حقيقة لم يصدمني ما شهدته خلال بحثي الدؤوب عن صالون للحلاقة يمنع التدخين من صعوبة بالغة، بل و الأدهى أن معظمها تحمل لافتة ممنوع التدخين. لم يصدمني أيضاً منظر أحد الصالونات حيث سحب الدخان تكاد تحجب الرؤية ما منعني من دخوله بتاتاً ... الصدمة حقيقة حينما شهدت سيناريو عنيف دار بين شاب في العشرينات من عمره تجرأ و أبدى انزعاجه من مدخن في الأربعينات من عمره على أقل تقدير، و ذلك أن الأربعيني المتهالك (الذي تظهر عليه وعثاء التدخين و كآبة المنظر) كان يجلس بجوار الشاب العشريني و السيجارة يحملها في يده اليسرى جهة الشاب، الشاب حاول استجماع صبره و أبدى انزعاجه من الموقف إلا أن المدخن أخذته العزة بالإثم و قام بنفخ الدخان في وجه الشاب ما أطلق حواراً ساخناً استوقفني فيه تعليق المدخن أن قال للشاب "أنت قليل ذوق و ما تستحي" الحقيقة أنك أنت قليل الذوق يا صديقي المدخن و ذلك من عدة جوانب حيث لم تراعي الجانب الصحي فتحترم نفسك و تعطيها حقها من الصحة، و لم تراعي مجتمعك بأن تنفث سمومك في كل مكان مغلق من المطار إلى المطاعم إلى الأسواق إلى صالونات الحلاقة دون أن تحسب حساب مريض بحاجة لهواء لا ينقصه تلوث لتزيد عليه همه، أو طفل في طور النمو، أو حتى شخص لا تروق له رائحتك، و لم تراعي الجانب النظامي فتمتنع عن التدخين داخل المستشفيات و داخل أروقة الجامعات و المباني الحكومية، فهل يعكس ذلك سلوك و أخلاق المدخن أم أنهم ليسوا سواء فمنهم من يحاول جاهداً أن يكبح جماح الميل الطبيعي لقلة الذوق الذي اشتهر به المدخنين، أم هل ذلك سلوك الشخص دوماً فظهر لنا في التدخين. إن رمي أعقاب السجائر في كل مكان لا يعكس سوى قلة ذوق و عبثية يشابهها رمي النفايات من السيارات في الطرقات العامة، كل ذلك يقودنا إلى وجود أزمة أخلاقية يعيشها مجتمعنا لا أملك فهم جذور نشأتها و لا طرق علاجها إلا أن هناك من يجب أن يقف في وجه هذه الظاهرة بالدراسة و التحليل و استنتاج الحلول و اقتراح آلية لاستئصالها تتناسب مع العصر الذي نعيشه فلم تعد تجدي نفعاً قائمة (افعل و لاتفعل). لفتة: لم أجد حتى الآن صالون حلاقة على استعداد أن يمنع التدخين حتى لو كلفه ذلك الزبون ... و إجابتهم "كل الناس بتدخن أو بتعايش مدخنين" * مهندس حيوطبي.