا لا فائدة فيها، إنها لمصيبة وخطر عظيم على مجتمعنا. إن تعليم المرأة على هذه الصفة، هو مصدر انحطاط الأمة، وسقوط في الهاوية، إن هذا التعليم سبب لتمرد المرأة وخروجها عن تعاليم دينها». واليوم وبعد خمسة عقود ها هم يتصايحون بعد أن نما إلى سمعهم أن وزارة التربية تريد أن تدخل التربية الرياضية إلى مدارس البنات، وإليكم ما يجعجعون: «فإنه قد بلغنا أن وزارة التربية تعتزم إدخال التربية البدنية في مدارس البنات وهذا مطلب للمستغربين منذ سنين وهم لا يفترون عن تحقيق مطالبهم، فلم يزل يطرح هذا الموضوع ويعرض على الجهات الرسمية المعنية بشؤون الأمة ويؤيد ذلك بعض الكتاب والصحافيين وبعض المتأولين الذين لا يفكرون في مآلات الأمور ولا في الدوافع الحقيقية، ومن يتدبر حقيقة الأمر يدرك أن الدافع لهذا المطلب هو تنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة للقضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة، كما في المادة العاشرة فقرة (خ) ونصها: (التساوي في فرص المشاركة النشطة في الألعاب الرياضية والتربية البدنية)، فإدخال الرياضة البدنية في مدارس البنات هو جزء من وجوه تغريب المرأة في هذا البلد المبارك». وإنني لأتساءل: هل هناك (وأد) أكثر من ذلك؟! [email protected]